حكايات تدمي القلب.. جريمة يحميها المجتمع

نطالع بصفة شبه يومية عبر الصحف والنشرات الإخبارية عن حالات اغتصاب للأطفال بصورة مزعجة جعلت معظم الأسر تفقد الثقة فى من هم حولهم: سيد الدكان وودالجيران لكن للأسف ورغم العقوبات الرادعة بقانون الطفل والتى قد
تصل لحد الإعدام فإن الأمر مازال فى تزايد مستمر ويبدو أن حالات الاغتصاب المعلن منها أكثر بكثير من تلك الحالات التى يتستر عليها أفراد المجتمع خوفاً من رد الفعل أو الفضيحة.
تحقيق: زينب احمد
كانت البداية فى كشف عالم مليء بالوحشية “بوست” أرسلَتْه إحدى النسوة فى قروب خاص بهن تستشير فيه رفيقاتها عن الكيفية التى تخبر بها جارتها بحقيقية مايدور خلفها بقولها (واجعنى قلبى على ود جارتى عارفة أولاد الحى بيلعبوا
بيو وخايفة أكلم أمه تقول لى إنتى واحدة كذابة) لتنقل فى كلمات بسيطة واقعاً مَعِيش لايلتفت له الكثيرون
ولم تكن هذه المفاجاة الأولى عند طرحها لاستشارتها فقد كانت المفاجاة الأكبر أن كثير من المشارِكات فى “القروب” مررن بحالات مشابهة لما يحدث لطفل جارتها وتبِع البوست الذى أرسلته عدة بوستات تحمل معاناة مشابهة لأـطفال لا تتعدى أعمارهم الخمسة سنوات يتم استغلالهم بوحشية من قبل أشخاص فى الحقيقية هم محل ثقة للأسر.
مفاجاة
قالت إحدهن وهى تعلق على البوست الذى أرسلته صديقتهم أنه حدث لها ذات الموقف فى إحدى أيام شهر رمضان المعظم الماضى كانت وقتها عائدةً للتو من عملها عندما نادتها أمها بصوت مزعور لترى بأم عينها مايحدث، عند وصولها
للمكان الذى تقصده أمها رأت صبياً في السابعة عشر من عمره يعتدى على طفل فى الرابعة من عمره, انتبه الصبي لصراخها وأمها وهم يهرولون نحو سطح المنزل الذى كان فيه بعد مشاهدتهم له, نزل الصبى مسرعاً بصحبة الطفل وتوارى فى إحدى الشقق فذهبت وطرقت الباب فتحت لها الباب جدة الطفل التى كانت وقتها تقرأ القرءان سألتها عن أم الطفل إن كانت موجودة أجابت بالإيجاب فطلبت مقابلتها وأول ما طرحتة عليها هل تعرف من كان بصحبة طفلها خارج الشقة أجابت نعم هو خاله, قالت حينها لم أستطع أن أقول شيء فقد ألجمتنى المفاجأة فخرجت عند خروجى رأيت الطفل يلعب كأن شيئاً لم يكن فى حين
توارى خاله عن ناظري.
عدت بعد يومين والحديث مازال لها وأخبرت الأم بحقيقية ما رأيت وطلبت منها أن تعرض طفلها على طبيب ليؤكد صدق أو يكذبه وقالت لها بالحرف الواحد: إني مسؤولة مسؤولية كاملة عن ماقلته ولك أن تفتحي بلاغاً ضدي إن تبيَّن لك كذب ماحدثتُك به.
تجربتى
تبعتها أخرى بقولها أن إحدى جاراتها لديها ابن من رجل آخر غير زوجها الذى تعيش معه تبذل جارتها كل مافى وسعها لسعادة هذا الابن وتلبِّي له كل طلباته مخافة أن يتركها ويذهب لطليقها, فى أحد الأيام سمعت الابن الكبير يتوعَّد أخاه من أمه الصغير حين اقتربت منهم وجدت الطفل يرتجف خوفاً من أخيه فزجرت الأخ الأكبر وطلبت منه أن يدع الطفل وشأنه, بعد أن مضى الأخ الأكبر لحال سبيله أخذ الطفل يبكي بحرقة وهو يحدِّثها بما يفعله به أخوه عندما يحل الظلام وينام الجميع ولم
يخفى عليها خوفه من فتك أخيه إن هو أخبر أحداً من أفراد الأسرة.
