معتز.. رصيدك على وشك النفاد!!

في عالم الطيران تبالغ الشركات بالاهتمام بصيانة الطائرات، لأنَّ الخطأ على ارتفاع عشرة آلاف متر غير قابل للجبر، فثمنه أرواح مئات من الركاب.. ولهذا يُلحق بقسم الصيانة قسم آخر مختص بالكشف المستمر على سلامة أدوات الصيانة نفسها بضبطها على المعايرة القياسية..

منذ أن تسلم رئيس الوزراء القومي السيد معتز موسى مهامه ومع أول اجتماع لمجلسه، كتبتُ هنا واختصرت وصف الحال بأنَّ (معتز رايح ليه الدرب).. ورد رئيس الوزراء قائلاً (بالعكس.. معتز مسك الدرب)!

في ذلك العمود اقترحتُ على رئيس الوزراء أن يهتم بـ(معايرة الأجهزة القياسية) كما هو الحال في صناعة الطيران.. ولا ينشغل بمهام (قسم الصيانة).. وبصورة عملية مباشرة اقترحتُ عليه أن يعهد بالتخطيط للمجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي (طبعاً بعد إصلاحه فهو الآخر معطوب حتى النخاع).. وسبق أن كتبت هنا أنَّ عقلية التخطيط يجب أن تُفصل عن عقلية التنفيذ.. والمثال في تجربة البروفيسور محمد حسين أبو صالح في ولاية الخرطوم.. بدأ عمله في وضع الخطط لولاية الخرطوم من منصة (المجلس الأعلى للتخطيط بالولاية).. لكنه ارتكب خطيئة العمر عندما انساق وراء الساسة وقبل بتحويله إلى (وزارة الشؤون الإستراتيجية والمعلومات)، فأصبح وزيراً من جملة الوزراء يلهثُ وراء التكتيك اليومي فضاع التخطيط.. ثم استقال عندما أدرك فداحة خطئه.

لكن رئيس الوزراء اليوم يعمل بنظام (ثلاثة في واحد) فهو المُخطِط والمُنفذ والمصحح لكراسته.. يصدرُ القرار، ثم يشرع في تنفيذه، ثم يكتب في التغريدة (نحن نسير في الاتجاه الصحيح) كل ذلك (فُل أوتوماتيك) فتكون النتيجة كما هو الحال اليوم.. انتهى ميقاته المضروب لحل مشكلة السيولة ولا سيولة.. بل وتمتد الصفوف أكثر وأكثر.. ليس صفوف الصرافات ومحطات الوقود والمخابز وحدها، بل حتى صفوف الكوارث وآخرها حريق سوق أمدرمان الكبير..

يغيبُ (التخطيط) لصالح (التخبيط)، الذي يبدو جلياً في صدور القرار السابق بحصر بيع الذهب لبنك السودان المركزي، ثم الآن يعودُ ليمسح القرار ويفتح الباب للقطاع الخاص في أقل من ثلاثة أشهر.. كل هذا في سياق (التجريب) الأقرب (للتخريب).. في وضع حساس وخطير للغاية..

على كل حالٍ، ورغم أنَّ وزارة معتز استهلكت ثلاثة أشهر ثمينة من رصيدها فالأجدر تصحيح المسار، فـ(نحن لا نسير في الاتجاه الصحيح).. وذلك بالتالي:

أولاً: تطوير وترفيع وضع ودور ثلاثة أجهزة، المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي، والجهاز المركزي للإحصاء، والمركز القومي للمعلومات..

ثانياً: الدخول بكل قوة في المسار السياسي، لأنه أصل المشكلة، فالسيد معتز موسى يجتهدُ في إبعاد نفسه من هذا المسار لحساسيته، لكن النتيجة واحدة فما يخشاه فيه سيلاقيه في الفشل الذي سيكون حتماً نتيجة هروبه منه..

ثالثاً: الاستثمار، الاستثمار، الاستثمار.. ومفتاحه الاستثمار الأجنبي.. الذي بدوره مفتاحه في “السياسة الخارجية”.. و”الخارجية” مفتاحها ضائع.

التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.