تمت إجازته بعد انتظار دام عشر سنوات .. قانون حماية المستهلك… الدولة تشهر سيفها في وجه السوق

يعد قانون حماية المستهلك لعام 2018م الذي تمت إجازته من قبل البرلمان أمس الأول الثلاثاء أشهر القوانين التي واجهت العديد من العقبات والعثرات أخرت خروجه من البرلمان بعد سنوات قاربت العشر قضاها منتظراً على منضدة البرلمان بعد إيداعه. الأمر الذي جعل وزير الدولة بوزارة العدل محمود أبكر دقدق يتأسف على تأخر إجازة القانون قبل أن يعود للتبشير بأن إجازته تضع السودان في المسار الصحيح بجانب أنه يُنّور المواطنين بحقوقهم لارتباطه بحياتهم، غير أن دقدق تنبأ بعد إجازة القانون بحدوث تحديات في تطبيقه لأنه يُطبق على سلع لا حصر ولا نهاية لها وكذا توقع رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر حدوث تقاطعات بين القانون وقوانين أخرى.

مخاوف وتساؤلات
تبرز الكثير من المخاوف والتساؤلات في مقابل حديث وزير الدولة ورئيس البرلمان التي أعقبت إجازة القانون في مقدمتها إلى أي مدى تم تحديد الإجراءات القانونية ناحية العقوبات المقررة على المخالفين في قانون حماية المستهلك ليكون مكملاً وليس ملغياً أو مزاحماً للقوانين الأخرى خاصة أن المشكلات التي كانت موجودة في النصوص القانونية أنها لم تكن بحجم الجريمة المرتكبة في حق المستهلك خاصة فيما يتعلق بالغرامات وعقوبة الحبس في بعض المخالفات، وفي جانب حديث وزير الدولة بالعدل يأتي السؤال الأهم عن مدى الاستعداد لزيادة الوعي بالقانون الجديد في المجتمع وحقوق المستهلكين التي نص عليها إضافة لجاهزية البنية التحتية لجهاز حماية المستهلك لتطبيق القانون من حيث تأهيل العاملين من الناحية الفنية.
ويرى مراقبون أن خروج قانون حماية المستهلك من البرلمان بمثابة سيف استلته الدولة لمواجهة السوق بأسعاره الجامحة لحسم التفلتات والتلاعب بالأسعار الذي صعب على الدولة حسمه ما أدخلها في كثير من أزمات التضخم الاقتصادي واعتبر اقتصاديون أن الدولة قد كشرت أنيابها في مقابل غول الأسواق الذي أرهق المواطن ودفعه للاحتجاج علانية.

قانون مختص
وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي للصيحة أن هذا القانون، هو أول قانون سوداني مختص في هذا المجال وجاء خروجه من البرلمان متأخراً بعد عشر سنوات بسبب وجود الكثير من العثرات التي واجهها وأدت لرفعه من منضدة البرلمان وإعادته نتيجة وجود جهات كانت لها رأي وتحاول عرقلته، وجهات أخرى ترى أنه يتعارض مع قوانين أخرى، والرأي الأخير أشار إليه رئيس البرلمان بعد إجازة القانون. وقال د. شلقامي إن قانون حماية المستهلك هو مكمل للقوانين الخاصة بالمستهلك وموزعة في المؤسسات والوزارات، لذلك لابد من إيجاد جسم منفذ لهذا القانون يتبع لجهة سيادية (رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء)، وليس وزارة حتى لا تحدث تقاطعات على أن تمثل في هذا الجسم جميع الجهات التي لها صلة.

