تعلقت به الآمال حصاد (الصيفي) .. أزمة سيولة تتهدده

لم يتوقع أحد أن تستمر مشكلة السيولة لفترة تمتد إلى حوالي عشرة شهور، فمنذ أن بدأت الأزمة في فبراير الماضي

، ظلت كل الجهود تنصب في سبيل إيجاد حلول لها خاصة فيما يتعلق بسحوبات ودائع الجمهور من البنوك، إلا أن كل الحلول التي طرحت لم تكن مرضية، رغم أن كثيرين يرون أن أزمة السيولة كانت مقصودة، وأديرت بحنكة عالية، ولكنها لم تحقق المطلوب منها، وهو انخفاض التضخم وتراجع الدولار في السوق، باعتبار وجود عدد من التجار يسحبون مبالغ كبيرة تؤثر على سوق النقد الأجنبي الموازي ترتفع من خلاله أسعار العملات الأجنبية.

وظلت البنوك تعاني من أزمة سيولة منذ فبراير الماضي إثر قرار قضى بتحجيم الكتلة النقدية للسيطرة على أسعار الصرف بعد لجوء مودعين لسحب أموالهم لشراء الدولار ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه.

أزمة

وتفاقمت أزمة السيولة، وشهدت الصرافات الآلية شحاً لافتاً، مع تجمهر المواطنين أمام البنوك ساعات طويلة للحصول على جزء من أموالهم. وعانى القطاع المصرفي من سياسات الحكومة بتحجيم الكتلة النقدية، ما أدى إلى عزوف العملاء عن إيداع مدخراتهم بالمصارف التجارية، الأمر الذي دفع ناشطين بمواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة إسفيرية لمقاضاة البنوك التجارية، وتداولوا عريضة قانونية وحرضوا المواطنين على رفع شكوى ضدها بسبب الضرر الواقع عليهم وبسبب حبس أموالهم لدى البنوك وعدم تمكنهم من الانتفاع بها.

شكوى المزارعين

ولم يتوقع أحد أن تمتد تلك الأزمة والتي لا زالت مستمرة إلى القطاع الزراعي الذي طاله شح السيولة، فلم يسلم منها المزارعون الذين استمرت شكواهم منذ بداية الموسم في التحضيرات وحتى اقتراب موعد الحصاد، ما دعا رئيس الوزراء، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي معتز موسى أن يخرج عن المألوف، ويعقد أولى جلسات مجلس الوزراء في ولاية الجزيرة بغية إيجاد حلول للزراعة، تأتي في مقدمتها مشكلة السيولة والتي بدا رئيس الوزراء مهموماً بها، مطالباً بتوفير السيولة، ورفع سقف التمويل للمزارعين لمقابلة احتياجات العروتين الصيفية والشتوية، كما حدد الوزير أن أزمة السيولة في طريقها إلى الحل ما بين 8-10 أسابيع.

عمال الحصاد

ومع بدء عمليات الحصاد في بعض مناطق الزراعة المطرية بدأت تظهر جلية تأثيرات أزمة السيولة على جني المحاصيل خاصة السمسم الذي يحتاج لحصاده في فترة قصيرة جداً، ربما يفقد المحصول كله بعدها، إذ يقف الآن أصحاب المشاريع عاجزين عن الإيفاء بأجور العمالة الموسمية التى تعمل على جني و”لم” محصول السمسم خاصة في ولايتي القضارف والنيل الأزرق.

وفي القضارف حذر مزارعون من تأثير أزمة السيولة في البلاد والولاية بصورة خاصة على الموسم الزراعي قائلين إن عمليات نظافة المحاصيل “الكديب” تحتاج إلى مبالغ مالية نقدية، لسداد مستحقات العُمال، كما أن محصول السمسم الذي شهد زراعة مساحات كبيرة تحتاج لعمليات نظافة عاجلة نظراً للإنبات الجيد الذي حققه المحصول، وشددوا على أن عدم توفر السيولة منع المزارعين من التعاقد مع العمال مخافة عدم الإيفاء لهم بالالتزامات.

التزام

وبما أن الشركات التي تعاقدت مع المزارعين لزراعة محصول القطن التزمت بتوفير مبالغ كبيرة في البنوك وسلمت المزارعين شيكات، إلا أن البنوك لم توفر سيولة ما جعل مزارعين يشكون منها خاصة في مشروع الرهد الذي وصل فيه محصول القطن إلى مرحلة الحش الثالثة، ولم يصرف المزارعون سلفيات، وأكد المزارع علي حويري بمشروع الرهد الزراعي القسم الأول، أن السيولة تشكل تحدياً وعائقاً كبيراً لمحصول القطن في هذا الموسم، ويرى أنه ورغم التزام الشركات المتعاقدة مع المزارعين لزراعة القطن بتوفير مستحقاتهم لكن المزارعين تفاجأوا بانعدام السيولة في البنوك، مشيراً إلى أن المزارعين حالياً يستلفون من التجار بصيغة ربوية.

