علي عثمان في بورتسودان.. تحذير من الغرور ودعوة للمعالجة

بورتسودان: وجدان طلحة

ما أن وصل علي عثمان محمد طه إلى ولاية البحر الأحمر أمس الأول حتى أم المصلين لصلاة العشاء، ليتوجه بعدها إلى أمانة الحكومة لمخاطبة فعاليات حزبه بالولاية، متناولا التظاهرات التي اندلعت بعدد من مدن البلاد بسبب أزمة الخبز والوقود والسيولة، معتبرا أن المعارضة فشلت في تحريك الشارع، واصفا المظاهرات بالعارضة ولن تهز الإنقاذ، قبل أن يعود ويصفها بالمطالب الحقيقية التي شرعت الدولة والحزب لحلها، موجها صوت لوم لعضوية حزبه، موصيا إياهم بعدم الغرور، وقال: المغرور أخطر على الحزب من المتظاهرين.

ماذا قال علي عثمان؟

ابتدر علي عثمان محمد طه حديثه بأن المؤتمر الوطني تبنَّى الأركان الأربعة التي تأسست عليها الإنقاذ أن تظل المرجعية وفقهها مستمدين من أمر الله، مبينا أن لهذه القاعدة تجليات في العلاقة بين الحاكم والمحكوم وفي الجيش ورأس الدولة، فضلا عن تنظيم الحقوق والواجبات، مما يُمكّن أن يكون دستوراً وقوانين.
ولخص طه الركن الثاني في القرآن والقيم الدينية السامية، وأنه لا بد أن يحملها الشعب ليبلغ أقصى درجات العلم والتسليح بالمعرفة، موضحا أن الركن الثالث هو أن الشجرة قامت على أن الناس جميعا شركاء في المسؤولية، لافتا إلى أن من حكموا السودان في فترات سابقة كانت تجربتهم تقول إنهم عبارة عن مجموعات مركزية في الخرطوم تصرف الأمور نيابة عن أهل السودان وفي غياب منهم، مشيرا إلى أن مواطني الولايات الآن أصبح لهم رأي فيمن يحكمهم، ولم يعد الأمر حكرا على الخرطوم بل شركة الناس جميعا في السودان؛ بينما الركن الرابع هو أن السلطة ليست للمدنيين فقط ولكنها بين المدنيين والعسكريين، مشيرا إلى أن أطول الفترات السياسية في حكم السودان كانت اضطرابا وانقلابا بين حكم عسكري ومدني، وأضاف: الإنقاذ أكدت أن السلطة ليست للمدنيين فقط ولكنها للمدنيين والعسكريين، معتبرا أن الإنقاذ تجاوزت القطيعة بين عسكري ومدني وجعلتهم شركاء في بناء البلاد ونهضتها كل في مجال تخصصه دون أن يمنعها ذلك من المساهمة في مسؤوليات الطرف الآخر، وأن التحدي الأول كان تحدي القتال بين المدنيين والعسكريين.

الجيش على الخط

علي عثمان أكد أن القوات المسلحة استطاعت أن تُطوِّر قدراتها، وأصبح الجيش السوداني مشهودا له خارجيا من حيث الكفاءة، وأضاف: ثبات الرجالة دي خليها لا تحتاج لإثبات وهي تاريخ طويل ممتد، قاطعا بأن من يظنون أن الجيش بعيد وليس مسؤولا عن القضية المدنية ولا يشارك في التنمية مخطئون وواهمون، ساخرا ممن يظنون أن المدنيين هم المعنيون بقضاياهم وثقافتهم وليسوا معنيين بقضايا الجهاد، واعتبرهم لا يعرفون شعب السودان، وأضاف: هذه أسرار توليفة ثبات النظام.
وخاطب طه المحتجين وطالبهم بألا (يقوموا نفسهم)، منوها إلى أن الأمر كله لله وهو الذي يعطي الحكم، داعيا عضوية حزبه لأن يوحدوا كلمتهم ويرتبوا أولوياتهم و(اكسحوا) من يقف في وجه التغيير لأن التغيير بيدهم وبيد الشجرة المباركة.

