زهير السراج: رئيس الوزراء (المخلوع) !!

رئيس الوزراء (المخلوع) !!
______
مناظير – زهير السراج

* ذكَّرنى حديث رئيس الوزراء (المعتز بالله) بأن السودان سيدخل ضمن الدول العشرين العظمى، بنكتة تروى عن أحد الحجاج المصريين رفع يديه فى جبل عرفات داعيا الله بأن يجعله من العشرة المبشرين بالجنة، فسمعه حاج آخر وقال له (يعنى هيطلع مين ويدخلك مكانه؟) !!

* قلت امس اننا ربما نشهد أكثر حكومة مهزلة فى تاريخ السودان الحديث بدأت بحديث (الصدمة)، ثم إمهال رئيس الحكومة لأعضاء حكومته مدة (24 ) ساعة فقط لتقديم خططهم ومشروعاتهم، وها هو المسلسل الكوميدى يستمر بتوقع سيادته دخول السودان ضمن العشرين دولة العظمى فى العالم بحلول عام 2038، فى حديث له خلال زيارة الى بنك السودان المركزى قال فيه: ” نحن محتاجين الى عشرين سنة قادمة بنمو متسق لا يقل عن ( 7 %)، وإذا عملنا الكلام ده، السودان سيكون ضمن العشرين دولة العظمى”، وأضاف: ” صدقونى، الدول التى تطورت ووصلت العالمية ما أشطر ولا أفضل، ولا عندهم موارد زى مواردنا” .. إحتمال، لكين ما عندهم حكام لصوص وفاشلين زى حكامنا!!

* الأحلام مشروعة، ولا اريد تكسير مجاديف الراجل، ولكن كدى فى الأول نشوف العشرة المبشرين بالجنة ديل منو، والعشرين دولة العظمى التى يريد المعتز بالله، أن يزيح احداها ويحتل مقعدها فى الترتيب العالمى، مع العلم انه ليس هنالك ما يطلق عليه اسم (العشرين دولة العظمى)، وإنما هنالك مقاييس أخرى مثل أفضل عشرين دولة من حيث النمو الاقتصادى لعام كذا، ومن حيث الدخل القومى ودخل الفرد لعام كذا، والدول الأكثر رفاهية، والدول الأكثر شفافية، والأكثر فسادا حسب مؤشر كذا لعام كذا .. وهكذا، ولكن ليس هنالك معيار أو مؤشر عالمى لتحديد أعظم الدول فى العالم هكذا بدون تحديد مجال هذه العظمة .. !!

* بالنسبة لمواطن عادى ليس هنالك مشكلة فى أن يحلم ويهضرب كما يشاء، ولكن بالنسبة لشخص يشغل منصب رئيس الوزراء ووزير المالية بالاضافة الى انه خريج اقتصاد، وله عدة ماجستيرات (من جوة)، وبدأ (حسين خوجلى) يطلق عليه منذ توليه المنصب الرفيع لقب (دكتور)، مفروض يوزن كلامه ويورينا حنبقى من العظماء العشرين فى شنو .. معدل النمو الاقتصادى، الناتج القومى، دخل الفرد ..إلخ، موش أى كلام، ومافى لزوم للكلام أصلا كل لحظة والتانية، الوقت للعمل وليس للكلام عن الاحلام!!

* العشرة المبشرون بالجنة (عليهم رضوان الله)، هم: أبوبكر، عمر، عثمان، على، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيدالله، عبدالرحمن بن عوف، سعد بن ابى وقاص، ابوعبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد .. فأى هؤلاء يريد الحاج المصرى الطموح أن يحل محله؟!

* أما الدول التى يُطلق عليها مجموعة العشرين (وليس العظمى) فهى: الصين والهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية والسعودية (من آسيا)، وجنوب أفريقيا (من أفريقيا)، والأرجنتين والبرازيل (من أمريكا الجنوبية)، وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وتركيا (من أوروبا)، وأمريكا وكندا والمكسيك (من أمريكا الشمالية)، وأستراليا .. فأى هذه الدول يريد المعتز بالله أن يحل محلها ؟!

* هذه المجموعة تأسست فى عام 1999 من عشرين دولة تمثل ثلثي التجارة وعدد السكان في العالم، وأكثر من 90 بالمئة من الناتج العالمي الخام، وهى تهدف إلى الجمع الممنهج لدول صناعية ومتقدمة مهمة بغية نقاش قضايا أساسية في الاقتصاد العالمي، وليس التباهى بكونها الأعظم فى العالم، كما يفكر اخونا المعتز بالله، ولم يشملها الاختيار إعتباطا، وإنما لأسباب عديدة على رأسها مدى التأثير على الحركة الاقتصادية العالمية !!

* لا أدرى فى ماذا كان يفكر رئيس الوزراء، وما الذى قصده من الحديث بأن السودان سيكون من الدول العشرين العظمى فى العالم بعد عشرين عاما من الآن، ولا أريد أن أؤثر ــ كما أسلفت ــ على حماسه بانتقاد احلامه، ولكن عليه أن يكون أكثر تركيزا، وأكثر موضوعية فى اطلاق التصريحات، حتى يقتدى به الآخرون، ولا يضيعون الوقت فى الاحلام والاحاديث الحالمة، ويعطون أملا مزيفا لأنفسهم وغيرهم، لن يتحقق !!

* خلونا نجد العذر لرئيس الحكومة الجديد فى احلامه وتصريحاته الجامحة، ونقول إنو لا يزال تحت تأثير الخلعة أو (الصدمة) من الجلوس على الكرسى الوثير، وندعو الله أن يفوق من خلعته بأسرع ما يمكن، إذا اراد أن يفعل شيئا يُحسب له !!
الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.