تحضيرات الشتوي

عضو إدارة مشروع الجزيرة والمناقل، جمال دفع الله، أكد لـ(الصيحة) بداية الاستعدادات للموسم الشتوي بالمشروع مع زيارة رئيس مجلس الوزراء القومي معتز موسي للولاية الأسبوع الماضي، وأضاف أن رئيس الوزراء وجه بالبدء فوراً في تحضير وزراعة 400 ألف فدان قمحاً، وجه في جلسة المجلس بالمشروع البنك الزراعي لتمويل جميع المزارعين عبر جمعيات مهن الإنتاج الزراعي والحيواني، مشيراً إلى انعقاد اجتماع البنك الزراعي الخميس الماضي مع إدارة المشروع تم فيه اتفاق على فتح حساب بالبنك لجميع الجمعيات الزراعية، لافتاً إلى أن رئيس مجلس الوزراء وجه برفع سقف التمويل الزراعي من 50 مليوناً إلى مائة مليون للمزارع الفرد، مبيناً أن عمليات فتح الحساب للجمعيات التعاونية بدأت عبر فروع البنك الزراعي المتفرقة في ولاية الجزيرة والبالغ عددها 40 فرعاً، وذكر أن رئيس مجلس الوزراء وجه بتوفير السماد والداب واليوريا قبل بداية شهر نوفمبر، وكشف دفع الله عن توفير تقاوي القمح من قبل إدارة المشروع بواقع 400 ألف زنة 50 كيلو.

وفرة الوقود

وفيما يتعلق بالمواد البترولية للموسم الشتوي، أعلن دفع الله عن إلزام وزير النفط والمعادن في جلسة الوزراء بالجزيرة بتوفير 5 ملايين جالون من الجازولين بحصة أسبوعية بلغت 10 آلاف جالون لمقابلة تحضيرات زراعة محصول القمح ونثر السماد والمبيد بمشروع الجزيرة.

وحول حصاد الموسم الصيفي، أعلن دفع الله عن توفير البنك الزراعي السيولة لعمليات حصاد القطن والذرة والفول السوداني، مؤكداً بداية حصاد الذرة طابت، ود أحمد والفول السوداني بتوفير السيولة لعمليات الحصاد عبر البنك الزراعي، وقال: فيما يتعلق بحصاد القطن التزمت شركات القطاع بالمشروع التي حضرت اجتماع مجلس الوزراء بتوفير السيولة لحصاد المحصول، متمثلة في شركات البرير والأقطان وزادنا في مساحة 25 ألف فدان لكل شركة، فيما التزمت الشركة الأفريقية بتوفير السيولة لحصاد محصول القطن في 10 آلاف فدان.

الشمالية أقل ضرراً

أما مدير عام وزارة الزراعة بالولاية الشمالية، مهندس عبد الهادي الحاج، فقد أكد لـ(الصيحة) عدم وجود أزمة في السيولة حتى الآن، سوى بعض الإشكاليات في حصاد الموسم الصيفي، وقال إن الكميات التي وصلت من الجازولين للولاية لتغطية الحصاد 10 آلاف جالون، وأضاف أن حاجة الولاية للموسم الشتوي من الجازولين تبلغ 10 ملايين جالون بواقع مليون ونصف المليون شهرياً وصلت منها 650 ألف جالون في شهر سبتمبر، واصفاً الكمية بالمعقولة إلى حد ما، مشيراً إلى أن العمليات التي بدأت في الموسم الصيفي تمثلت في تحضيرات الأرض وتطهير الترع والقنوات، لافتاً إلى أن الاحتياج الحقيقي للجازولين يكون في شهر أكتوبر ونوفمبر لتغطية عمليات الزراعة والسماد ورش المبيدات، ونوه إلى أن انسياب الجازولين بالبلاد سوف يستمر بصورة عادية، وذلك بإعلان مجلس الوزراء عن وصول باخرة ميناء بورتسودان محملة بالجازولين تم توفيرها لإكمال عمليات الحصاد مما يعني أن الموسم الشتوي خارج التوزيع، وفيما يتعلق بالتقاوي أكد أن التقاوي المتوفرة بجانب التقاوي الجيدة لدى المزارعين تغطي حوالي مائة ألف فدان مما يعني وجود 20 ألف فدان تحتاج إلى تغطية، مؤكداً توفر سماد اليوريا والداب مع ارتفاع في أسعارهما حيث بلغ سعر الجوال من اليوريا 1650 جنيهاً والداب 650 جنيهاً للجوال، جازماً بأن السعر التركيزي للقمح يغطي جزءاً كبيراً في ارتفاع أسعار المدخلات.

آمال بزيادة المساحة

وأعلن عبد الهادي أن حجم المساحة المستهدفة للزراعة في العروة الشتوية بلغت 450 ألف فدان، منها 120 ألف فدان لزراعة محصول القمح، فيما تخصص الكمية المتبقية لزراعة الفول المصري والبقوليات والخضروات والتوابل والأعلاف والبساتين، جازماً بأن التحضيرات للموسم الشتوي تمضي بصورة طيبة، ومع نهاية شهر نوفمبر تكون الولاية أكملت تحضير المساحات المستهدفة للزراعة في العروة الشتوية.

الصيحة

Exit mobile version