“الحياة قصيرة جدا لعمل الأشياء التي لا تحب عملها”، مقولة يتخذها أحمد أبو زيد مبدأ في حياته، فعلى الرغم من تفوقه الدراسي ودخوله كلية الهندسة قسم مدني، فإنه أدرك بعد التخرج أن حياته العملية ليست في الهندسة، وإنما تكمن في مجال آخر.
كان شغفه بهواية التصوير الفوتوغرافي سببا في اتجاهه لموقع يوتيوب لمشاركة خبراته مع متابعيه، وبمرور الوقت أصبح أبو زيد صانع محتوى محترفا أو ما يُعرف باسم “يوتيوبر”، ويقدر عدد المشتركين بقناته “دروس أونلاين” بأكثر من 2.3 مليون متابع، وأصبح يقدم فيديوهاته برعاية تطبيقات وشركات عالمية، وهو ما يكفل له عائدا ماديا جيدا عبر الإعلانات.
لم يكن قرار أحمد أبو زيد بترك عمله مهندسا مدنيا قرارا سهلا، حيث احتاج مدة طويلة من التفكير استمرت قرابة عشرة أشهر كاملة، ليخوض تجربته الجديدة التي كان يعتبرها أهله وأصدقاؤه مجازفة بحياته المهنية، لكنه قرر أن يخوض التجربة ويمضي إلى عمل جديد.
يقول أحمد للجزيرة نت “العمل مهندسا مدنيا لم يكن مجالا أحبذه وهو بعيد كل البعد عن رغبتي، كنت قد دخلت كلية الهندسة حبا في مادة الرياضيات، ولكن تخصصت في قسم الهندسة المدني، الذي لم يكن له أي علاقة بمادة الرياضيات، كما كانت المهنة مختلفة عن طبيعة شخصيتي”.
وبعد 17 شهرا من العمل في مجال الهندسة، وصل أبو زيد إلى مرحلة لا يستطيع معها الاستمرار بسبب ضغط العمل.
ويقول “واجهت نقدا شديدا من جميع من حولي جراء قراري، لكني وجدت سعادتي في صناعة الفيديوهات والعمل أمام الكاميرا وعلى المونتاج، وأصبحت مسرورا بخدمة المتابعين، فعلى سبيل المثال كنت سببا في تعليم بعض زوار الصفحة اللغة الإنجليزية”.
ويصف عمله الجديد عبر يوتيوب بالمهم والمثير والمفيد، فهو يقدّم محتوى تعليميا يتضمن تعليم اللغة الإنجليزية والجرافيك، ويقدّم النصائح في أكثر من مجال.
وعدّد أبو زيد سلبيات العمل الحر على يوتيوب، مثل عدم وجود فاصل بين وقت العمل ووقت الراحة، وعدم وجود دخل ثابت، وافتقاد المميزات الخاصة بالعمل الطبيعي مثل التأمين الصحي والإجازات وغيرها، إلا أنه غير نادم على تجربته، فهو حر في وقته، وغير مرتبط بموعد معين لإنجاز الفيديوهات وعرضها.
ووفقا له فإن العمل على يوتيوب يحقق دخلا ماديا جيدا، لكنه احتاج مدة كبيرة من العمل والاجتهاد والدراسة قبل اتخاذ الخطوة، وإلا سيتحول الأمر إلى مجازفة ومغامرة غير محمودة العواقب.
نماذج عدة
ولا يعد أحمد أبو زيد الشاب الوحيد الذي تحوّل إلى العمل عبر يوتيوب في مصر، فهناك الكثير من الشباب الذين وجدوا ضالتهم في موقع التواصل الاجتماعي الشهير، ومنهم عبد الله خالد (33 عاما)، الذي تخرّج من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، لكن بسبب شغفه بصناعة المحتوى، اتجه إلى تعلم الإخراج والتصوير والمونتاج، والعمل في صناعة الأفلام التسجيلية، ثم اتجه لصناعة المحتوى عبر يوتيوب وفيسبوك.
يقول عبد الله في حديثه للجزيرة نت إن صانع المحتوى يركز على ما يهم زوار مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تقديم فيديوهات جذابة.
ويشير إلى أن اهتمامه كان بالأساس منصبا على القضايا الاجتماعية التي تهم المواطنين وتحظى باهتمام إعلامي، مع اختيار قوالب كوميدية أو درامية لتقديمها.
ولفت عبد الله إلى أن أصعب التحديات التي تواجه صناع المحتوى عموما، هو أن العمل عبر يوتيوب لم يعد سهلا كما كان في البداية، حيث أصبح معدل الوصول إلى المحتوى ضعيفا بسبب زيادة المستخدمين، واتباع الشركة سياسة لتقنين معدل الوصول، بجانب ظهور فيسبوك منافسا قويا حتى أصبحت له الصدارة في صناعة المحتوى بفعل معدل الإقبال والمشاهدة.
ووفقا لعبد الله فإن ما يميز العمل على يوتيوب هو القدرة على الإبداع وتنفيذ العمل دون ضغط الوقت، بالإضافة لعدم الحاجة لتوفر ميزانية كبيرة لأن المحتوى لا يحتاج إلى تكاليف كبيرة، مؤكدا أن أهم شيء في هذا المجال هو تقديم محتوى جيد يحظى بقبول جماهيري، وفي سبيل ذلك يعمل مدة تتراوح بين 6 و7 ساعات يوميا من تحضير للمادة وتصوير ومونتاج وتحميل على الإنترنت.
المصدر : الجزيرة