حسن وراق:تَابُوهَا مَمَلَّحَة، تَكُوُسُوها قَرُوض!!

نظام الانقاذ الذي انتهى زمنه الافتراضي
______
رحيق السنابل – حسن وراق
خذوا الحكمة من (ديسالين) !!

تَابُوهَا مَمَلَّحَة، تَكُوُسُوها قَرُوض!! / مثل سوداني

 

* من المقابلات الجديرة بالمشاهدة لأنها تقدم نموذجاً واقعىاً وعلمياً كمحصلة لثورة الشباب السودانية، ما قدمها رجل الاعمال العالمي السوداني الجنسية الملياردير (موابراهيم) مع الرئيس الاثيوبي السابق المستقيل (ديسالين) بسؤال واحد مباشر له ، لماذا تنحى (ديسالين) عن رئاسة أثيوبيا على الرغم من أنه حقق العديد من الانجازات والنجاحات التي رضى عنها المواطن الاثيوبي وتمتعه بحياة رغدة بجانب ترأسه لدولة من 100 مليون نسمة ، لماذا تقدم باستقالته . بعد تطرقه بالارقام للانجازات التي حققها ومعدلات النموء التي فاقت كل الاقطار الافريقية سنوياً فاق 8.5% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي إذ يعتبر ذلك معجزة في بلد متعددة الاعراق والديانات والثقافات ولابد من إدارة هذا التنوع بمهارة ولذلك لابد من تغيير جذري وعميق ليتناسب مع حوجة المواطنين وفي كل مرة يقاطعه موابراهيم عن اسباب استقالته بعد كل هذه النجاحات وهو يجيب بصراحة أنه لابد من توضيح الخلفيات لكل هذه النجاحات .

* في سرده الشيق والممتع حول اسباب استقالته من رئاسة اثيوبيا افاد الرئيس السابق (ديسالين) بأنه تمكن من تحقيق 7 اهداف من 8 وضعتها الامم المتحدة لألفية التنمية في افريقيا ورغم ذلك يشعر بأن هنالك تقصير في جانب واحد، بأنهم لم يتصدوا لقضايا الشباب ولم يتم استيعابهم في النظام وانه شخصيا وحكومته لم يتفهموا رؤى وتطلعات الشباب على الرغم من نهضة التعليم الجامعي من جامعتين لتصبح لديهم اكثر من 50 جامعة وفي كل عام لهم اكثر من نصف مليون خريج جامعي وعلى الرغم من نمو الاقتصاد إلا أنهم واجهوا مشكلة استيعاب الجميع بالاضافة الى مشاكل في فهم قضايا التنوع الاثني ولهذا قرر الرئيس (ديسالين) ان يتنحى عن الحكم حتى يمنح القوة للتغيير الجذري الذي تحتاجه اثيوبيا لأن بوجوده يشعر بأن التغيير سيكون بطيئا وخاملا وبالتالي سيؤدي الى تشظي وانحلال اثيوبيا .

يقوم (ديسالين) باحداث التغيير في بلده بتقديم استقالته ليفسح المجال للاسراع في عملية احداث التغيير الشامل ووضع الجميع امام مسئولياتهم ليؤكد أن المشكلة الحقيقية لدى الساسة والحكام الافارقة هي تشبثهم بالحكم (الكنكشة) وباستقالته يريد أن يبعث لهم برسالة مفادها أنه يمكن مغادرة الحكم وأن تصبح مواطن عادي في بلد يتمتع بديمقراطية لازمة لاحداث التغيير .

* ما قدمه الرئيس الاثيوبي (ديسالين) درس بليغ لكل حكام العالم الثالث وخاصة في القارة الافريقية وعلى وجه الخصوص لحكام السودان الذي تدخل احتجاجات مواطنيه في شهرها الثالث مطالبة بإحداث التغيير الذي استشعر ضرورته الرئيس الاثيوبي السابق (ديسالين) ليتقدم باستقالته مبررا بأنه وحكومته فشلوا في استيعاب قضايا الشباب وتطلعاتهم على الرغم من النمو الاقتصادي المتسارع في اثيوبيا التي تسير بخطوات ثابتة وراسخة نحوالمستقبل كل ذلك خلال عقد ونصف فقط والسودان ذلك القطر الذي كان رائدا على شعوب القارة ينحدر الى القاع السحيق . ادرك (ديسالين) ان قوة اثيوبيا تكمن في اجيالها القادمة في الشباب الذي ترك من اجله الحكم حتى يأتي من يضع اولويات التغيير الجذري الشامل في الاهتمام بالشباب وهذا ما غاب على حكام الانقاذ الذين لم يستشعروا ضرورة تنحيهم لأنهم فشلوا في استيعاب قضايا الشباب الذي لم يجد سوى الخروج للشارع لحث قيادة البلد بضرورة احداث التغيير الشامل الذي لن يتم ولن يحدث في ظل وجود هذا النظام الذي بات عليه ان يحذو حذو الرئيس الاثيوبي ديسالين بافساحه المجال لمن يحدث التغيير الجذري الشامل .
* الشباب السوداني وضع حد فاصل بينه وبين نظام الانقاذ الذي فقد هيبته ومصداقيته وفهمه لقضايا مستقبل الامة المعقود على شبابها الذي اغلقت في وجهه كل الابواب وبشتى السبل وصار المستقبل مظلما امامهم وخروجهم للشارع وتحديهم للعسف والارهاب ومواجهة الموت هو دليل واضح يؤكد أنهم لن يتراجعوا لأنهم فقدوا الامل في نظام الانقاذ الذي جثم على صدورهم لثلاثة عقود ، لم يقدم لهم بصيص امل لريادة المستقبل فكيف يتثنى له ان يقدم لهم ما فشل فيه بعد فوات الاوان . على نظام الانقاذ ان يحترم ارادة هؤلاء الشباب الذين لن يتراجعوا حتى لو استكانوا ولزموا منازلهم فإن كراهيتهم لنظام الانقاذ اصبحت مسألة موقف مبدئي لا تراجع عنه ولابد لأهل الانقاذ ان يراجعوا أنفسهم ويعترفوا بفشلهم وعدم قدرتهم على مواصلة الحكم وعليهم أن يعترفوا بقوة وبإرادة هؤلاء الشباب الذين انتظروا الانقاذ طويلا منذ انقلابها على الشرعية الدستورية واتخاذها اسلوب الشرعية الثورية التي لم يقدموا من خلالها لهؤلاء الشباب ما يجعلهم يدينون للانقاذ بقدر من الولاء والاحترام وبعد ذلك لاحت فرصة القبول بمقترح العدالة الانتقالية للخروج من مأزق الحكم وفشل المشروع الحضاري معلقين آمال عراض على مشروع الحوار الوطني الذي كشف نوايا الانقاذ ونكوصها وعدم ايفائها بالوعود وبدأوا يرددون أن لا طريق لتداول الحكم إلا بالانتخابات في 2020 وكأنهم جاءوا عبر صناديقها. الحكومة أضاعت كل الفرص السهلة والميسرة في أصلاح الحكم والخروج من مأزقه وذلك عبر البحث عن إحياء صيغة (قديمة لنج) لإضاعة الزمن بنقل دم اتفاق وتفاهمات مع الصادق المهدي وتحالف 2020 او عبر مبادرات من فرض نفسه حكيما ومنقذا وجميعهم لن يخدموا غير مصالحهم وستظل قضية الشعب السوداني مرهونة بذهاب نظام الانقاذ الذي انتهى زمنه الافتراضي.

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.