لا أحد يعرفني بعد الزواج..!

يعتقد كثير من الشباب والفتيات المقدمين على الزواج أنّ من أوليات هذه الخطوة التخلي عن كل شيء يربطهم بالماضي، من صداقات، وعلاقات، حتى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يطال ذلك العادات اليومية، ولا يختلف اثنان على أنّ الزواج بداية حياة جديدة بين طرفين، ولكنها ليست بين المجتمع والطرفين.

في هذا الطرح نبحث عن أسباب تخلي الفتيات – على وجه الخصوص – والشباب على وجه العموم عن أصدقائهم والانقطاع عنهم من خلال تغيير أرقامهم، وقفل صفحاتهم على تويتر والفيسبوك وانستغرام، بمجرد عقد القران، وهل هناك مسوغ حقيقي لذلك؟.

تجنب الإزعاج

وذكرت “ليلى مسفر” أنّها غيّرت رقمها وتخلت عن رقمها القديم، تجنباً للإزعاج والمشاكسات من الصديقات، وأيضاً حتى تتفادى الإحراج أمام زوجها، مضيفة: “أنا دخلت حياة جديدة وزوجي من خارج المنطقة، ولم أكن أعرف عنه أو أسرته أي معلومات، لذلك كان من الأهمية أن أركز في بناء أساسيات هذا الزواج، أفضل من الانشغال بهواتف الصديقات، ولم تعد العلاقة بيني وبين صديقاتي، ولكنني حرصت على التواصل معهن عندما أكون في زيارة أهلي، وفي المناسبات التي تجمعنا، وكل ذلك للحفاظ على حياتي الزوجية بعيدا عن المشاكل”.

احتياطات لازمة

وكشف “خالد العابد” أنّه قرر الانفصال المؤقت عن أصدقائه بعد الزواج، مبيّناً أنّ الأصدقاء – خصوصاً من تربطك بهم علاقة وثيقة – يكونون مزعجين في أول حياتك الزوجية، وقد يذكرك أحدهم ببعض الذكريات التي تكون من فعل الشباب والطيش، ولا يراعون أنك بهذا التصرف قد تضر بعلاقتك مع زوجتك، مشيراً إلى أنّ بعض أصدقائه أخذ منه موقفا بسبب أنّه لا يرد على اتصالاته أو رسائله، ولكنه بعد أن مر قرابة الشهرين من زواجه بدأ جمع كل أصدقائه في إحدى الاستراحات وشرح لهم الموقف، وعادت المياه إلى مجاريها، كاشفاً عن جدوى هذه الطريقة، خصوصاً ممن لديه أصدقاء أو معارف كثر.

عدم ثقة

وقالت “أريج علي” – متزوجة منذ ما يقارب ثلاثة أشهر: “لم أفعل تصرف كهذا، بل على العكس أبقيت كل شيء كان بحياتي قبل الزواج على ما هو عليه؛ لأنّ حياتي الماضية هي التي ستساعدني بتجاوز أزمات الحاضر التي قد تعترضني”، مشيرةً إلى أنّها لا تشعر بالحرج من الحديث مع صديقاتها بوجود زوجها؛ لأنّها لا تفعل شيئاً خطأ، خصوصاً أنه يعلم أنّه كان لديها حياتها الاجتماعية قبل الزواج، موضحةً أنّ تفهم الزوجين طبيعة علاقات كل طرف قبل الزواج واجب، إذ لا يمكن أن يتخلى الفرد بين يوم وليلة عن حياته الماضية لمجرد الزواج، إلاّ إذا كان هناك نوع من عدم الثقة بما كان يفعله، أو أن يكون هناك ماض مخجل لا يريد أن يطلع شريكه به، وعلى الطرف الآخر احترام خصوصية شريكه، ولا يهتم إلا بما يحصل في حياته بعد الزواج أما قبلها فهو ماض لا شأن له به.

شراكة ومشاركة

وأضاف “إبراهيم عريشي” – معلم: الشباب والفتيات اليوم مختلفون عما كان عليه جيلنا بالماضي، فنراهم اليوم متعلقين بالتقنية كثيراً، ولديهم أكثر من جهاز، وأصدقاؤهم كثر، ولكل حساب بالمواقع الاجتماعية معارف، لذلك عندما يبدأ حياته يحاول التخفيف من مستوى التواصل، لحين التأقلم مع الحياة الجديدة، وبعضهم لا يستطيع الاستمرار، ويعود لحياته السابقة بعد بضعة أيام، وبعضهم تعجبه حياته الجديدة الخالية من زحمة التقنية، فيبرمج حياته على ذلك، وفي نظري أنّ الحياة الجديدة تحتاج لكثير من التضحيات حتى تستقر وتستمر لآخر العمر، فاحترام كل طرف مشاعر الطرف الآخر شيء مهم قبل الحب، فالزواج شراكة ومشاركة، ومتى ما أخذها شبابنا وفتياتنا بمأخذ الجد وجدناهم أكثر ثقه بتسيير حياتهم كما يحبون، وغالبية المشاكل بين الزوجين بسبب كثرة تدخل الآخرين أو الاهتمام بالأصدقاء على حساب البيت والزوج، لذلك لا إفراط ولا تفريط، فأنا غير مؤيد للانعزال التام والانقطاع، ولا بفتح الباب على مصراعيه”.

ترك التهويل

وأشارت “صباح الزهار” – أخصائية اجتماعية – إلى أنّ هذا الأمر يتكرر كثيراً لدى الفتيات؛ لأنّهن يرين أنفسهن مقدمات على حياة تحتاج منهن إلى بذل الجهد الكبير للإمساك بزمام الأمور، خصوصاً إذا انتقلت من مدينة إلى أخرى، بينما الشباب لا يهتمون بهذه الأمور لكونها مسألة وقت ويعودون لحياتهم السابقة، مع قليل من التحفظ والتكيف حسب ما تقتضيه الحياة الجديدة، مؤكّدة أنّ الزواج هو مرحلة جديدة يجب أن تبنى على أسس سليمة، بعيدة عن المثاليات، فانسلاخ الفتاة أو الشاب عن حياته الماضية قبل الزواج ليس في صالحه، بل إنّه قد يجعله في دائرة الاتهام، ولو اختلفت الطباع بين الزوجين بأن يكون أحدهما اجتماعيا والآخر تخلى عن حياته الاجتماعية؛ بسبب الزواج هنا ستكون الفجوة كبيرة بينهما، ناصحةً كل المقبلين على الزواج بعدم تهويل الموضوع، والاستمرار في حياتهم كما هي، ولا مانع من تقنين بعض العلاقات التي قد تسبب إزعاجا لأحد الطرفين، إضافةً إلى الثقة في أنفسهم وبأصدقائهم، فلا يمكن لأي شخص أن يكون حياة جديدة من دون أصدقاء، والتمسك بالهوايات وبالتواصل المستمر بين الفينة والأخرى، حتى لا تجرح مشاعر أحبائك، ويتهمونك بالتغير عليهم.

813937527011

107230940931

جريدة الرياض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.