– تشكلت قبل نحو 7 أعوام لمحاربة الحركات المسلحة في دارفور
– طالتها الكثير من الانتقادات المحلية والدولية والاتهامات بارتكاب “انتهاكات” بحق مواطنين
– كانت تابعة لجهاز الأمن والمخابرات قبل أن تتبع الجيش بدءا من يناير 2017
– توسعت مهامها لاحقا لتشمل حماية الحدود وحفظ النظام
– يرجح أنها أكبر قوة على الأرض ضمن القوات السودانية المشاركة بالحرب في اليمن
– اصطفاف قائد القوات إلى جانب المحتجين يستبطن موقفا لافتا وغير مفهوم
تصريحات لافتة أدلى بها محمد حمدان دقلو، قائد قوات “الدعم السريع” بالجيش السوداني، دعا من خلالها حكومة بلاده إلى توفير الخدمات للمواطنين، وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
موقف أظهر اصطفافا سافرا إلى جانب الاحتجاجات المتفجرة بالبلاد، والمنددة بالأوضاع الاقتصادية، واستقطب اهتمام جميع الأوساط السودانية، بل كسر أيضا الصورة النمطية المتداولة عن قوات لطالما طوقتها انتقادات واسعة جعلتها مثار جدل محلي منذ تأسيسها قبل 7 أعوام.
البعض يرى في تصريحات القائد العسكري الشهير بـ”حميدتي”، محاولة لرأب الصدع اللاحق بسمعة قواته، جراء اتهامها بارتكاب “انتهاكات” واسعة ضد مواطنين.
فيما يرى البعض الآخر أن الرجل أعلن، بذلك، القطيعة مع الرئيس عمر البشير، مع أن الأخير هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ببلاده، والتي تشمل قوات “الدعم السريع”.
في ما يلي، تستعرض الأناضول لمحة عن هذه القوات التي يبدو أنها ستثير الجدل ببلادها، لكن هذه المرة، بشكل بعيد عن زاويته المعتادة:
منذ أكثر من أسبوع، تشهد 13 ولاية سودانية وأكثر من 18 مدينة تظاهرات احتجاجية ضد الغلاء، توسعت مطالبها للمناداة بإسقاط النظام.
ومع أن السلطات السودانية اعتمدت مقاربة أمنية لتفريق الاحتجاجات، وسط وعود بالإصلاح وحل الأزمات، إلا أن تصريحات حميدتي بعثرت الموقف الرسمي، باصطفافه إلى جانب المتظاهرين.
وجاءت تصريحات القائد العسكري لدى مخاطبته الكتيبة الخاصة من قواته، العائدة من الحدود السودانية الليبية ومنطقة وادي هور بشمال دارفور.
ومنذ تشكيلها قبل نحو 7 أعوام، ظلت قوات “الدعم السريع” محل اهتمام كبير، باعتبار توقيت تشكيلها الذي جاء في سياق معقد بالتزامن مع الحرب في إقليم دارفور غربي البلاد.
ويشهد الإقليم، منذ 2003، نزاعاً مسلحاً بين الجيش السوداني ومتمردين، ما خلف نحو 300 ألف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص، بحسب إحصائيات أممية.
“قوة مقاتلة” جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقاً، وحفظ النظام في البلاد، غير أن تواجدها في المدن السودانية واجه انتقادات واسعة محلياً.
لكن، ورغم الانتقادات، إلا أن الثقة التي تحظى بها القوات من البشير، منحتها المزيد من القوة والنفوذ والدعم، لتكون أحد أذرع النظام القوية.
** خصوصية
احتفظت القوات بخصوصيتها، وتميزت باسمها “قوات الداعم السريع” الذي لا يكتمل تعريفه إلا بـ”التابع للجيش السوداني”، حيث كانت تتبع في السابق (قبل يناير 2017) جهاز الأمن والمخابرات بالبلاد.
خصوصية اعتقل بسببها زعيم المعارضة الصادق المهدي، لشهر، لاتهامه تلك القوات بارتكاب “تجاوزات” ضد المدنيين في دارفور، وذلك في مايو/ أيار 2014 .
ولم يكن المهدي وحده المنتقد لقوات الدعم السريع آنذاك، فجهات دولية وأحزاب مدنية معارضة وحركات متمردة مسلحة، زعمت أن الدعم السريع هي امتداد لـ “مليشيا الجنجويد” سيئة السمعة، وتعتمد في مكونها على العنصر العربي في دارفور.
لكن الحكومة ، ظلت تنفى عن القوات صفة القبلية، وأكد المسؤولون الحكوميون مرارا أنها “قوة قومية”.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت عدة مدن سودانية احتفالات بتخرّج الآلاف من مجندي هذه القوات، وهو ما اعتبره حميدتي “تأكيد على قوميتها وأنها لا تمثل قبيلة واحدة كما يروج الأعداء”.
