مؤتمر الحركة الإسلامية ..هل من جديد؟

بين يدي انعقاد مؤتمر الحركة الإسلامية أعلن أمينها العام الاستاذ الزبير أحمد الحسن عن (رفضه) وجود تنظيم عالمي للإخوان لأن له مخاطر ويخضع للمظنة والاتهامات)!
ليت الاخ الزبير اكتفى بقوله إن حركته منذ سبعينيات القرن الماضي نالت استقلالها من التنظيم العالمي للإخوان بدون أن يستخدم عبارات الرفض والشجب والمخاشنة في الحديث عن التنظيم العالمي ذلك أن من حق حركته أن تخرج من عباءة ذلك التنظيم لكن ليس من حقه أن يعلن وعلى رؤوس الأشهاد ، عن رفضه قيام تنظيم عالمي بالنظر إلى أن ذلك أمر لا داعي له ولا شأن له به ولا يجدي شيئاً أو ينفع بقدر ما يضر.
من حق حركتك أخي الزبير أن تفعل ما تراه مناسباً لظرفها التاريخي أو الجغرافي ولكن ليس من حقك أنت كأمين عام أن تحدد للآخرين خياراتهم بل وتستخدم لغة حادة تسفه بها مرئياتهم ولعلي استعير منطقك من أجل الرد عليك ذلك أن ما دعاك لقيادة تنظيم يجمع الناس على العمل لخدمة فكرة في نطاق جغرافي معين (السودان) هو ذاته ما يبرر للآخرين الانضواء في إطار تنظيمي أكبر هو العالم بأسره.
أعجب أن يقول الزبير ذلك عن التنظيم العالمي للإخوان بالرغم من أن العالم شرقه وغربه رمى الحركة ولا يزال عن قوس واحدة مما يحتم عليها أن تحشد قوتها في سبيل التصدي للمؤامرة الكبرى التي لا تستهدفها بقدر ما تستهدف الإسلام ومشروعه السياسي التوحيدي.
الغريب والعجيب أن الزبير قال إن الحركة الإسلامية السودانية (مرتبطة فكرياُ ومن ناحية مبادئ عامة وفهم للإسلام بالحركة الإسلامية العالمية ولكنها نالت استقلالها وارتضت أن يكون منهجها مع الإسلاميين حول العالم التنسيق والتعاضد) فهل يجمع الحركات الإسلامية المنضوية تحت مظلة التنظيم العالمي أخي الزبير غير التنسيق والتعاضد الذي تحدثت عنه، وهل تأخذ حركة النهضة التونسية مثلاً إذناً من التنظيم العالمي قبل أن تُقدم على خطوة سياسية تراها محققة لمصلحة تنظيمها في محيطها الجغرافي المحدود؟!
ثم قال الزبير إن الحركة تتعاون مع التيارات الإسلامية العالمية مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مضيفاً أنه لا بأس من الاتفاق في كيان للتعبير عن قضية كبرى مثل القدس ومأساة مسلمي الروهينقيا.
نعم ، إن هذه هي المجالات التي تتفق عليها الحركات الإسلامية بل والإسلاميون في شتى أنحاء العالم والذين ما نشأت مشكلة في أية منطقة إلا وتجدهم قد اتخذوا موقفاً موحداً حولها ذلك أنهم يصدرون عن وجدان واحد تربى على قيم مشتركة صيغت من معين القرآن الكريم وسنة وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
على كل حال استشف من خلال تصريحات الأخ الزبير بعض التناقضات ولا أستطيع أن أجزم أن (الدرب رايح ليهو) فمؤهلاته وخبراته تكفي للتعبير عما يريد قوله ولكنه لم يكن موفقاً البتة في ذلك الحوار الذي تناقلته بعض الصحف السياسية.
ينعقد اليوم مؤتمر الحركة الإسلامية المساندة – ولا أريد أن أقول التابعة – للمؤتمر الوطني رغم أنها الحقيقة المرة حتى وإن غضب من ذكرها من لا يزالون يزعمون أن الحركة هي الأم الرؤوم للمؤتمر الوطني.
أقول ما ظللت أردده أن الحركة ليست في عافية فعندما عقدت مقارنة بين دور المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي الذي يمثل المرجع الأعلى الذي يحمل في يده بوصلة النظام الحاكم في إيران وبين الأمين العام لحركة السودان الإسلامية الذي لا يمثل أي شيء في هيكل النظام الحاكم بدليل أنه مجرد نائب برلماني ثارت ثائرة الزبير ورد عليّ بالرغم من أنه لم يتهمني بالسعي للإضرار بالحركة إنما أحسن الظن بي إذ اعتبرني باحثاً عن دور يُنصفها في هياكل الدولة.
إذا كان الزبير يصر على أن يقول إن المؤتمر الوطني يمثل الذراع السياسي للحركة فليقل لي أين موقع الوطني في هيكلها التنظيمي وهل يخضع لما تخضع له الأمانات الأخرى من مراجعة ومحاسبة وخطط تعد وتجاز في الخطة العامة للحركة أم أنها (علمانية كاملة الدسم) تفصل العمل السياسي عن العمل الدعوي باعتبار أن ما لقيصر الوطني لقيصر وما للدعوة للدعوة؟!
ظللت أقول إن الحركة الإسلامية التابعة للوطني – لا القائدة – لا تريد ان تُخضع تجربتها لمراجعة تحدد العلاقة بين الحاءات الثلاثة (الحزب والحكومة والحركة) بما يجنب الحركة المسؤولية عن الأخطاء الكارثية التي يرتكبها الحزب والحكومة في حقها بالرغم من أنها ككيان لا تتحمل أي مسؤولية عمّا يقترفانه من أخطاء مما يؤثر في حاضرها ومستقبلها ذلك أن أعداءها التاريخيين لا يهاجمون الوطني أو يعيرونه إنما يعيرونها هي بفشل الوطني وحكومته في تحقيق ما التزمت به حين قامت بانقلابها.
أختم بالقول إن الحركة تحتاج إلى قيادتها التاريخية فقد كان الأستاذ علي عثمان هو الرجل الثاني بعد شيخها الترابي رحمه الله وآن لمن يريدون لها احتراماً وعودة إلى دور مفقود أن يُعيدوا قيادتها التاريخية لتُمسك بخطام الحركة من جديد.
أرجو من الأخ الزبير ألا يحمل كلامي هذا على أني أباغضه فوالله الذي لا إله إلا هو أني لا أحمل له إلا الود والإخاء لكني في ذات الوقت لا أريد إلا خير الحركة بحيث يقودها رجل يضيف إليها في الداخل والخارج من رمزيته وقدراته وتاريخه وكسبه السياسي، فهلّا ترجل الزبير لشيخه الذي أشعر بأنه جدير بأن يجمع شتات ابنائها في وقت عصيب تمر فيه حركة الإسلام داخلياً وخارجياً بأصعب تحد تواجهه في تاريخها الطويل.
كوش نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.