مأساة أخرى
ربما كان هذا الطفل محظوظاً بعض الشيء فعلى حسب حديث مربيته فى الروضة أنها لاحظت تكرار ذهاب إحد الأطفال لدورة المياه بكثرة فسألته إن كان يشعر بشيء يجعله كثير الذهاب للحمام فى بادئ الأمر رفض أن يحدثها لكنه عاد وأخبرها بعد أن وعدته بأن ما سوف يذكره لها سوف يكون سراً بينهما لا يطِّلع عليه أحد, قال الطفل لمربيته إن أحد جيرانه اعتاد على الاعتداء عليه يومياً حين عودته من الروضة للمنزل وأنه ينتظره فى الطريق ليأخذه لمكان بعيد ويفعل به مايفعله عندما سألَتْه لماذا لم يخبر أمه بمايحدث له أجابها بأنه هدده بالذبح إن هو حدَّث أي شخص بما يفعله به أخبرت المربية مدير المدرسة التى تتبع لها الروضة فتساقطت دموع المدير من هول ماسمعه حين أحضر الطفل ليسأله عن حقيقية ماذكرته المربية رفض الطفل فى البدء الحديث ونظر للمربية وكأنه يلومها على إفشاء سرِّه طمأنته بقولها إن المدير لن يخبر أحداً ولن يفعل له شيء فأخبره بما أخبر به مربيته.
حالة مرضية
حالة مرَضيَّة، بهذه الجملة ابتدرت نازك عوض, اختصاصية نفسية حديثها واتبعت بقولها فى الحقيقية هى حالة مرَضيَّة أكثر من كونها استمتاع بالجنس ويزيد الأمر تناول المخدرات وغياب العقل للأسف كونها حالة مرضية فهذه واحدة من المصائب, أعتقد أن الأمر فى حاجة شديدة لتوعية خاصة وأنها من الجرائم
المسكوت عنها خوفا من الفضيحة.السلم التعليمى واحد من أهم الأسباب التى أدَّت لتفاقم المشكلة لوجود تلاميذ مراهقين مع أطفال فى مدرسة واحدة بالإضافة لانتشار التلفونات المحمولة والتى تتيح تقنيته للصبية والأطفال الاطلاع على الأفلام والمقاطع الإباحية وانتشار قروبات الدعارة بالإضافة لكثير من المسلسلات الهندية والتركية المعروضة على القنوات الفضائية كل هذه العوامل تستوجب تضافر الجهود من أجل التوعية ولابد من قيام مراكز استشارية لتوعية الأمهات بكيفية حماية أطفالهم من هذا السلوك والطريقة التى يتجاوزن بها المحنة حال تعرض أى من أبناءهم لمثل هذه المواقف ومنع الأطفال من الخروج بمفردهم من المنزل وعدم إرسالهم لدكان وبمجرد دخول الطفل لروضة يجب على أمه أن تحذِّره من عدم
السماح لأحد من الوقوف من خلفه أو إدخال يده فى جيبه,
ختمت نازك حديثها بقولها من أكثر الأخطاء الشائعة أن معظم الأمهات وكذلك الأسر يربُّون أطفالهم على الخوف وذلك باتباعهم أسلوب الصراخ والضرب حال أخطأ الطفل مما يجعله متخوفاً من إخبارهم بما يحدث له خوفاً من غضبهم
أو ضربهم له وعلى الأم أن تكون لصيقةً بطفلها دائماً ومتابعة له ولسلوكه.
إحصائية مخيفة
على حسب احصائية سابقة لحقوقيون فإن هنالك حواليْ ثلاثة ألف حالة اغتصاب بولاية الخرطوم وحدها, 80 % منها تحرش فيما أوضحت دراسة خرى أن86,7% من الأطفال فى العاصمة الخرطوم يتعرَّضون لمحاولات اغتصاب جنسي و67,7% من الأطفال يتم اغتصابهم بعد استدراجهم من قبل الجاني كذلك تشير بعض الإحصائيات الغير رسمية إلى أن 30% من الجناة هم من الأقارب و60% من الأصدقاء أو ود الجيران و10% منهم لاتربطهم به أى علاقة.
عظة وعبرة
استبعد عثمان العاقب المحامى تراجع نسبة الاعتداء على الأطفال مالم تستجب الجهات المختصة لمطالبهم بتنفيذ عقوبة الإعدام على الجانى فى ميدان عام كما يحدث فى دول عدة حتى يكونو عظة وعبرة لغيرهم فى ذات الوقت الذى استغرب فيه رفض وحدة حماية الطفل بالولاية عن الإفصاح
عن الإحصائيات الحقيقية لحجم الاعتداء وقال أنه على حسب متابعتهم للعمل فى المحكام فإن نسبة البلاغات قد تصل لدى محكمة الطفل بمدرمان إلى 26 بلاغ فى اليوم ومن 8 إلى 10 بلاغات فى محكمة الخرطوم فيما ترتفع البلاغات فى محكمة بحرى لدرجة أنه تم تعيين قاضى آخر للنظر فى البلاغات ونبَّه العاقب الأسر لضرورة الاهتمام بأطفالهم مشيراً إلى أن معظم الأطفال الذين تعرضوا لاعتداء هم فى الأصل من أسر متفكِّكة أو انشغال الآباء.

التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.