المحسوبية والإقصاء

النائب الأول السابق دعا المعارضة لاستكمال مقررات الحوار الوطني، لجهة أن التداول السلمي للسلطة يأتي عن طريق الانتخابات وعن طريق مؤسسات سياسية قادرة على السلطة، منوها إلى عدم حدوث نقلة في السياسة أو الرياضة والثقافة دون تنافس قوي شريف، وأضاف: نحتاج لانتخابات 2020م والذين يريدون أن يقتلوا المؤتمر الوطني هذا من حقهم لكن يجب تجهيز البرامج السياسية، وحشد الجماهير للتصويت، قاطعا بأنه إذا أعطتهم الجماهير ثقتها فإن المؤتمر الوطني سيبارك وينصرف.
وأرسل طه رسالة لعضوية حزبه بأنهم إذا أرادوا جعل الحزب قادرا فإنهم مطالبون بتجنب المحسوبية والإقصاء باعتبار أن ذلك إحدى الركائز القوية التي تساهم في استقرار العمل السياسي المدني بالبلاد، وتجنب الأمراض التي يمكن أن تفتك بالحزب.

الاحتجاجات والوطني

واعتبر علي عثمان أن التظاهرات الأخيرة كشفت غياب الأحزاب عن الساحة وفشلها وعدم قدرتها على تحريك الجماهير، وأضاف: لا نقول إن هذا غرور ولكن من شواهد الواقع الذين ادعوا أنهم يستطيعون به أن يحركوا الأحداث، مشيرا إلى أن عضوية الحزب عليها جهود مضاعفة للأخذ بيد من يريدون أن يسير معهم من الأحزاب، لافتا إلى أن تصريحه السابق في وسائل الإعلام حول المظاهرات (أغاظ) الذين ينتظرون الفرصة لاقتلاع شجرة الإنقاذ وهي (ما أدراكم حجمها وثباتها).
وتعهد عثمان بإقامة العدل بين الناس، وأن يفتحوا الباب واسعا في الحزب والحكومة والأجهزة التشريعية للنظر في كل مظلمة وشكاوى تقوم على الظلم أو المحاباة أو المجاملة أو أخذ حق بغير وجه حق، ليقوى عودنا في مواجهة التحديات، مشيرا إلى أن ولاية البحر الأحمر كانت ثابتة في وجه التحديات الأخيرة، وكانت صفوفها موحدة وأحسنت التعامل مع الأحداث حيث إنها لم تسجل خسائر تلفت النظر هذا بشهادة القيادة في الخرطوم.

تقييم المحتجين

وكشف طه عن تصنيفهم للاحتجاجات في 3 مجموعات، وأن الأولى هي التي تهمهم وتعنيهم لجهة أنها الأجيال التي تربت وخرجت للحياة العامة في ظل هذا النظام، وأضاف: ربما لم تجد وظيفة أو وجدتها لكن طموحها في الترقي، وأضاف: هذه الشريحة علينا أن نمد معها جسور التواصل، ووجه الدعوة لقطاعات الحزب بأن تقترب من هذه الفئة للتحاور والاتفاق على منظومة وميثاق لتقاسم ما لدينا من فرص وإمكانات لبناء مستقبل أفضل، معتبرا المجموعة الثانية هي التي خرجت للتخريب والدمار وهذه أما مدفوعة بغرض ضيق أو بغرض مدفوع الأجر، وهذه لن يتم التسامح معها أبدا ولا مجاملة في تخريب المرافق العامة والمال العام.
وصنف علي عثمان المجموعة الأخيرة بأنهم الذين حاولوا اغتنام وتوظيف الاحتجاجات لذهاب النظام، وأضاف: وهؤلاء نقول لهم بصوت عالٍ ليس هناك نظام خالد ولم نأتِ لنحكم الناس بالسيف أو القوة والنظام لن يتغير بالقوة ويرفض أن يتغير بالقوة، معتبرا أن من حق الناس أن يطالبوا بتغيير الحكومة ولكن أهل السودان توافقوا بأن التداول السلمي للسلطة حق مكفول للجميع. وأضاف: نحن في المؤتمر الوطني لم نحتكر الحكم والسلطة حصريا على الحزب، ولكن هذه المواقع بإرادة أهل السودان في انتخابات 2015م وقبلها في 2010م.
وأكد طه أنهم في المؤتمر الوطني يؤكدون أن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وإشاعة الحريات قيم قمنا من أجلها وبذلنا في سبيلها كثيرا من الجهد والتضحيات والسجون، وأنهم لن ينقلبوا عليها ولن نتنكر لها، وأضاف: تلك القيم تحتاج إلى بنيات سياسية مثل الاقتصاد الذي يحتاج إلى بنيات أساسية، معتبرا الاحتجاجات الأخيرة مأزق للذين ينادون بذهاب المؤتمر الوطني والنظام، وقال إن حزبه استطاع بناء مؤسسات حزبية، وأثناء تلك الاحتجاجات لم يتراجع عن جدوله لتحديد دوره.

