على الهواء مباشرة ..عثمان ميرغني

مساء أمس استضافتني فضائية أوروبية عريقة ومشهورة.. ومن خلال تجربتي الطويلة مع مثل هذه الإطلالات الفضائية أو الإذاعية يعجبني للغاية المذيع الذي يحول الحوار المعد سلفاً إلى أسئلة متفرعة من سياق الإجابات.. سألتني المذيعة في رأيك ما هو المخرج من الأزمة الراهنة؟.. بدأت إجابتي قائلاً (في إمكان العقلاء داخل حزب المؤتمر الوطني..) وقبل أن أكمل الجملة قاطعتني بسؤال فرعي (هل هناك عقلاء في الحزب؟).
أدركتُ أنَّ السؤال المباغت ليس مقصوداً منه إثبات رأي الفضائية في حزب المؤتمر الوطني، بل هو محاولة لاستدراك رأيي في إمكانية التعويل على حل من داخل حزب المؤتمر الوطني يصنعه من أطلقت عليهم

(عقلاء)..

قلتُ للفضائية.. ليس هناك بطاقة تحدد من هم العقلاء في مقابل المجانين.. وبالطبع ليس هناك جهة لتمنح رخصة عاقل لشخص ومجنون لآخر في عالم السياسة.. لكن التوصيف هنا مقصود منه (حالة)!.. حالة الخروج من التعنت والإفراط في التبعية السياسية إلى وضع الحكمة والنظر بمنتهى الصدق لمستقبل الوطن في مقابل “الوطني”..

وفي تقديري الفرصة لا زالت متاحة.. للبحث عن عقلاء داخل حزب المؤتمر الوطني.. وبالتحديد هذا الحزب لأنه الحاكم والماسك بالقلم والقادر على الفعل العاجل الناجز.. فبقية الأحزاب حوله مجرد كورال يردد تارة صدى الأغنية وأخرى يصفق..
في لحظات الضيق والكرب الشديد لا يصبح منطق الفوز والنصر هو التفوق على الآخر وكسر إصراره وعزيمته.. لا.. التفوق لمن يرتفع أكثر عن منصة الذات ويطل من علٍ على المصالح القومية السامية ويحسب المستقبل بمنتهى الحصافة.. ويمد بصره إلى أفق إستراتيجي بعيد..

الآن.. التاريخ يسجل.. لا عدد اللكمات المتبادلة في حلبة المصارعة.. ولا من يقع على أرضية الحلبة أو من يرفع الحكم يديه علامة الفوز.. لا بل من يتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.. فكل يوم أو حتى ساعة تمر تعني مفرداتٍ جديدة ومياهاً جديدة تحت الجسر.. والنيل الذي يمر تحت جسر النيل الأزرق اليوم ليس هو النيل الذي يأتي غداً.. ففي كل يوم تشرقُ الشمس يتحول المستقبل إلى حاضر ثم لا يلبث أن يطويه الماضي..

الآن.. الآن.. وقت القرارات الصعبة.. لا من أجل أحد أو حزب.. بل من أجل الوطن السودان..
والتاريخ ينتظرنا ليكتب..!!

 

 

 

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.