ملاحظة عابرة لضباط شرطة فتحت قبر الأسرار.. العروس القتيلة كشفت قاتلها بعد 45 سنة

قرب منتصف ليلة 14 سبتمبر 1973، كان المحامي الأمريكي دوني رود، يقود السيارة ومعه عروسه نورين كوميتا رود، كانا على أحد الطرق الريفية بولاية إيلينوي، فجأة فقد رود السيطرة على السيارة التي انحرفت عن الطريق، انفتح الباب بجوار العروس نورين واندفع جسدها خارج السيارة، لتصطدم بصخرة على جانب الطريق. حينما وصلت الشرطة كان رأس العروس يرقد على حجر زوجها الذي كان يبكي.

مصرع نورين

لم يكن قد مضى سوى 27 يوماً على زواج رود ونورين حين وقع الحادث، كانت نورين في زيارة لمنزل أسرتها، ومر عليها رود بسيارته ليعودا إلى منزلهما، لكن لم يقدر لها أن تعود إلى المنزل مطلقاً، فعندما وصل الضابط كريستوفر بيش من شرطة الولاية وحاول تقديم الإسعافات لها، كانت نورين ميتة.

وفي تقريرها كتبت الشرطة أن نورين ماتت جراء كسور في العمود الفقري وانقطاع في الحبل الشوكي، ولم يتم تشريح جثة نورين قبل دفنها، وهي خطوة غير عادية، لكن التقارير استندت إلى رواية المحامي المرموق دوني رود، أيضاً كان الزوجان يعيشان في بلدة ريفية هادئة لم ترتكب فيها جريمة من قبل، حسب صحيفة ” الديلي ميرور” البريطانية.

رومانسية وزواج سريع

بدأت القصة الرومانسية بين المحامي رود وعروسه نورين عندما التقيا بينما كانا يعملان في مركز لتصنيع كعك الشوفان في قرية بارينجتون في ولاية إلينوي، كان رود يعمل بالقسم القانوني، وتم فصله من عمله ذات مرة، لكنه عاد إليه بعد فترة، كان رود يبلغ من العمر 31 عاماً بينما كان عمر نورين 19 عاماً، كان بينهما 12 عاماً حين تزوجا، وكانت نورين الزوجة الثانية، كان رود طموحاً ومحباً للمال، فلم يضع وقتاً وتزوج نورين صاحبة وثيقة التأمين التي تقدر بـ 120 ألف دولار.

بلا وفاء

دفنت العروس نورين بفستان زفافها، وتعاطف أهل القرية مع الزوج الحزين، لكن بعد فترة قصيرة، طالب المحامي رود بمبلغ التأمين على حياة عروسه الراحلة، وحصل على 120 ألف دولار، كان هذا المبلغ ثروة في ذلك الوقت عام 1973 م.

بعد موت نورين بعدة أسابيع، بدأ المحامي رود يقابل صديقته السابقة ديانا ماركس، وبعد ثمانية أشهر من وفاة نورين، أصبحت ديانا زوجة رود الثالثة، وعاشا معاً حتى ماتت ديانا بسبب السرطان عام 1996.

اختفاء الأموال

في ثمانينيات القرن الماضي، حامت الشكوك حول نزاهة المحامي رود، خاصة عقب صدور قانون اتحاد الملاك، الذي ينظم علاقات مالكي الشقق السكنية التي تقع في مبنى واحد، كانت النزاعات كثيرة، وكان رود يعد زبائنه بتعويضات مالية عند ترك الشقق، لكن الأموال كانت تختفي، ويحصلون على القليل من التعويضات، وعندما تقدم البعض بشكاوى ضده تم إيقافه عن ممارسة المحاماة لفترة، لكنه عاد بعدها إلى العمل.

جريمة قتل

في أبريل 1991، عثر على إحدى زبائن المحامي رود ميتة، إنها مصممة الديكورات لوريتا تاباك، 59 عاماً، وكانت قد وكلت رود للدفاع عن حقوقها في نزاع تجاري، وانتهت القضية بتسوية حصلت فيها لوريتا على 450 ألف دولار، لكن المبلغ اختفى ولم تتسلم منه لوريتا شيئاً، هددت لوريتا بتقديم شكوى رسمية ضد المحامي رود، وبعد وقت قصير عثر عليها زوجها مقتولة في مطبخ منزلهما بقرية ارلينجتون هايتس في ولاية إيلينوي.

دون جدوى

عندما بدأت الشرطة بالتحقيق في مقتل لوريتا، كان من الطبيعي أن يتم استدعاء المحامي رود لسؤاله، خاصة بعدما شهد اثنان من الجيران أنهما شاهدا سيارة رود بالقرب من منزل لوريتا، أيضاً لم يكن هناك أي علامة على حدوث اقتحام لمنزل لوريتا، مما يشير إلى أنها تعرف قاتلها.