المتاجرون بالدين

وأكد طه أن الإنقاذ لم تأتِ من أجل السلطة، وأن البعض يقول لهم: أنتم تتاجرون بالدين وتلعبون بعواطف الناس. وأضاف أن مثل هذه الوقفات والابتلاءات والمحن، تستوجب أن نراجع كشف حسابنا وأن نخرج بالدروس المستفادة لنصحح أخطاءنا فيها، منوها إلى أنهم ليسوا كبارا للاعتراف بها، قاطعا بأن منهج الله كامل، لكن التطبيق بشري قاصر، وقال: “لا أحد يقول لنا إن الخطأ والتقصير هو دلالة واحدة على أن شرع الله لا يصلح لزماننا ومكاننا حاشا لله”.
ماذا قدم الوطني؟
علي عثمان نوه إلى تساؤل الناس (ماذا قدمنا في السنوات الماضية وماذا نؤمل في السنوات القادمة؟)، مشيرا إلى أن الاستقلال سيظل رمزا للسودان ولحظة فارقة بين انعدام الإرادة وانكسار الكرامة وبين نهضة الأمة وإمساكها بحقها في الحياة الكريمة، منوها إلى أن السودان ظل في تشكيلاته المختلفة منذ العهد النوبي وعهد الممالك ينهض في الدفاع عن الخطر الذي يهدد تخوم المنطقة لا يقف عند حد الدفاع عن أرضه بل دفع الخطر حتى أطراف الشام، لافتا إلى أهمية الإيمان بالهوية والبلد والتاريخ، وأضاف: بعض من الناس بلغ به أن حقروا أنفسهم وتاريخهم وبلدهم حتى أن بعضهم يشعر بالدونية عندما يقولون: إننا سودانيون، وقال: يحاولون الانتماء إلى هويات أخرى، وأضاف: نحن الآن نتحدث عن بحث وتجديد يقوم على الاعتزاز بالهوية. مشيرا إلى أن كثيرا من الشباب يجهلون تاريخ السودان، ودعاهم لقراءة تاريخ السودان، واصفا الجهود التي بذلت لتعريف الأجيال بتاريخ السودان ودوره الحضاري بأنها جهود متواضعة جدا، لافتا إلى أن المناهج عبر الـ 60 عاما الماضية خلت مما يمكن أن يستنهض في الشباب هذه الروح، داعيا إلى تشكيل جمعيات ومنظمات للاهتمام بتاريخ السودان.
وأشار إلى أن جامعة البحر الأحمر تقوم على إحياء التراث، في ظل بعض المحاولات لإحياء المتاحف وإنشاء المكتبات وعقد حلقات المدارس حول التاريخ والتراث باعتبار ذلك من عناصر القوة التي نستمد منها قوة الدفع والإيمان بالنفس، وقال إن المواطن السوداني عبقري في التاريخ والأدب.

 

 

صحيفه السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.