السيولة والدولار .. الاقتصاد السوداني في أرض “زلقة”

تفاقمت أزمة السيولة في السودان، وعادت لتطل برأسها مجدداً في المركز والولايات، بداية من مطلع الاسبوع الفائت.

وبدخول يوم الأحد، اضافت الأزمة يوماً آخر  إلى روزنامنتها المتخمة، واستمر الزحام على البنوك والصرافات بصورة غير مسبوقة، في ظل تصاعد شكوى العملاء من خفض (تسييل) الشيكات إلى مبالغ نقدية (كاش). يحدث ذلك كله بالتزامن مع أحاديث حكومية عن تغذية الصرافات بطريقة مستدامة.
كذلك، فقد ارتبطت أزمة السيولة،  بتوزع سعر الصرف في السوق الموازي على سعر خاص للكاش، وسعر آخر للشيكات، اذ ترتفع قيمة الشيك مقابل الدولار الامريكي إلى اكثر من 55 جنيهاً.
ويرى المحلل الاقتصادي عبد العظيم المهل أن قرار حجب السيولة المصرفية أحدث جفوةً بين العملاء والبنوك.
وقال لـ”باج نيوز” إنه من الصعب على القطاع المصرفي استعادة هذه الثقة إلا بثورة مصرفية، وحوسبة المصارف، وانتقال فروعها إلى القرى النائية لامتصاص تحويلات المغتربين والعملاء، مع السماح لهم بسحب أموالهم “وقت يريدون”.
ويضيف المهل: “كنت أشجع على إيداع الأموال لدى البنوك، لكن بعد إجراءات حجب السيولة ماعدت قادراً على ذلك”.
وتابع:  “لدي اعتقاد أن إكتناز  المال في المنزل جريمة، ولا بد من ايداع المبالغ المالية في البنوك لإقراض 100 شخص من مبلغ  200 الف جنيه”. مردفاً: اقتصادياً يطلقون عليها عدد المرات التي  تتبادل فيها الايدي النقود لإنعاش حركة الاقتصاد”.
واشار المهل إلى أن “اصطفاف العملاء أمام البنوك يشعرهم بالمذلة، كونهم يبحثون عن استرداد أموالهم، وهو ما يجعلهم لاحقاً زاهدين في التعامل مع المصارف”.
ورغم التبريرات الحكومية بأن اتخاذ اجراءات من شاكلة تقييد الكتلة النقدية من شأنه كبح تحجيم سعر الصرف، غير انها لم تؤدْ في الحقيقة إلا إلى ابطاء سعر الدولار الامريكي امام الجنيه السوداني”.
ويقول المحلل الاقتصادي المهل: “حسناً اذا كانوا يريدون (خنق) الدولار الامريكي بحجب السيولة فهذا الامر   لن يتحقق إلا بالتركيز على الصناعات والقيمة المضافة، لأنه ببساطة اذا كنت تصدر قطن مغزول فإن عائداتك تزيد بنسبة 15% عن الخام واذا كان التصدير للقماش تزيد العائدات بنسبة 75% وإذا تم تحويل القطن إلى ملابس تقفز العائدات الى 200%”.
ويرى المهل أن ” الصناعة تحقق فوائداً أكبر من الزراعة نفسها التي تعتمد على تصدير الخام. مضيفا أن “واحد فدان من الصناعة يوفر 100 وظيفة للأيدي العاملة”.
وقال المهل إن القرارات الاقتصادية تتخذ بواسطة سياسيين، ودائما ما تؤدي إلى خلق الازمات”.
وتعتبر أزمة السيولة وارتفاع الدولار الامريكي، واحدة من المواضيع التي وضعتها الحكومة السودانية على طاولة مسؤوليين رفيعي المستوى، فقد أعلن رئيس الوزراء معتز موسى عن “حرب كسر العظام” لإصلاح الاقتصاد السوداني، في ما يبدو بأنه رسائل الى تجار العملة الذين تتهمهم الحكومة بالسيطرة على السوق الموازي “السوداء” .
وأبدى النائب البرلماني المستقل مبارك النور مخاوفه من ظهور تجارة (الكاش) إثر حجب السيولة، وتحول النقود إلى سلعة. داعياً رئيس الوزراء معتز  موسى للاستعانة ببيوت خبرة عالمية لـ”تشخيص” ازمة الاقتصاد السوداني .
وقال النور إن الإنتاج الذي يفترض أن يغذي خزانة البلاد بالعملات الاجنبية شبه متعطل بسبب أزمة السيولة. مشيراً إلى أن عمليات الحصاد في ولاية القضارف شبه متوقفة لوجود أزمة سيولة صاحبها ظهور تجارة الكاش .
كما طالب النور رئيس الحكومة السودانية معتز موسى بإحداث ثورة في القطاع المصرفي وتفكيكه وتعيين الكفاءات والاستعانة بالخبراء السودانيين الذين عملوا في المؤسسات الدولية.

المصدر : باج نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.