فأي وزير أو معتمد اكتفى (ببوكس) صنعته (جياد)؟ جميعهم يمتطون (اللاندكروزر) وغيرها من (الفارهات) وليسو وحدهم

(نحن دعاة ولسنا سادة.. جئنا لخدمة الناس نبتغي الأجر ولا نسعى للمراتب.. وهمنا القادم الاقتصاد وقفة الملاح والأمن والسلام وتحسين العلاقات الخارجية” وكذلك “الوطني ليس حزب جباية ولا عطايا ونسعى لخدمة الناس في المعاش والتعليم والصحة”.. هذه مقتطفات من حديث مساعد رئيس الجمهورية ونائبه بالحزب الحاكم البروفسير غندور خلال تكريمه من قبل اتحاد نقابات عمال شمال كردفان أول أمس.
والكلام طيب والحديث ذو شجون ولكنه يعد ضرباً من الخيال عند مقارنته بما يجري بأرض الواقع، فقضية الاقتصاد السوداني لا تنفصل عن الواقع السياسي السوداني المأزوم والعلة في السودان في المقام الأول علة سياسية قبل أن تكون علة اقتصادية ولذلك فالأمر يتطلب إصلاحاً سياسياً مؤلماً وهذا هو المفقود لدى الحكومة، فهي لا ترى الأزمات إلا بمنظار ما يحقق لها البقاء بصرف النظر عن الضريبة التي يدفعها الآخرون من أفراد الشعب السوداني في سبيل ذلك.
فالمواطن السوداني الذي جاء المؤتمر الوطني لخدمته أصبح مسؤولاً عن نفسه من حيث توفير فاتورة العلاج والتعليم وجميع الخدمات، وعلة الاقتصاد السوداني في الحكومة ولا تحتاج لـ(روشتة علاج) جديدة، فالحل يكمن في حل أزمات السودان السياسية وإيقاف نزيف الحروب وليس حرباً واحدة، فالحكومة لا تحارب في دارفور وحدها ولا في جنوب كردفان أو شمالها ولا في النيل الأزرق، فلهيب الحرب امتد للجميع ولكن الحكومة تريد من الشعب السوداني أن يدفع الفاتورة لحرب ضروس و(لعينة).
إن حل أزمة الاقتصاد السوداني، وتسهيل نقات (قفة الملاح) لا يحتاج كل هذا الضجيج، طالما أن الجميع اتفق حول تشخيص الحالة وهي حالة أزمة سياسية في المقام الأول، الحل واضح ولذلك فالمطلوب قرارات شجاعة تفسح الطريق للعمل السياسي الحقيقي الجاد دون مجاملة أو محاباة أو حسابات مصالح مشتركة لحماية النفوذ فالقضية ليست تجميل وجود وإنما إجراء جراحات مؤلمة سياسية على جسم الحكم قبل أن تكون اقتصادية وبغير ذلك فلا ظن أن هناك أي حل للأزمة الاقتصادية.
وما نسمعه عن تشكيل أكبر حكومة يجعل حديث غندور الطيب صعب بمكان ولا يمكن تطبيقه دون تقليل نفقات الصرف الحكومي وخفضه لأقصى درجة، فجيوش السياديين من الوزراء والولاة والمعتمدين ومخصصاتهم كفيلة بحل الأزمة الاقتصادية، وعندما اتخذت الحكومة قراراتها برفع الدعم عن المحروقات تحمل المواطن تداعياتها، ولكن لم تلتزم الحكومة بالسياسات الاقتصادية التي اختطتها فأي وزير أو معتمد حتى اكتفى (ببوكس) صنعته (جياد)؟ فجميعهم يمتطون (اللاندكروزر) وغيرها من (الفارهات) وليسو وحدهم، بل قيادات الصف الأول من الحزب ومدراء مكاتبهم معهم أيضاً.
وما دام أن تجار الحزب الحاكم هم من قام بتمويل حملته الانتخابية بمليارات الجنيهات وكذلك استطاعت حكومتهم تمويل انتخابات بلغت ميزانيها مليارات الجنيهات، فلماذا لا يتبرعون بأضعافها لأجل خدمات الصحة والتعليم لأنهم دعاة وليسو سادة وجاءوا من أجل المواطن.
ليس مزايدة وعلى البروفسير غندور إجراء مراجعة سريعة بين ما قاله وما هو موجود على أرض الواقع، حتى لا يكون الحديث حول إنهم في المرحلة القادمة همهم “قفة الملاح” (هم فوق همهمة) ومن الأقوال المأثورة (كن ما تقول)!!.

(هم فوق همهمة)
الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز


إنضم للواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.