خال الرئيس .. هل آن لنا أن نفرح قليلاً ؟! (1)

سعادتي لا توصف أن يدشن اتحاد الغرف التجارية، بقيادة المهندس يوسف أحمد يوسف، بحضور نائب محافظ بنك السودان واتحاد المصارف، حملة حل مشكلة السيولة بإيداع (500) مليون جنيه أو (500) مليار بالقديم (كاش داون) بسوق ليبيا.
ليس هذا وقت التلاوم عن لماذا لم يقدم هؤلاء على تلك الخطوة الجبارة عند بداية تفجر المشكلة فقد فعلوها في نهاية الأمر وينبغي أن يشكروا.

أجزنا بالأمس موازنة عام 2019 في المجلس الوطني بحضور معتز موسى رئيس الوزراء، ومحمد خير الزبير محافظ بنك السودان، ولم ينس معتز كما لم ينس علي محمود رئيس اللجنة الاقتصادية وعدد من أعضاء البرلمان الإشادة بخطوة اتحاد الغرف التجارية والتي من شأنها أن تعيد بعض الثقة المفقودة في النظام المصرفي وفي البنوك التي أصيبت بلطمة كبرى لم تشهد مثلها منذ الاستقلال بعد أن جف ضرعها تماماً ونضب معينه.
أقول ليوسف أحمد يوسف وصحبه من الذين تجاوزوا ذواتهم الفانية في سبيل الهدف الكبير الذي فعل بالسودان وشعبه الأفاعيل تضييقاً وضنكاً في العيش لم يستثن غنياً ولا فقيراً فكلهم عانى وذاق الأمرين ..أقول لهم إنها فرصة لصناعة تاريخ جديد بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة وللخروج من النفق المظلم الذي حشر فيه السودان وخنق كما لم يحدث له من قبل فهلا حشدتم بقية أصحاب المال في اتحاد أصحاب العمل وتوجهتم نحو آخرين في أسواق السودان المختلفة بل وخارجه لترجعوا الدولار المكتنز في ماليزيا ودبي وجنيف وغيرها إلى بلادكم المأزومة؟
أما معتز ومحمد خير الزبير فإن مهمتهما لم تنته إنما بدأت للتو وينبغي ألا يسمحا لوحوش السوق بهزيمتهما وأن يفيدا من المخدة cushion التي أتاحها لهما اتحاد الغرف التجارية كاحتياطي للعملة المحلية وأن يعجلا بإجراءات أخرى سريعة مثل طباعة العملة بالفئات الكبيرة بحيث توفر كميات هائلة من السيولة (الكاش) بما يعجز كل وحوش السوق أو غيرهم من أصحاب الأجندة السياسية المعادية في الداخل والخارج عن إفشال حملة توفير السيولة وكلما نجحت البنوك في الاستجابة لرغبات المودعين توافرت الثقة في النظام المصرفي وعادت إليه عافيته المفقودة بلا حاجة إلى إجراءات استثنائية.

سيكون المرابون هم أول ضحايا توفير السيولة التي أحالت (الكاش) أو النقد إلى سلعة عزيزة تعاظم الفرق في القيمة بينها وبين الشيك المصرفي، ولذلك سيبذلون وشياطينهم كل غالٍ في سبيل إجهاض الخطوة الأخيرة.
خاطبت الرئيس أكثر من مرة لأن يستنفر أصحاب المال سواء بالعملة المحلية أو الحرة لإقراض الحكومة ولا أزال أنتظر وأشعر بل أكاد أوقن أن ما حدث من رجال الغرفة التجارية يمكن أن يحدث من غيرهم.
يجب أن يستمر الأمن الاقتصادي في حملته الضارية والناجحة على تجار العملة الحرة كإجراء استثنائي لا يغني عن المعالجات الاقتصادية التي تحتاج الى احتياطي من النقد المحلي والحر والحمد لله أن سعر الصرف أوشك أن ينزل إلى سعر آلية صناع السوق.
ربما لم يعلم بعض السياسيين أو قيادات الجهاز التنفيذي حجم الأثر السياسي السالب لانعدام السيولة وكيف يصطف العشرات وربما المئات يومياً داخل وأمام عشرات الصرافات ولا يحصلون على قرش واحد من أموالهم المودعة لدى المصارف فهل بربكم من استفزاز لمشاعر الناس أكبر من أن تسلبهم أموالهم ولا يستطيع أي منهم أن يشكوك إلا إلى الله العزيز؟ كيف تنصب الحكومة نفسها من خلال قضائها حكماً يعاقب ويسجن أصحاب الشيكات المرتدة بينما هي تفعل فعلهم ولا يملك المتضررون أن يقاضوها كما يقاضون من يسلمهم شيكاً بلا رصيد؟!
لذلك من الطبيعي أن يتفجر غضب المودعين حمماً من الثورة على من (يمسك) أموالهم (حمرة عين) ويسلمها لهم بالقطاعي وبعد زمن، وقد فقدت قيمتها بسبب تدهور سعر العملة واضمحلال قيمتها الشرائية؟!

لذلك هل تستبعد الحكومة أن يكون ما حدث من انفجار طال عدداً من الولايات استجابة لدعوة مظلوم من أولئك المحرومين سيما وأن الله توعد الظالمين (والله لا يحب الظالمين) كما يقول في قرآنه أو ربما حرباً من الله تعالى الذي توعد المرابين (فأذنوا بحرب من الله ورسوله)!
لذلك ظللت أقول إنه ما من شيء أغضب الشارع على هذه الحكومة منذ أن تولت الحكم قبل نحو ثلاتين عاماً مثلما فعلت أزمة السيولة وبالتالي يستطيع أهل الحكم تخيل الأثر الإيجابي في الشارع عند انتهاء تلك الأزمة غير المسبوقة وعودة الناس إلى حياتهم الطبيعية.
ذلك الأثر النفسي الهائل سيكون ذا تأثير نفسي كبير على سعر الدولار وعلى التضخم الذي ألهب السوق وأشعل أسعار السلع.

كوش نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.