سفير جنوب السودان بالقاهرة :حكومة سلفاكير مصرية بنسبة 80% وهذا موقفنا من سد النهضة

خلال حوار، أجرته «المصري اليوم» مع سفير جنوب السودان بالقاهرة، جوزيف مومو، قال إن وثيقة «إعلان القاهرة»، كانت السبْب في وقف الحرب الأهلية في جوبا، مؤكدًا أن مصر بمثابة شُريان الحياة لجنوب السودان، إذ خصصت 250 منحة تعليمية سنويًا، و50 منحة أخرى في مجال الدراسات العليا بالجامعات المصرية، لطُلاب جنوب السودان، ما جعلهُم يقولون إن «الحكومة الموجودة في جوبا هي حكومة مصرية، 80 % من الوزراء وقيادات الدولة تلقوا تعليمهم في مصر».

تصريحات عديدة، قالها سفير جنوب السودان بالقاهرة، جوزيف مومو، وإلى نص الحوار..

بداية.. كيف تقرأ العلاقات «المصرية- الجنوب سودانية» في الوقت الحالي، وأهم مقوماتها؟

ترى جنوب السودان أن علاقاتها المتشابكة مع مصر جيدة منذ انفصالها عام 2011، ونسعى لتنميتها سواء على المستوى السياسي أو التجاري أو الثقافي.

سفير جنوب السودان يتحدث للمصري اليوم

ما أهم مجالات التعاون التجاري بين البلدين؟ وهل هناك أرقام محددة بحجم هذا التبادل؟

هناك العديد من الشركات بجنوب السودان تتعاون رسميًا لشراء أدوية من الشركات المصرية، فضلاً عن خدمات شركة مصر للطيران إلى بلادنا، حيث تطلق الشركة رحلتين جويتين يومي الإثنين والجمعة من كل أسبوع، إلى جانب التبادل التجاري من خلال عدة منتجات أخرى يحتاجها السوق في بلادنا.

ماذا عن الفرص الاستثمارية المتاحة للشركات المصرية؟

فرص الاستثمار المصري في جنوب السودان متاحة ومتعددة، خاصة عقب توقيع اتفاقية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في جميع أرجاء البلاد، وحكومتنا لديها رغبة أكيدة في إزالة جميع العقبات أمام المستثمرين المصريين، كما أن جنوب السودان دولة وليدة وبالتأكيد تحتاج إلى عدد كبير جدًا من المشروعات، خاصة في مجالات البنية التحتية، والزراعة، والصحة، والتعليم، والتعدين، ومؤخراً حكومة جنوب السودان قطعت شوطًا كبيرًا فيما يتعلق بالتنمية في مجال الإسكان، لاستيعاب الوضع الجديد للبنية التحتية بما يليق بخطط التنمية والتطوير، وبما يتفق مع أهداف وخطط الحكومة من أجل تحسين الأوضاع، ولذلك نرحب بالمستثمرين من جميع الجنسيات في ظل الانفتاح على جميع دول العالم، ومن المقرر أن يتم بناء العاصمة الجديدة على أحدث طراز معماري، يتسق مع المعايير الهندسية العالمية.

[image:4:center]

هل سيتم تقليص عدد الولايات عقب إقرار اتفاق السلام؟

هناك نقاش مطروح بشأن هذا الأمر، ولكن تقليص عدد الولايات يتطلب استفتاءً شعبيًا، فلابد أن يقرر المواطنون العودة إلى النظام القديم وطرح نظام الـ10 ولايات، أو بقائها 33، أو زيادتها، لاستيعاب الزيادة السكانية.

ما أبرز المساعدات الفنية التي تقدمها مصر إلى بلادكم في المجالات كافة؟

250 منحة تعليمية سنويًا، و50 منحة أخرى في مجال الدراسات العليا بالجامعات المصرية لدراسة الماجستير والدكتوراه، والمواطنون في جنوب السودان يعلقون على هذا الأمر، بقولهم أن «الحكومة الموجودة في جوبا هي حكومة مصرية، حيث أن نحو 80% من الوزراء وقيادات الدولة تلقوا تعليمهم في مصر».

وعقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في بلادنا عام 2013، تولّت مصر المساهمة بشكل كبير في التطوير وبناء القدرات لمساندتنا باعتبارنا دولة وليدة، كما أن هناك 11 قياديًا برئاسة الجمهورية يتدربون حالياً في مصر على فنون الدبلوماسية والبروتوكول، بالإضافة إلى التبادل السياسي والأمني.

