توقعات وشيكة بانفلات امني وقتال في الشوارع واغتيال عمر البشير وانهيار كامل للدولة السودانية

توقعات وشيكة بانفلات امني وقتال في الشوارع واغتيال عمر البشير وانهيار كامل للدولة السودانية:
التوقعات تتحقق- الانجراف نحو الانفلات الأمني اقترب
✍ *أمل الكردفاني*
عندما توقعت افلاس الدولة وطالبت باعلان هذا الافلاس حتى نتمكن كشعب من قيادة دولتنا الى بر الأمان ببصيرة وصبر. لم يكترث أحد. عندما توقعت انهيار العملة ، وارتفاع الاسعار أيضا لم يصدق الكثيرون. قلت مرارا أن الأمر لا يعني أنني راسبوتين.. فما يحدث ليس أكثر من قراءة للمعطيات وتحليلها تمهيدا لتوقع مآلاتها المنطقية. مرارا وتكرارا حذرت من أن المجاعة ستضرب الدولة وستبدأ بشكل متقطع ومتباعد قبل أن تنتظم في انجراف سريع نحو المجهول. فالدولة لن تستطيع أن تستمر على هذا النحو. وسواء جاء معتز موسى أو حمل عصا موسى فلن يستطيع تغيير الواقع قيد أنملة. لأن الأزمة الآن ليست أزمة نظريات اقتصادية وإدارية ؛ بل الأزمة تغلغلت في العظم ، قيادات الحركة الإسلامية بدأت اللعبة مبكرا وليس من المستبعد أن يكون ذلك تحت امرة أمريكا فالحركة الاسلامية هي ربيبة أمريكا وهي غرسها الناضج في الدول العربية على وجه الخصوص. في عام 2007 استطاعت الاستخبارات المصرية اكتشاف اجتماعات سرية اجراها الاخوان المسلمون مع مسؤولين من ال C.I.A في دولة أوروبية ، كان حسني مبارك في وضع سيئ جدا نتيجة عمليات ارهابية استراتيجية نوعمية وعميقة. فأعلن حينها أن حماس لاعب أساسي يجب الاعتراف به. وهذا ما دفع امريكا للتراجع قليلا . كان ذلك هو الكرت الوحيد الذي يملكه حسني مبارك والذي دائما ما جعل الباب مواربا في علاقة مصر مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية. الحركة الاسلامية هي ابنة الغرب ، وهي ذات الارتباطات المفتوحة مع الأنظمة المتطرفة الأخرى منذ بن لادن والظواهري والقاعدة وطالبان…، هي التي تجمع في يدها خيوط كل المنظومات الدينية.
عندما سقط الاتحاد السوفيتي كان على امريكا أن تضع لاعبا جديدا في الصورة ، بل حتى قبل تفكك السوفيت ، كانت الحركة الاسلامية هي سلاح امريكا السري في افغانستان ومصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر. كل شيء كان معدا وجاهزا لبدء القفز على السلطة ، بدأ الامر في السودان واستفحل في الجزائر لينتهي بمجازر دموية ، وامتد إلى ليبيا ومصر ، منذ استيلاء الحركة الاسلامية على السلطة في السودان حتى بدأت الحركات الارهابية تضرب في العمق المصري واستمر الحال حتى محاولة اغتيال مبارك ؛ مما جعل الاخير يقلب لهم ظهر المجت وبدأ الحصار بإيعاز مصري للمجتمع الدولي. لكن طبعا لا يخفى على جميع أجهزة المخابرات العربية تلك الروابط المتينة بين الحركة الاسلامية والغرب عموما.
