مدير هيئة المواصفات الأسبق: دخول الفاكهة المصرية دون الفحص يقود لتفشي الكبد الوبائي والسرطان

كشف مدير عام الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس الأسبق د. إبراهيم محمد أحمد، معلوماتٍ تنشر لأول مرة بشأن إعفائه وقال: “أعفيتُ بقرار مزور من مجلس الوزراء وبعد أربعة أشهر وصلني خطاب آخر بإعفائي من المنصب وأنا الآن بحوزتي خطابان للإعفاء”.
وعزا د. إبراهيم قرار إعفائه من منصبه كمدير للهيئة لحظره دخول أسمنت غير مطابق للمواصفات. وتابع :” أصريت على موقفي وكانت النتيجة إساءات شخصية من رجل الأعمال الذي استورد السلعة التي حظرت دخولها”.

وأضاف د. إبراهيم: “لو كنت مديراً عاماً للهيئة حالياً لن أسمح بدخول أية سلعة غير مطابقة حتى لو وضع سيف على رقبتي، وما بنصاع لأي قرار سياسي نهائياً”.

في اتجاه ثان ألمح د. إبراهيم إلى أن قرار حظر السلع الغذائية المصرية قد يكون سياسياً وليس فنياً، وأشار خلال استضافته في “المائدة المستديرة “بصحيفة (التيار) الثلاثاء الماضي، إلى أنَّ السودان حظر دخول الفاكهة المصرية بسبب تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية، ومضى ليقول: لا أستبعد بأن يكون الحظر الأمريكي كيداً سياسياً أو معاكسات لدولة مصر.

الخرطوم: سعدية الصديق
في البدء أكد بأنَّ الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بحكم القانون دورها الأساسي الإشراف على السلع الواردة والصادرة عبر موانئ الوصول، ولابد على الهيئة من تقوية أجهزة اختبار المواصفة بكل من ميناء الوصول (حلفا ـ أرقين ـ بور تسودان ـ سواكن)، وحظر المنتجات الزراعية المصرية من بداية الأمر ولا أستبعد بأن يكون بكيد سياسي أو أي مشاكل ومعاكسات لدولة مصر، بالتالي يجب إعطاء السلع الغذائية المصرية فرصتها كاملاً من حيث الدخول للأراضي السودانية بعد تعرضها للفحص المدقق، إن كانت مطابقة مافي قوة بترفض دخولها، وإن كانت غير مطابقة يجب على الجهات المختصة رفضها مع كامل الشكر والتقدير لدولة مصر، خاصة أنَّ مختبرات الهيئة بموانئ الدخول جميعها ذات كفاءة عالية اتجاه فحص السلعة .
تعدد أجهزة الفحص؟
ومن أجل المحافظة على علاقة السودان بدولة مصر يجب أن ننفذ قرار رفع حظر السلع الغذائية المصرية، ولكن بشرط أن تكون أجهزة الفحص متعددة، ويجب أن تأخذ العينة الواحدة (4) مختبرات من أجل التأكد من إن كانت مطابقة أم لا، وحالة سقوط شرط واحد يؤدي إلى سقوط المواصفة ككل.
ونحن بالجمعية السودانية لحماية المستهلك وجهنا خطاباً قبل فترة لهيئة المواصفات والمقاييس بالتنبيه والتركيز في عملية الفحص، والسعي لتأهيل وتطوير مختبراتهم لفحص السلع الواردة والصادرة، وأن لا تكتفي الهيئة بمختبر واحد، وفي حالة عدم مطابقة السلعة يجب إرجاعها إلى بلد المنشأ وعدم حرقها بالأراضي السودانية.
بريطانية رفضت لنا إبادة فصوليا بأراضيها؟
وعندما كنت مديراً عاماً للهيئة السودانية قمت بإرسال محصول فاصوليا خضراء إلى معامل بدولة بريطانية وبعد إجراء الفحص اللازم تأكد لنا بأنها بها أثر متبقي، وبالتالي دولة بريطانية رفضت إبادتها بأراضيها وحتى عدم التخلص منها في البحر هناك، وأمرت بإرجاعها لبلد المنشأ، ونحن هنا يجب علينا إدخال الخضر والفاكهة المصرية للبلد وإعطاء حقها كاملاً، ولكن بعد التأكد من مواصفتها عن طريق المسح الدولي، ومن ثم معامل الهيئة، وعند إثبات عدم مطابقتها يجب إرجاعها مباشرة دون تردد لدولة مصر، والمواصفة نفسها لديها مواصفة لذلك يجب أخذ العينة على الطريقة المنصوص عليها في المواصفة، والسلع المصرية أوقفت بناءً على تحذيرات أمريكا والكويت فقط، والحل يكمن في تقوية أجهزة الفحص مصر مع كامل الشكر.

