اللاعبون بالنار ..الشيوعيون (3)

مقالات وآراء » الطيب مصطفى

 

بعد مقاليّ السابقين حول اللاعبين بالنار أرجع للحديث عن الشيطان الأكبر في السياسة السودانية المتمثل في الحزب الشيوعي السوداني الذي ابتلي به السودان وشعبه دون غيره من شعوب العالم الثالث فعكر صفو حياة ذلك الشعب الكريم وصفو السياسة السودانية بمؤامراته وكيده وحقده الدفين الذي فرضه على واقعنا المأزوم فزاده بؤساً وشقاء، فقد كان من سوء حظ السودان أن ينشأ فيه أكبر حزب شيوعي في المنطقة العربية والأفريقية بل وربما في العالم الثالث جميعه بالرغم من أنه أكثرها تخلفاً ورجعية كونه يصر على التشبث بالماركسية اللينينية لا يتخلى عنها حتى بعد أن هجرها العالم أجمع بمن فيه دهاقنتها في الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الإشتراكي وعافها الناس أجمعين واعتبروها من مخلفات التاريخ وعاهته الكبرى وإحدى مُعطِّلات مسيرته ونهضته.

 

للأسف الشديد رفض شيوعيو السودان حتى مراجعات الإصلاحيين من داخلهم وشنوا عليهم الحروب الشعواء ولا يزالون.

لا أريد أن أسترسل حول كل مخازيهم في مسيرة السودان السياسية فذلك مما يحتاج إلى بحوث وكتب لكني أقفز مباشرة إلى محاولة إعادة تخليق جبهة الهيئات التي ابتدعوها خلال وبعد ثورة أكتوبر 1964 واستولوا بها على الحكم بعد نظام عبود حيث تمكنوا وقتها من خلال (الفهلوة والبلطجة) التي يجيدونها من الاستيلاء على ثماني حقائب وزارية في حين لم تحصل الأحزاب الأخرى جميعها إلا على حقيبة وزارية واحدة الأمر الذي أدى إلى حدوث اضطرابات سياسية هائلة من الأحزاب الأخرى الكبرى أسقطت الحكومة الشيوعية بعد ثلاثة أشهر فقط.

 

بذات (الفهلوة) التي سطوا بها على ثورة أكتوبر (1964) حاولوا خلال الأيام الماضية اختطاف الحراك الجماهيري التلقائي الأخير غير المُسيّس فابتدعوا ما سُمي بتجمع المهنيين بالرغم من أن ذلك التجمع الشائه لا يشكل عُشر معشار الحركة النقابية الشرعية التي تمثل العاملين في الدولة ، ودفعوا بكادرهم القديم محمد يوسف أحمد المصطفى ليلتقط القفاز ويرأس ذلك التجمع الهزيل مستغلاً ذلك الحراك الجماهيري العفوي ، فقد ورث محمد يوسف انتماءه الشيوعي المتخلف من أبيه القيادي القديم في اتحاد المزارعين الذي كان يقوده خلال ثورة أكتوبر (1964) كادرهم الأمين محمد الأمين الذي عُيّن وقتها ويا للعجب وزيراً للصحة في حكومة جبهة الهيئات التي رأسها سرالختم الخليفة بالرغم من أنه شبه أمّي!

 

ذلك دأب الشيوعيين فهم يعلمون أن تربة السودان المسلم لن تنبت فكرة تقوم على أنقاض الدين بل تحارب الدين وتعتبره أفيوناً للشعوب كما قال منظرها الملحد كارل ماركس ولذلك فإنهم يعلمون أنه لا سبيل لهم إلى السلطة إلا بتلك الوسائل الإلتفافية القذرة سيما بعد أن سقطت الشيوعية حتى في بلاد المنشأ في أوروبا بعد أن أذلت الشعوب قهراً وأجاعتها فقراً وانحطت بدولها في مضمار التقدم والنهضة.

 

يعلم الشيوعيون كذلك أن الشعب السوداني لن ينسى مُكرهم وغدرهم ومخازيهم ومجازرهم التي ارتكبوها خلال فترات حكمهم بما في ذلك مجازر بيت الضيافة وأحداث الجزيرة أبا وودنوباوي خلال الفترة المايوية التي أقصاهم منها الرئيس نميري بعد أن غدروا به وأحدثوا انقلابهم المشؤوم بقيادة هاشم العطا والذي لم يدم سوى ثلاثة أيام ذاق الشعب السوداني خلالها وقبلها من حقدهم صنوفاً من الإذلال ولن ينسى الشعب السوداني شعاراتهم الإقصائية (التطهير واجب وطني) وأشعارهم التي توعدوا بها مخالفيهم (نشق أعدانا عرض وطول) وغير ذلك كثير .

إحدى أقذر صفحات تاريخهم تمثلت في مساندتهم للتمردات التي أضعفت وأنهكت الدولة السودانية بما في ذلك تمرد الهالك قرنق من خلال تبني مشروعه العنصري الإقصائي (السودان الجديد) عبر قياداتهم السياسية أمثال عرمان وباقان وكذلك حركات دارفور العنصرية التي قادتها كوادر الحزب الشيوعي مثل العميل الإسرائلي عبدالواحد محمد نور وغيره.

 

الآن حاولوا السطو على الحراك والتظاهرات الأخيرة بل وأعلنوا احتكارهم لها ورفضهم مشاركة الآخرين وكان من المضحك المبكي أن يُعلن سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب ومحمد يوسف رئيس ما سمي بتجمع المهنيين والشيوعي المساند للمتمرد العنصري عبدالعزيز الحلو .. أن يعلنا رفضهما مشاركة الجبهة الوطنية للتغيير بقيادة د.غازي صلاح الدين ومبارك الفاضل المهدي في ذلك الحراك وكأنهم حاملو شهادة بحث بملكيته بالرغم من أنه حراك عفوي قام به مواطنون غير منتمين سياسياً ، احتجاجاً على معاناتهم جراء الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد خلال الأشهر الأخيرة.

 

بربكم متى (يقنع) الشيوعيون من خزعبلاتهم الفكرية البائسة ويقتنعون أن الزمن قد تخطاها إلى الأبد وأنه قد آن الأوان لأن يراجعوا أنفسهم ويثوبوا إلى رشدهم ويتصالحوا مع مرجعيات آبائهم وأمهاتهم وأهليهم ويرفقوا بوطنهم وشعبهم ؟ متى متى متى؟

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.