ويشدد قادة قوات الدعم السريع على أنها، منذ تأسيسها، ضمت كل أبناء دارفور، لمساعدة الجيش السوداني في حربه ضد الحركات المسلحة بالإقليم.
وفي مايو/ آيار 2014، دخلت قوات الدعم السريع في جدل مع البعثة الأممية المختلطة “يوناميد” في دارفور، ووجهت اتهامات لقوات البعثة “بأنها تتربح من وراء الحرب الدائرة بالإقليم، وتسعى لتمديد أمدها”.
جاء ذلك رداً على تقارير أممية اتهمت قوات “الدعم السريع” بارتكاب “جرائم فظيعة” في دارفور، وأعلنت القوات حينها أنها “نظامية تتبع إدارياً وفنياً لجهاز الأمن، بينما تتبع للقوات المسلحة في ما يتعلق بالتخطيط والعمليات القتالية”.
** توسع المهام
مع تراجع العمل العسكري في دارفور بالأعوام الأخيرة، لعدة أسباب أهمها وقف إطلاق النار الأحادي من قبل الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، توسعت مهام قوات الدعم، لتشمل الحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية على الحدود السودانية مع ليبيا وكذلك في الحدود الشرقية.
كما أن مشاركتها في الحرب في اليمن ضمن منظومة الجيش السوداني، أكسبها بعداً إقليميا مؤثراً، حيث يشار إليها بأنها القوة الأكبر على الأرض من القوات السودانية التي تتواجد في حرب اليمن.
ويشارك السودان في حرب اليمن التي تقودها السعودية والإمارات، منذ مارس/ آذار 2015، ولم يعلن السودان عن عدد قواته المشاركة في الحرب، لكنه أعلن استعداده إرسال 6 آلاف مقاتل إلى اليمن.
وحققت قوات الدعم السريع نصراً كبيرا،ً في نوفمبر/ كانون ثاني من العام 2017، حين تمكنت في معركة قصيرة بمنطقة مستريحة بدارفور، من القبض على موسى هلال، الزعيم “التاريخي” لميليشيا “الجنجويد”، المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية لشخصيات سودانية بسبب حرب دارفور.
وهلال؛ قائد لميليشيا شهيرة محسوبة على مجموعة القبائل العربية، أطلق عليها وقتها اسم “قوات الجنجويد”، حاربت إلى جانب الحكومة منذ اندلاع النزاع في دارفور، وهو وحميدتي أبناء عم.
ويتزعم هلال عشيرة “المحاميد”، إحدى أفخاذ قبيلة “الرزيقات” العربية، وأسس الميليشيا الشهيرة، ثم تطورت لاحقاً إلى قوات “حرس الحدود”، التي انضمت للجيش السوداني.
وقال حميدتي، في تصريحاته الأخيرة، إن قوات الدعم السريع “تتعهد بمواصلة جهود بسط هيبة الدولة دون هوادة أو مجاملة لأحد ومهما كانت الكلفة”، متعهدا بالمضي في حملة جمع السلاح.
وجمع السلاح، حملة أطلقتها الحكومة السودانية في 6 أغسطس/ آب 2017، وتهدف لجمع السلاح غير المرخص، وانتهت مرحلتها الطوعية، وبدأت مرحلة جمعها قسريا.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016، اتهمت حركات مسلحة الاتحاد الأوروبي بتمويل قوات الدعم السريع، للحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية.
إلا أن الاتحاد الأوروبي نفى ذلك، وأوضح أن تسليم الاتحاد مساعدات للسودان على المستويات الثنائية والإقليمية، يتم “من خلال الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية، وليس من خلال الحكومة السودانية”.
وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي، دخل حميدتي في خصومة علنية مع والي ولاية شمال كردفان، أحمد هارون، المقرب من البشير، والمطلوب من قبل محكمة الجنائيات الدولية، لكن الرئيس استطاع أن يجمع بينهم ويعقدا صلحاً.
وأجاز البرلمان السوداني، في يناير/كانون ثان 2017، قانون للقوات المثيرة للجدل، يجعلها تابعة للجيش بعد أن كانت تتبع لجهاز الأمن والمخابرات.
وفي ظل التطورات الراهنة، يرى مراقبون أن دور هذه القوات في خضم الأحداث بالسودان، سيكون واضحا في جانب ما، وأن الأيام المقبلة ستفرز مواقف سافرة لقيادتها قد تكون أخطر مما يبدو عليه الأمر حاليا.
الاناضول