إعتذر ناجي شقيق محجوب شريف وحمدوك عن الوزارة..لماذا تتهافت الحكومة على مُعارضيها؟

في الوقت الذي كان يرقد فيه شاعر الشعب محجوب شريف في مستشفى (تقى) بامدرمان مشغولاً عن مرضه بكتابة قصيدة

هي في الاصل رسالة للشعب السوداني؛ واصفا إياه بانه “الاول وما بتحول وتب ما عندي كلام بتاول انت الاول وكل العالم بعدك تاني”، في تلك اللحظة كان وزير الصحة بولاية الخرطوم مامون حميدة ينوي زيارة محجوب في المستشفى، لكن الراحل اخبر ادارة المستشفى بان هذه الزيارة غير مرغوب فيها وان من حق حميدة ان يزور المستشفي لكن يجب ان يكون ذلك بعيداً عن الغرفة التي يستشفي فيها ساعتها عاد الوزير بخفي حنين وخرج مجحوب من المستشفى ملفوفاً بناصع البياض مات هو وبقي ضميره في تمام الحياة

كانت المفارقة فان النظام الذي اتهم الراحل محجوب شريف جنود حملات تفتيشه بسرقة (الغويشاية) في تسعينات القرن الماضي يسمى شقيق المحجوب وزيرا للدولة بالمالية يفعل ناجي شريف الكاتب الصحفي وخريج كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم ما فعله شقيقه وبلغة غاية في التهذيب يرفض منصب كونه وزيرا للمالية في حكومة رئيس الوزراء معتز موسى.

قال ناجي شريف ساعتها مؤسف ان يكون المرء دون توقعات الاخرين وطموحاتهم وأن يعجز عن تلبية نداءات أعزاء منحوه ثقتهم ووضعوا على ظهره أحمالهم ويكمل إن إعتذاره عن المنصب هو رغبته فان يقي الناس من احتمالات عجزه وكوارثها حتى لا يقتلهم آخر الأمر بالخذلان اذا ما جاء ادائه عكس ما يشتهي الناس بالنسبة لناجي فان البعض حاول تفسير موقفه وإعتذاره بناء على دعم حججهم ومنطلقاتهم الذاتية، لكنهم لم يفلحوا في تحصيل الحقيقة يكمل ان التكليف الوظيفي الوزاري لم تطيقه نفسه، لكنه في المقابل يضع كل معارفه ان كانت تخدم الناس متى شاؤء ذلك ولا يريد منهم جزاءً ولا شكورا، يختم اعتذاره عن تولي المنصب بشكر رئيس الوزراء معتز موسي والتمنيات بالنجاح في تحقيق تطلعات الناس.

بالطبع انتهى مشهد ناجي شريف الى ذات ما انتهى إليه مشهد دكتور عبدالله حمدوك، بالاعتذار عن شغل المنصب الوزاري، بالطبع السؤال هنا يتجاوز أسباب ومُبررات الرفض التي بدت منطقية لدى الرجلان؛ لسؤال آخر يتعلق هذه المرة بتهافت السلطة لكسب وُد من كانت قد ازاحتهم في وقت سابق عن المناصب؛ فحمدوك الذي أُحيل للصالح العام في العام 1989 هو ذاته الرجل الذي قطعت من اجل تحصيل قبوله الوفود الطرقات بين الخرطوم والزهرة البيضاء بالنسبة لدوائر المعارضة، فان المشهد يعبر تماماً عن بؤس السلطة في واقعها الراهن وعن عجزها عن ايجاد مخرج لازمات هي من صنعتها لم يتوقف الامر عند حد (السخرية) التي بدات وكانها الشئ الوحيد الذي تملكه المعارضة في واقعها المتجاوز لحالة البؤس للشعب نفسه الذي انخرط في موجة سخرية من الحكومة الجديدة وهو يعيش ويتبادل العبارة (الصدمة) منتهجاً اسلوب النكتة مثل التعبير عن ردة فعل حمدوك وهو يقول ( تاكلوا تلاتين سنة وتجيبوني شان اغسل العدة).

كان مشهد استدعاء من يرتبطون بالمعارضة يبتدر قبل اسبوعان من حل الحكومة حين وضع احمد محمد عثمان كرار يده علي القسم ليصبح وزيراً في الحكومة التي كانت قد اعدمت والده من ضمن 28 ضابطاُ في حركة الخلاص الوطني في رمضان من العام 1990 وهو المشهد الذي اثار جدلا كثيفاُ حول موقف الشاب، الذي اهمه البعض بانه قد باع دم والده في سوق نخاسة السياسة فيما يبدو المشهد المتعلق بالتطلع لايجاد داعمين جدد هو احد السلوكيات التي برعت فيها الانقاذ منذ صعودها واعتبرته أحد آليات الحصول على الشرعية المفقودة، ففي العام 2011 كان ابناء السيدين الميرغني والمهدي يجلسان في القصر الجمهوري تسبقهما صفة (مساعدي) الرئيس الذي انقلب علي سلطة والديهما المنتخبة فيما يظل السؤال هل حقق هذا التوجه المطلوبات التي كانت تسعي لتحقيقها السلطة؟

يعتذر ناجي شريف عن المنصب ويحتفظ باسبابه وان كان قد اعلن بعضها مثل ان نفسه عافت المنصب ولم تطيقه ينفي ان يكون للامر علاقة بمواقف سياسية تربطه بمنظومة سياسية تقف في محطة المعارضة او احد احزابها فيما لا يخرج الامر بحسب مقتضيات المشهد العام مما كان يردده ابومريم ومي طوال سنين حياته وهو ينشد “حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ وطن عاتي وطن خيّر ديموقراطي” ولا يمكنك التوقف دون الوصول الى ما تبقى من حروف القصيدة محل الفرد تتقدم قياداتنا الجماعية.

تاق برس

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.