جديد القانون
وأشار د. شلقامي إلى أن الجديد في القانون المجاز الأحكام الرادعة التي كانت غائبة في السابق في مواجهة المخالفين إذا تضمن القانون الجديد أحكاماً رادعة على المخالفين بالسجن والغرامة وحتى إيقاف النشاط، وأيضاً حق استبدال السلع والتعويض، وهذه لم تكن موجودة في حزمة القوانين الخاصة بالمستهلك في السابق . وأضاف شلقامي أن القانون نص على وجودهم، إذ منحهم كجمعية حماية مستهلك مساحة وجود واسعة بأن أصبحوا جزءاً من الجهة التي تتلقى الشكاوى والظهور في المحاكم وكذلك سيكونون ممثلين في الجسم أو الجهة التي تنفذ القانون. وختم د. شلقامي أن السماسرة سيشكلون أبرز التحديات التي ستواجه هذا القانون، ورفض الاعتراف بسياسة التحرير التي قال إن تطبيقها في السودان بطريقة تطابق الاحتكار، والقانون الجديد تضمن فقرة تمنع الاحتكار وتعتبره مخالفة.

الأحدث يسود
وفي المقابل، فإن الخبير القانوني نبيل أديب بدد توقعات رئيس البرلمان بحدوث تقاطعات بقوله للصيحة إنه لا يتوقع حدوث أي تقاطعات بين قانون حماية المستهلك الجديد والقوانين الأخرى، مبيناً أن المتعارف عليه في التشريع أن القانون الأحدث يسود على القانون الذي يسبقه والقانون الخاص يسود على القانون العام، غير أنه عاد للقول بإمكانية حدوث تقاطع بين قانون المستهلك وقانون تحرير الأسعار، لكن قانون حماية المستهلك سيسود بصورة أكبر في ناحية تحديد الجودة والنوعية ويحمي المستهلك من نواح كثيرة. وأكد نبيل أن جهة الاختصاص المنفذة يجب أن تكون المحكمة والإشراف عليه يكون من هيئة.

خطوة إيجابية
ووصف الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي إجازة قانون حماية المستهلك بالخطوة الإيجابية باتجاه المواطن البسيط خاصة ذوي الدخل المحدود الذين هم أكثر عرضة لاستغلال مافيا الأسواق التي تضارب في السلع، إذ يوجد محتكرون لكل سلعة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة يساعدهم سماسرة جمعوا ثروات ضخمة من هذا الاحتكار . وحمل الرمادي الحكومة مسؤولية احتكار هذه المجموعات بسبب تقصيرها الناتج من وقوعها تحت تأثير مجموعات زينت لها سياسة اسمها التحرير الاقتصادي المطلق لتتمكن من جمع الثروات، في حين لا توجد سياسة تحرير مطلق للاقتصاد تغيب فيه الدولة عن الساحات الاقتصادية ما مكن مافيا الاحتكار أن تنفرد بالمواطن دون مظلة تحميه أو تكبح جماح الأسعار ما نتج عنه الفوضى التي نراها في الأسواق الآن وزيادة معدلات التضخم.

منع احتكار
الرمادي أشار إلى أهم ما تضمنه القانون الجديد منع الاحتكار، واعتبره سلاحاً جديداً أشهرته الدولة في وجه غول السوق وكبح جماحه، ويجب تطبيقه بكل صرامة وإزاحة كل العوائق التي تعترضه وتتقاطع معه لأنه ينتصر للمواطن ويمكن الدولة من السيطرة على غلواء ارتفاع الأسعار، وهذا ما ظلت الدولة تسعى إليه . ونبه د. الرمادي بأن تطبيق القانون لن يكون كافياً ولابد من دعمه بجهد إضافي من الحكومة بأن تعمم مراكز البيع المخفض في كل الأحياء وتشجع المصانع على طرح منتجاتها مباشرة للمستهلك في مراكز البيع المخفض في الأحياء، بجانب إلزام التجار بكتابة سعر السلعة في مكان بارز رغم أنها عملية مرهقة لهم لعدم ثبات الأسعار التي أصبحت تتغير على رأس كل ساعة.

تقرير : الطيب محمد خير
الخرطوم (صحيفة الصيحة)

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.