البشير الآن فقد السيطرة تماما على قيادة الدولة لتأمينها اقتصاديا ، والاقتصاد هو لب بقاء الدولة في حالة استقرار. فالحركة الاسلامية اصبحت كالفيروسات في كل مكان ، في الاجهزة الأمنية والمرافق العامة والوزارات وسيطرت على منافذ وموانئ الدولة البرية والبحرية والجوية. لذلك فتهريبها للذهب والعملات الصعبة يتم من خلال كوادرها بشكل مباشر وعيانا بيانا. السودان ينتج يوميا عشرات الكيلوهات من الذهب ، ولكنه يختفي بلا أثر كجبل كسلا والشركة الصينية. الذهب يخرج عبر المطارات والموانئ ، والأمن الاقتصادي إما عاجز أو متورط ، ولا احتمال ثالث. كم عدد عمليات تهريب الاموال التي تتم يوميا وكيف تتم ومن يحميها. البشير يبدو تائها جدا وهو يشاهد بعينيه تسرب السيطرة من بين أصابعه. فلا معتز موسى ولا غيره بقادر على وقف الانجراف نحو الانهيار.
وما اتوقعه هو أنه وفي منتصف سنة 2019 سنشهد بوادر التفلتات الأمنية وربما صدامات هامشية بين القوات النظامية وغير النظامية مع انتشار للجرائم داخل العاصمة بما يشكل ظاهرة واضحة للعيان. ستنتكس قدرة الدولة على توفير الطاقة بشكل متدفق باضطراد .. وستتسع المساحة الزمنية للعجز قبل ايجاد معالجات مؤقتة…اليوم تجاوز الدولار حاجز الستين جنيها ، وحتى نهاية هذه السنة فسيصل الى المائة جنيه مهما كانت قرارات البنك المركزي ووزارة المالية ورئاسة الوزراء. فالأزمة ليست أزمة إدارية بل هي مؤامرة بطيئة ومحكمة و مدعومة خارجيا. يمكننا أن نسميها بعملية الخنق المتدرج ، وصولا إلى نقطة الصفر.. تلك النقطة التي يصبح فيها كل حامل سلاح ولو مدية صغيرة مستعدا للقتل من أجل الطعام. المليشيات المدججة بالسلاح والمسيطرة على بعض حقول الذهب ستواجه هي الأخرى بحصار إن لم تزعن وتصبح لاعبا في المعركة الباردة الأخيرة والحاسمة.
ليس من المستبعد أن يتم قتل البشير بطريقة لا تثير الشكوك واعلان وفاته بسكتة قلبية ، ونهاية حكمه ، لتبدأ حقبة جديدة ، حقبة لن تكون أقل بؤسا من سابقاتها. حقبة سيكون كل اللاعبين فيها متحفزين للقفز على السلطة في دولة مفلسة تتعرض لمجاعة واسعة النطاق.
كل الدول المحيطة بالسودان اليوم لها عداء مع رواسب من تهديد امنها الذي استمرأه نظام البشير . الجنوب ، الشمال ، الشرق والجنوب الشرقي والشمال الغربي والغرب والجنوب الغربي الآن مع أفريقيا الوسطى وكجريمة في قطار الشرق فستغرز كل هذه الدول سكينها في خاصرة الدولة. النظام المتخبط لا يتورع عن فتح كل مجالاته البرية والبحرية والجوية لأي دولة مستعدة للدفع ، وهكذا أدخل النظام الدولة في لعبة أكبر من حجمه ، لعبة الكبار في افريقيا الوسطى وليبيا وتشاد ومصر والسعودية . الكبار الذين لا يقبلون أبدا تهديد نفوذهم في افريقيا وغير افريقيا.
لم تستجب روسيا لطلب البشير بانشاء قواعد في الشرق ، بل على العكس لقد اتجهت الى الغرب ، أي مباشرة تجاه النفوذ الفرنسي. وما يشاع من وجود قاعدة عسكرية روسية هناك يبدو محتملا إن لم يكن مؤكدا. فتلك البقعة الشاسعة غنية أكثر مما يجب ومحفزة لشره الدول الكبرى للصراع البارد عليها.
كل ما أراه هو ان هذا النظام سيتفكك بسرعة مفاجئة للشعب ، ومع ذلك فهذا التفكك لن يكون بلا ثمن. فجميعنا سندفع الثمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.