سفير جنوب السودان يتحدث للمصري اليوم

عقب توقيع اتفاقية وثيقة «إعلان القاهرة» المتعلقة بتوحيد الحركة الشعبية التي استضافتها مصر بمقر المخابرات العامة نوفمبر الماضي، ما هي أبرز البنود الخاصة بالاتفاقية التي تم تنفيذها على مدار العام؟

كان هناك محاولات إتمام السلام بين أطراف النزاع في جنوب السلام بدأت عام 2015 من الحكومتين التنزانية والإثيوبية، وبرعاية أوغندية أيضاً، ولكن كان هناك اختلافًا دائمًا في وجهات النظر، خاصة مع انعدام فرصة اللقاء والحوار المباشر بين الفرقاء، وهذا ما استطاعت مصر إنجازه العام الماضي، حيث استضافت قادة المعارضة والحكومة وفتحت بينهم حوارًا مباشرًا وجادصا استطاعت من خلاله توقيع الوثيقة ومن ثم كانت البداية لميلاد اتفاق السلام الأخير.

وفي 2015 تم توقيع اتفاقية للسلام ولكن بنودها تم فرضها على الأطراف كافة، وكان هناك بنودًا بعينها تم رفضها منها «إنشاء جيشين في دولة واحدة، جيش لقوات معارضة وجيش نظامي»، وهو ما أجج الصراع مرّة أخرى وأدى إلى اندلاع الحرب عام 2016، لكن الاتفاق الحالي وافق عليه كل الأطراف من خلال التفاوض الذي بدأ في القاهرة، ثم توالى في الخرطوم ونيروبي وأديس أبابا.

سفير جنوب السودان يتحدث للمصري اليوم

ما هي أبرز معوقات تنفيذ اتفاق السلام؟

عدم الالتزام من جانب الأطراف المعنية ببنوده التي تعهدوا بتنفيذها، وأهمها «وقف إطلاق النار الدائم»، وحكومة جنوب السودان ترغب في التزام تام من جانب جميع الأطراف، وإذا تحقق هذا الالتزام الكامل لن تكون هناك أي عقبات في سبيل تحقيق أهدافه كافة.

هل وقعت كل الفصائل المسلحة على الاتفاق؟

نعم.. جميع الأطراف المعنية وقعت على الاتفاقية ولا يوجد أي طرف يرفضها، وكان هناك الأصوات المعارضة في بداية المفاوضات لديهم عدة خيارات تجاه السلام، ولذلك قرروا التوحد في كيان واحد من أجل مواجهة الحكومة فكونوا مجموعة الأحزاب الجنوبية في المعارضة وكونوا حركة «سوا»، وانضمت إليها مجموعة المعتقلين السابقين، إلى جانب مجموعة «رياك مشار».

برلمان جنوب السودان قرر التمديد للرئيس 3 سنوات أخرى، هل ترى أن التمديد يدعم عملية السلام في جنوب السودان؟ أم يؤجج الصراع أكثر؟

لو لم يتم التمديد للرئيس لشهدت البلاد فجوة دستورية، حيث كان هناك شكوك من جانب بعض الأطراف أن قرار البرلمان هدفه عرقلة عملية السلام، لكن أبلغ رد هو التوقيع على اتفاقية السلام، فالاتفاقية ستكون الدستور الدائم للبلاد حتى عند تكوين الحكومة خلال الفترة الانتقالية ستتم بناء عليها، كما سيتم تعديل مدة الرئيس في الدستور لـ 36 شهرًا ثم إجراء انتخابات رئاسية.

ومتى يتم تعديل الدستور؟

خلال الفترة القليلة المقبلة، حيث تم تحديد فترة الـ8 أشهر كفترة انتقالية لاستقرار الأوضاع في البلاد، وتمهيد كل السبل أمام تحقيق السلام واحتواء المعارضين.

وهل ستكون مدة الولاية الجديدة 36 شهرًا أم سيتم تعديلها بعد الانتخابات؟

مدة الولاية يحددها الدستور الذي سيتم الاتفاق عليه وإقراره، وتحديد إذا كانت المدة عام واحد، أو 4 أعوام، أو 5 أعوام، ولكن كل هذا ستحدده اللجنة الدستورية .

هل هناك تحفظات من جانب الحكومة على عودة رياك مشار مرّة أخرى إلى جوبا؟

التحفظ الوحيد من الرئيس هو «العنف» وطالبه بالتخلي عنه، ومن ثم هذا هو الشرط الوحيد لعودته إلى جوبا، وبهذا سيكون له الحق في العودة باعتباره مواطن جنوب سوداني.