كافحت الشرطة طويلاً لربط المحامي رود بجريمة مقتل لوريتا، لكن دون جدوى، لقد استطاع الإفلات من الجريمة الثانية كما أفلت من الأولى، لكن إلى حين.

أول الخيط

وفي ملاحظة عابرة عام 2013، استغرب أحد ضباط شرطة إلينوي أن الشرطة ظلت على مدى سنوات تتعامل مع مصرع نورين عام 1973 م ومقتل لوريتا عام 1991 م على أنهما واقعتان منفصلتان، وأشار إلى عامل مشترك بينهما، كان العامل المشترك هو المحامي دوني رود.

بالفعل تم استدعاء رود، والذي ظن أن الشرطة ستسأله عن مقتل لوريتا، ليفاجأ بسؤال الشرطة عن عروسه نورين وعما حدث قبل انحراف سيارته عن الطريق، ارتبك المحامي وأعطى إجابات مبهمة، مؤكداً أنه لا يستطيع أن يتذكر ما حدث بالضبط، وهنا قررت الشرطة فتح قبر نورين واستخراج جثتها وإعادة فحصها، وبالفعل جاءت النتائج صادمة.

مفاجأة تقرير الطب الشرعي

كشف تقرير الطب الشرعي أن نورين أصيبت بكسور شديدة في جانبي رأسها، والأغرب أن العمود الفقري والحبل الشوكي كانا سليمين، رغم أن تقرير الشرطة منذ 40 عاماً سجل أنهما سبب الوفاة.

وكتبت أخصائية الطب الشرعي في تقريرها: “نظراً لوجود إصابات على جانبي رأس الضحية نورين، فإن رواية المحامي رود عن اصطدامها بزجاج السيارة أو بصخر غير محتملة.” بدلاً من ذلك، أكد تقرير الفحص أن نورين قد ماتت نتيجة ضربها بقوة على رأسها، لقد تم قتلها.

اعتقال رود

وأخيراً وبعد تحقيقات استمرت لعامين، تم اعتقال المحامي دوني رود في ديسمبر 2015، متهماً بجريمة قتل نورين من الدرجة الأولى، ثم تم إطلاق سراحه بكفالة تبلغ 400 ألف دولار، انتظاراً لمحاكمته.

في المحاكمة التي جرت في شهر يونيو من هذا العام 2018، وصل المحامي دوني رود، البالغ من العمر 76 عاماً الآن، إلى قاعة المحكمة على كرسي متحرك. وقال الادعاء إن رود ضرب زوجته على رأسها حتى الموت، ثم رتب حادث السيارة لتغطية جريمة القتل، وذلك من أجل الحصول على أموال التأمين على حياتها، لقد كان الزواج مرتباً في الأصل من أجل الحصول على هذا المال، وقال القاضي “لم يتزوج المحامي نورين لأنه أحبها، بل تزوجها لأنه أراد قتلها.

شهادة تأخرت 40 عاماً

في المحكمة، تم استدعاء ضابط الشرطة السابق كريستوفر بيش للإدلاء بشهادته. أخبر بيش المحكمة أنه كان هناك دم داخل سيارة دوني، لكنه لم يشاهد أي شيء على الأرض. وقال أيضاً إنه عندما أخذ جثة نورين من السيارة لأداء الإنعاش القلبي الرئوي، لاحظ أن مؤخرة رأسها كانت لينة.

والغريب أنه لم يتم العثور على الصخرة التي كان من المفترض أن نورين قد اصطدمت بها، واعترف الضابط كريستوفر بأنه لم يشك بوجود جريمة في ذلك الوقت، كان ضابطاً حديث التخرج وليست لديه الخبرة الكافية، كما أن المحامي دوني رود كان رجلاً يتمتع بسمعة طيبة في مجال القانون، ولم يشك أحد فيه، حتى شركة التأمين التي صرفت له المال، لكن يبدو أن العروس نورين كانت تتحدث من قبرها وكانت إصاباتها تبحث عن حقيقة ما حدث.

العقاب

استغرقت هيئة المحلفين ثلاث ساعات فقط لتتأكد أن المحامي دوني رود مذنباً بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، بعد 45 سنة من وفاة نورين. ولا يزال مشتبهاً به في وفاة لوريتا تاباك، لكن لم توجه إليه أي تهمة.

في سبتمبر من هذا العام، حكم على دوني بالسجن لمدة تتراوح من 75 إلى 150 سنة، وذلك بموجب قوانين عام 1973، وسيصبح مؤهلاً للحصول على إفراج مشروط بعد 11 عاماً وثلاثة أشهر.

الراكوبة نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.