دخول سلع في طريقها للانتهاء؟
وأحب أن أضيف شيئاً آخر، السلعة المستوردة التي تبقى لفترة انتهاء صلاحيتها ثلاثة أشهور يتم إدخالها حالة مطابقتها للمواصفات والاشتراطات الصحية، ولكن يشترط على المستورد استخدامها مباشرة وعدم تخزينها بالداخل، ويتم إخطار إدارة الأمن الاقتصادي بأنَّ المستورد (ا) أدخل سلعة تبقى لانتهاء فترة صلاحيتها ثلاثة شهور. وقبل سنوات أدخل مستورد كريمة التي تستخدم في حشوة البسكويت وكانت مطابقة للمواصفات، ولكن تبقى لانتهاء مدة صلاحيتها ثلاثة شهور وبحكم القانون تم إدخالها، ومن حق أي تاجر أو مستورد تحريك إجراء قانوني حالة تعرضه لمنع إدخال منتجه، ومن حق الهيئة السماح للمستوردين إدخال السلعة ولكن بوضع ضوابط للمستورد، بأن يسرع في استخدامها وعدم تخزينها بالداخل .
تحريك قضية؟
صحيح فترة صلاحية الكريمة سنة ومرور سبعة شهور عليها كثير، ولكن بحكم قانون الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، لا يجوز منع إدخالها طالما أثبتت المعامل المختصة مطابقة مواصفتها، بل يجب أن تدخل بمكتوب رسمي بين الهيئة والتاجر المستورد بواسطة شهود من الأمن الاقتصادي، ولم تمنع من الدخول نهائياً وإذا تم منع وحصر دخول منتج من قبل الهيئة يعتبر أمراً إدارياً وليست مواصفة، من حق المستورد تحريك قضية إن تعرض لذلك.
تكتم على نتائج الفحص!
وكل ما يهمنا إدخال السلع الواردة من دول الجوار بصورة جيدة، وتكون مطابقة للاشتراطات الصحية، لذلك نريد أن نطالب العاملين بالمواصفات على استخدام جميع المختبرات الصحية بالداخل سواء أن كانت البحوث الزراعية حتى مختبرات القطاع الخاص فجميعها مختبرات مبرئة للذمة، خاصة أنَّ السودان أصبح جزءاً من الاعتماد العربي واللجنة السودانية معترف بها بهيئة الاعتماد العربية وكذلك معتمدين لدى الجهات الدولية. وأنا لا أرى شيئاً يمنع الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس من إخراج وتمليك نتائج الفحص المعملي للمنتجات الزراعية المصرية للرأي العام، فكان عليها الإعلان عن الأمر وأن تكتفي بتسليمها لمجلس الوزراء القومي فقط، فمن حق المواطن السوداني يتملك معلومة نتيجة الفحص، ولكن رغم ذلك أنا شخصياً متأكد من جودة عمل هيئة المواصفات اتجاه هذه المسألة، وربما التكتم في الأمر نسبة لتداخلات سياسية، ويجب على الإعلام والرأي العام الضغط على الهيئة من أجل تمليك نتائج الفحص.
مسح دولي لمساعدة هيئة المواصفات