هل سيتم دمج قوات المعارضة مع قوات الجيش الشعبي؟

هذا ما تم الاتفاق عليه في بنود اتفاقية السلام، وسيتم توزيع جزء من القوات على الشرطة، والجزء الأكبر سيوزع على القوات المسلحة.

هل ستستمر القوات الأممية في جنوب السودان عقب تنفيذ الاتفاقية؟

الأمم المتحدة لها 13 ألف جندي لحفظ السلام في البلاد، ومنظمة «الإيجاد» لها 4 آلاف جندي للقيام بنفس المهمة، وهذا العدد يكلّف المنظمتين مبلغ ضخم سنوياً، ولهذا أعتقد أنه إذا تم تنفيذ الاتفاقية وتأكدت الأمم المتحدة من استقرار البلاد ستنهي تواجد بعثتها في جنوب السودان.

سفير جنوب السودان يتحدث للمصري اليوم

هناك اتهامات دولية من جانب الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، بشأن تعدى قوات الجيش الشعبي على القوات الأممية، واغتصاب النساء في مخيمات اللاجئين، ما صحة هذه الاتهامات؟

جنوب السودان لا تعترض على تلك الاتهامات، ولكن كل ما نطلبه منهم تقديم الأدلة الكافية على صحة وقوع هذه التجاوزات، سواء كانت اعتداءات على قوات أممية أو اعتداءات على النساء في مخيمات اللاجئين.

برأيك لماذا لم تقدم المنظمات الدولية دليلًا على تلك الاتهامات؟

الأمم المتحدة قدمت وعدًا إلى جنوب السودان بالتنمية والعمران، ولكن لم تلتزم بتلك الوعود، ولا ننتظر منها التواجد العسكري فقط، فهذه مهمة من ضمن المهام المكلفة بها، لكن أيضاً هناك مهام أخرى وواجبات ووعود يجب أن تتحقق، خاصة المتعلقة بمجال التنمية.

وهل ترى أن تلك الاتهامات تأتي في إطار الضغط الدولي على بلادكم؟

لقد أعلنت اعتراضي الشخصي على تلك الاتهامات، عندما كنت أتولى منصب نائب رئيس بعثة جنوب السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، وتحدثت معهم إن هناك نوعاً من الانحياز الذي له عدد من الشواهد من بينها تلك الاتهامات دون تقديم دليل، حتى أن عددا من الدول الصديقة لجنوب السودان أعلنت أن ما يحدث في هذا الشأن نوع من المؤامرة على البلاد، والحكومة أكدت لهم أنه رغم عدم تقديم أدلة من جانبهم على وقوع انتهاكات إلا أن لدينا في الوقت نفسه نوعاً من المسؤولية الأخلاقية تجاه المواطنين والقوات والمجتمع الدولي.

ولكن هناك مشكلة ضخمة يجب الإشارة إليها، هي أن المتمردين الذين كانوا يحاربون الحكومة يرتدون نفس الزى العسكري الذي ترتديه القوات الحكومية وهذه هي نقطة الخلاف بيننا، وحين يحدث تجاوز من المليشيات المسلحة يتم إلصاق الاتهامات إلى قوات الجيش النظامي وهو ما يسيء إلى الحكومة، وخلال فترة الحرب كان أهالي المدن السكنية يختلط عليهم الأمر بين المتمردين والجيش، ولذلك طلبنا من الأمم المتحدة عدة مرات تقديم المساعدة لنا في حل تلك المشكلة لكن طلبنا كان يقابل بالرفض لانحيازهم منذ البداية لاتجاه ما، ومن الصعب أن يتقبلوا أي اتجاه آخر أو أي حل لا يتسق مع توجهاتهم.

هل تلك الاتهامات تتوافق مع العقوبات الأمريكية المفروضة على بلادكم؟

تلك الاتهامات تأتي في إطار التوجه ضد جنوب السودان، خاصة أنه كانت هناك فترة تهيمن فيها الولايات المتحدة الأمريكية على القرارات في ظل وجود الدول الخمس الأعضاء الدائمين المهيمنين على القرارات داخل مجلس الأمن، وكانت أمريكا وفرنسا وبريطانيا مسيطرة على قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة في فترة الأمين العام السابق بان كي مون، ومن ثم لم يكن لمجلس الأمن الشخصية المقبولة لدينا في ظل ذلك الوضع المنحاز.

