صحيفة لندنية تكشف حديثا ليس للنشر : معتز موسى … هل يكون ترياقا للأزمة السودانية؟

فاجأ الرئيس عمر البشير المجتمع السياسي السوداني بتسمية الإسلامي العتيد «معتز» رئيساً للوزراء، خلفاً لرئيس الوزراء السابق بكري حسن صالح، بقراره الذي صدر أول من أمس بهيكلة الحكومة وتقليص الوزارات وفصل منصب النائب الأول عن رئيس الوزراء.

تخرج رئيس الوزراء الجديد «معتز موسى عبد الله سالم»، في كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في جامعة الخرطوم عام 1989. عشية الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، وأتى بالإسلاميين بقيادة الترابي 30 يونيو (حزيران) 1989.

ومنذ أن كان طالباً في الجامعة عرف بولائه الصارم لـ«حركة الاتجاه الإسلامي» التنظيم السياسي للإسلاميين السودانيين، ويبدو أن تخرجه في ذلك الوقت كان «فألاً حسنا» لإخوانه في التنظيم، ما جعله يتقلب في الوظائف التنفيذية حتى وصل قمة الجهاز التنفيذي في البلاد رئيساً للوزراء. عرف الرجل بأنه كان أكاديمياً صارماً أثناء سنوات الجامعة، وبعد تخرجه حصل على عدد من الدرجات العلمية، ومنها درجة الماجستير في الدراسات الاستراتيجية، وماجستير العلوم السياسية، والماجستير والدبلوم العالي في الترجمة.

مؤهلاته العلمية، وعلاقته بـ«التنظيم الحاكم» مكنته من العمل في المركز القومي للإنتاج الإعلامي بعد سنة واحدة من تخرجه أي في العام 1990. ثم انتقل ليعمل دبلوماسيا برئاسة وزارة الخارجية في 1992، وشغل منصب قنصل في سفارة السودان بجمهورية ألمانيا الاتحادية 1994. ثم مديراً للإدارة العامة للإعلام والمعلومات، لينتقل منها مديراً للإدارة العامة للتمويل، ثم الإدارة العامة للمشروعات بوحدة تنفيذ السدود 1998، إلى أن عين وزيراً للموارد المائية والكهرباء في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وظل بها حتى قرار تعيينه رئيساً للوزارة ليلة الأحد.

أدار موسى وزارة الري والموارد المائية إبان تفجر أزمة «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، ويقول المراقبون بأن إدارته لتلك الأزمة أسهمت في تهدئة الفرقاء المصريين من جهة والإثيوبيين من الجهة الأخرى، لكن تقارير صحافية «مصرية» دأبت على وصف الموقف السوداني بأنه موقف «مهادن لإثيوبيا»، فيما تداولت منصات التواصل الاجتماعي تقارير بأن الرجل لم يكن مفاوضاً، بل كان وسيطاً بين المصريين والإثيوبيين.

لكن مراقبا طلب عدم كشفه، قال إن الرجل كان يدير ملف سد النهضة من وحي التناقض السوداني المصري، وإنه استخدم الملف للضغط على مصر للحصول على تنازلات تتعلق بالقضايا العالقة بين مصر والسودان، وعلى رأسها النزاع على «مثلث حلايب».

وتابع: «كان يتعامل مع المصريين بندية لافتة، وهو الأمر الذي أكسبه ثقة الرئيس، فأبقى عليه في وزارة الري لفترة طويلة».

في حديث «ليس للنشر» مع نائب رئيس الوزراء وزير الاستثمار السابق مبارك الفاضل المهدي، قال فيه لمراسل «الشرق الأوسط» الجهاز التنفيذي «ضعيف»، بيد أن الرجل استثنى موسى من ضعف الجهاز التنفيذي بقوله: «ليس في هذه الوزارة وزير يملك قدرات سياسية وتنفيذية ويملك إرادة عمل قوية تؤهله لمهام منصبه، سوى اثنين أو ثلاثة» أشار إليهم بالاسم بينهم «معتز موسى».

كانت تلك الإفادة قبل أشهر كثيرة من حل الحكومة، وحين اختير موسى رئيساً للوزراء طلبت «الشرق الأوسط» برسالة نصية من المهدي السماح لها بنشر إفادته تلك فأجاب باقتضاب «لا مانع». ونشر زميل دراسته «مدثر داؤود» على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تغريدة أنه زامله لعام واحد في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، نفى خلالها أنه كان إسلامياً متشدداً أيام الطلبة، وقال: «إن لم أكن أعرفه معرفة شخصية، لكونه لم يكن من (حملة السيخ)، فقد كان من أعضاء التيار المعتدل في الاتجاه الإسلامي».

وأوضح داؤود أن معرفته توثقت بالرجل في «مسجد وضحة» بضاحية الرياض «الذي كان يداوم على الصلاة فيه، برغم أنه من سكان المنشية»، وتابع: «أشهد بأن الرجل كان بيننا متواضعاً بشوشاً مهذباً، يسمع للصغير قبل الكبير».

يحتفظ الرجل المولود في منطقة «صراصر» التي يقال بأن أسلاف الرئيس البشير عاشوا فيها، وهو ما جعل منصات التواصل الاجتماعي تتحدث عن «قرابة» تجمعه بالرئيس، لكن الراجح أن البشير يثق في الرجل ثقة كبيرة، تنبه لها الصحافي «النور أحمد النور» باكراً، وذكر في أحد تقاريره أن «معتز موسى» من المرشحين الأقوياء لتولي منصب رئيس الوزراء، وتحققت نبوءة وتحليلات الصحافي، وجلس الرجل على المنصب التنفيذي الأول.

الشرق الاوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.