ونحن بالداخل لدينا مسح دولي يعمل على مساعدة الهيئة السودانية للمواصفات بعملية الفحص المبدئي، وكذلك مساعدة الموردين والمصدرين بسرعة الوقت وعدم اتلاف السلع بسبب تعقد الإجراءات والتخزين، والمسح الدولي هو عبارة عن منظمة ألمانية لديها مختبرات بعدد كبير من الدول، ولديها مختبران بالخرطوم ومختبر ببورتسودان وكذلك بالإسكندرية بدولة مصر وبجدة بالمملكة العربية السعودية، وهو يقوم بمهامه منذ تحرك السلعة من بلد المنشأ بعملية مسحها ومن ثم إخراج شهادة لها حالة مطابقتها ترفق مع السلعة، وعند مخالفتها أو عدم مطابقتها للاشتراطات الصحية يتم إيقافها وعدم السماح بإكمال إجراءاتها قبل خروجها من بلد المنشأ، وهذا ساعد في عملية انسياب السلع بين الدول .
منع خروج منتج
وعندما كنت مديراً عاماً للمواصفات أوقفت منتج مانجو مصدر من السودان بسبب إدخالها في كراتين تحمل ديباجة موز، واعتبرتها مخالفة للمواصفة السودانية، وغشاً وتضليلاً، على الرغم من أنَّ صاحبها اتصل بي هاتفياً وأبلغني بأنه لعدم وجود كراتين المانجو سوف يصدرون بكراتين تحمل ديباجة موز فمنعته بشدة، وهذا من ضمن الأشياء الأساسية للمواصفات.
تفشي أمراض
والوضع الاقتصادي حالياً في تدهور مريع وظلت أسعار جميع المنتجات الغذائية في تزايد مستمر، لذلك استئناف السلع المحظور والسماح لها بالدخول مرة أخرى أمر ضروري حتى يستقر سعر المنتج المحلي،
لذلك يجب من الجهات المعنية بالأمر، زرع الثقة بين الدول من أجل المصلحة العامة حتى يتم انسياب السلع الغذائية، وتستفيد البلد من إدخال محاصيل الصادر. صحيح انسياب السلع مهم ولكن على الجهات الرقابية والأمنية التشديد على مكافحة التهريب خاصة من دخول المنتجات المصرية، ودخولها بدون التعرض للفحص والتأكد من سلامتها سيقود لتفشي زيادات السرطانات والكبد الوبائي .
فصل تعسفي
وفي سنة (2000)م بالتحديد قمت برفض أسمنت غير مطابق للمواصفات بعد التأكد من ذلك بفحصه في (4) مختبرات طبية بالداخل ومختبر عالمي خارج السودان، لكن تدخلت جهات حكومية ووصل الأمر لإساءات شخصية من رجل الأعمال الذي استورد الأسمنت الفاسد، قبل أن يتوجه إلى مجلس الوزراء ليشكوني إليه، وبالفعل تواصل مع وزيري المباشر وبعدها وصلني خطاب شكر وإعفاء فترة عملي بإدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، وبالتالي تركت منصبي وخرجت.
إعفاء آخر بعد (4) أشهر
بعد أربعة أشهر وصلني خطاب مروس من مجلس الوزراء القومي بأن فترة عملي كمدير عام للهيئة انتهت بالتاريخ الذي وصلني فيه الخطاب، وأنا حالياً معي قراران انتهاء خدمة من مجلس الوزراء القرار المزور والقرار الأصلي وهذه من المفارقات، وانأ لو كنت مديراً عاماً للهيئة القومية للمواصفات والمقاييس حالياً، لن أسمح بدخول سلعه غير مطابقة حتى لو وضع سيف على رقبتي، وما بنصاع لأي قرار سياسي اتجاه دخول أية سلعة نهائياً.

التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.