هل معنى ذلك أنه خلال فترة الحرب في جنوب السودان كانت الولايات المتحدة الأمريكية تساعد المتمردين ضد الحكومة بهدف عزل الرئيس؟

لا توجد لدينا أي إثباتات على ذلك، ولكن الواقع يثبت ذلك، ولو كانت الولايات المتحدة الأمريكية جادة ومخلصة بالفعل في مساعدة جنوب السودان، فعليها دعم اتفاقية السلام التي وقع عليها الفرقاء من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد، وهذا سيؤكد إذا كانت أمريكا تدعم المتمردين أم تدعم السلام.

وما هو شكل الدعم الأمريكي لعملية السلام الذي تريده جنوب السودان؟

دولتنا دولة وليدة والولايات المتحدة ليست حليفاً لنا، ومن ثم الطرفان في حاجة إلى بناء الثقة بينهما، وجنوب السودان أعلنت إنه إذا حدث خطأ ما في وقت سابق إلا أن الوضع الحالي تغير ولا نعول سوى على تحقيق الأمن والتنمية، لذلك عرضنا عليهم العمل والتعاون سوياً، ولا شك أن الدعم الذي نحتاج إليه هو الدعم السياسي أولاً، ثم الدعم المادي، خاصة أن غياب الدعم السياسي الأمريكي سيمثل عقبة أمام عدة دول أخرى، ربما يكون لديهم الرغبة في تقديم الدعم السياسي للبلاد مثل بريطانيا.

هل هناك تحركات من جانب دولتكم لإلغاء العقوبات الدولية وحظر السلاح عن جنوب السودان؟

بالتأكيد.. وفي الوقت الحالي ليس هناك ما يبرر استمرار تلك العقوبات عقب توقيع اتفاقية السلام، والدول ربما تلجأ إلى استيراد السلاح من أجل الدفاع عن نفسها حيث كان دور جميع الأطراف في جنوب السودان متساوي، فالدولة لها حق دستوري هو الحكم والسيادة من أجل حماية المواطنين وممتلكاتهم.

وربما كان لدى المتمردين سلاح أكثر من الموجود لدى القوات الحكومية؟

كان هذا هو الحال بالفعل، ولم نكن بالطبع نعرف من يدعمهم ومن يمدهم بالسلاح، وخلاصة القول أنه كانت هناك رغبة تتلخص في إضعاف الحكومة التي تمتلك الحق الدستوري وحق السيادة وكل ذلك في إطار محاولات استهداف النظام، ودولتنا محاطة بالعديد من الدول غير المستقرة؛ لذا نحتاج إلى سلاح لإعادة هيكلة الجيش خلال تنفيذ اتفاقية السلام.

وهل هناك تحركات من القيادة السياسية بجنوب السودان بطلب الدعم السياسي من مصر لرفع العقوبات عنكم؟

لم نتقدم بطلب رسمي إلى مصر حتى الآن بشأن ملف العقوبات، وإذا تم تفويضي للعمل في هذا الملف، سأعمل على إنجازه على الفور، فمصر دولة لها ثقل سياسي في مجلس الأمن والمحافل الدولية كافة، وخلال عضوية مصر المؤقتة في المجلس لاحظنا الدعم المصري لبلادنا، خاصة فيما يتعلق بعقوبات حظر سفر عدد من المسؤولين بجنوب السودان وتجميد الأرصدة، حيث نجحت في تجميد عدة قرارات تستهدف جنوب السودان.

ما هو موقفكم تجاه ملف «سد النهضة» واتفاقية «عنتيبي»؟

موقفنا واضح منذ بداية شروع الجانب الإثيوبي البدء في بناء السد، والرئيس سيلفاكير وضح ذلك في تصريح سابق له حين قال إن «جنوب السودان ستشرب نصف كوب المياه على أن يكون النصف الثاني من حق مصر»، وهذا التصريح يؤكد إيمان جنوب السودان بأهمية مصر وحقها التاريخي في مياه النيل، فجنوب السودان تساند مصر في ملف سد النهضة الإثيوبي، وليس شرطا أن يتم ذلك من خلال اتخاذ موقف ما، ولكن لابد من عدم تضرر أي طرف من الأطراف.

وهل هناك اتجاه لشراء الطاقة الكهربائية التي سيقوم بتوليدها سد النهضة عقب تشغيله؟

حتى اللحظة الراهنة، لا يوجد أي اتجاه للشراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.