حجم السيولة المفترض تداولها

جاء في حديث السيد ريئس مجلس الوزاء ووزير المالية، مبينا انه من ناحية عملية يفترض أن يتم تدوال السيولة في حدود (10%) من جملة الناتج القومي والذي وصل(90) مليار جنيه وهذا معناه أن حجم النقود التي يتم تدوالها في حدود (9) مليار جنيه وقلبها بأيام جاء على لسان نائب محافظ بنك السودان (جنقول) أن البنك المركزي ضخ مثلها خلال الثلاث سنوات السابقة وهذا الحجم من السيولة يعادل حوال (53%) من جملة الناتج القومي من حيث يجب أن يكون من ناحية علمية وحسبما جاء على لسان رئيس الوزراء في حدود (9%) فقط من جملة الناتج القومي وبناءً على ذلك فهناك فرقاً شاسعاً للغاية في الأرقام بين ما قاله رئيس الوزراء وبين ما صدح به نائب محافظ البنك المركزي.

في الوقت ذاته، فإنه إذا ما كان ما صدح به نائب محافظ البنك المركزي قدم بضخ (48) مليار جنيه من السيولة هذا العام صحيحاً فإن معنى ذلك إغراق الأسواق بفيضان هائل من السيولة بما يعادل (53%) من الناتج الإجمالي المحلي لا من قبل ولا من بعد وهورقم بكل تأكيد آثاره تدميرية على الاقتصاد من حيث زيادة معدل التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية ومعدلات التنمية علي الصادرات والحساب الجاري الخارجي ومن المعروف أن إدارة السيولة ترتكز على عدة محاور، وهي محور التناسق الداخلي بين المؤشرات الاقتصادية المتغيرة (معدل التضخم وسعر الصرف ومعدل التنمية والحساب الجاري حيث يستهدف هذا المحور الاحتفاظ بالحجم الكلي للسيولة في المستوى الذي يحقق التوازن بين حجم السيولة المطلوب للتحريك الاقتصاد في إطار أهداف الاقتصاد الكلي.

من جهة أخرى وما بين حجم السيولة المطلوب لإزالة الضغوط على الطلب الكلي ومعدلات التضخم واستقرار سعر الصرف الحقيقي سلامة التوازن في الحساب الجاري الخارجي، وهنالك محور توظيف السيولة وتحريكها لتحقيق أهداف نمو القطاعات الإنتاجية والاجتماعية وحجب السيولة عن القطاعات الهامشية والمضاربات في السلع والعملات الأجنبية أوفى أي مجال من المجالات التي تؤدي الى التشوهات في الاقتصاد ولا ندري أين سيتم توظيف هذا الكم الهائل من السيولة التي تم ضخها من قبل البنك المركزي وإن كنا نأمل إنه لو تم ضخها في القطاعات الإنتاجية لكانت قد فعلت الأفاعيل في الاقتصاد خصوصاً وكما ذكرنا آنفاً فإنها تفوق الـ (5%) من الناتج الإجمالي المحلي. وكما تقول الدراسات فإن النهضة الزراعية والصناعية في الهند قامت على السيولة التي يضخها البنك المركزي لديها، وكانت بنسبة أقل بكثير من النسبة التي ضخها بنكنا المركزي هنا فقد بلغت النسبة لديهم(15%) من الناتج الإجمالي هنالك ولكنهم وظفوها في القطاعات الإنتاجية بواقع (9%) للزراعة و(6%) للصناعة ولذلك آتت أكلها هنالك وعليه نقول إن العبرة في السيولة ليست في كميتها، بل في توظيفها التوظيف الصحيح والسليم في الاقتصاد والمهني القطاعات الإنتاجية وإلا فإن توظيفها في غير هذا المجال ستكون له نتائح وخيمة، بل ومدمرة للاقتصاد بأكمله.

احمد نور محمد
مصرفي بالمعاش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.