(أترى حين افقا عينيك.. ثم اثبت جوهرتين مكانهما ..هل ترى ؟..هي اشياء لا تشترى).

وقد قالها امل دنقل قديما (أترى حين افقا عينيك.. ثم اثبت جوهرتين مكانهما ..هل ترى ؟..هي اشياء لا تشترى).
______
صباحكم خير – د ناهد قرناص
هي اشياء لا تشترى

الطفل الذي هتف عندما مر ترحيل المدرسة بالقرب من احدى سيارات جهاز الامن ..والتي يطلق عليها اسم (تاتشر) ..لم يكون يدور في خلده ان الامر سيتطور وان عربة التاتشر ستطارد الترحيل .وتوقفه ومن ثم يصعد احد أفراد الامن ليهدد الطفل الصغير ..ويسبب له ذعرا لم يجربه في حياته ..ويجعل الطفل مثار استهزاء زملائه وضحكهم ..وربما يمتد أثره النفسي عليه وعلى أقرانه لفترة من الزمن.
القصة أعلاه تكررت بسينايورهات مختلفة ..واماكن اخرى..اكثر من مدرسة هتف تلاميذها ضد ركاب التاتشرات ..فماكان منهم الا ان طاردوا الاطفال ..وهددوا المدارس ..والمعلمين ..كل ذلك جراء هتاف فقط ..لا حمل سلاح ولا تهديد .. ولا ادري ما هي النتيجة جراء تلك المطاردة خلف طفل لا يتحمل اي مسؤولية قانونية جراء تصرفاته …
تهديد الصغار الذاهبين او العائدين من المدارس ..وتفرغ اصحاب السيارات الرسمية لمطاردتهم ..هل هو شئ عادي يعني ؟ لماذا لم تتم ادانة الجهات المسؤولة ؟ او حتى مجرد استنكار للفعل؟ هل نتوقع بعد هذا ان يتم اعتقال الأطفال اثر تلك الهتافات ؟ ام ما هو الهدف من ردة الفعل العنيفة هذه؟
موقف سائق الترحيل في قصة الطفل مبارك ..كان موقفا مخزيا لشخص راشد وثق فيه اهل الطفل واساتذة المدرسة الى درجة تركه يقوم بايصال الاطفال بنفسه ..فما كان منه الا ان تطوع بالإشارة للطفل ..بل كان (كاثوليكيا اكتر من الكاثوليك) ..فصوته كان هو الأعلى وهو يطالب الطفل بالخروج لسائق التاتشر ..! لكن الموقف الأسوأ هو موقف الوزارة التي التزمت جانب الصمت ولم تحرك ساكنا ولم تتفضل الوزيرة الاتحادية علينا حتى بخطاب مؤازرة لاهل الاطفال الذي تعرضوا للتهديد ..ولم نسمع لها بأي زيارة للمدارس التي جرت فيها تلك الاحداث ! اليس هذا غريبا ؟
كنت فعلا انتظر كلمة من السيدة الوزيرة تطالب فيها الجهات المعنية بعدم المساس بالأطفال والتفرغ لمتابعة اعمالهم الأساسية ….لكن طالت الأيام يا سعادتك وانا اردد (انا فاكرك معايا ) … ولو كنا في بلاد أخرى ..ربما استقال وزير التعليم احتجاجا على تهجم قوات نظامية على حافلة اطفال وعلى المدارس والمعلمين ..ربما تحركت قضايا ضد سائق الترحيل والمشرف الذي يرافق الحافلة لتقصيرهم في أداء واجبهم .. أضعف الأيمان كان ان يجتمع البرلمان لمناقشة هذه الأحداث ..فاولاد الناس (ما لعبة ) ..ولا يحق لأي فرد كان توقيفهم اثناء ذهابهم أو عودتهم من المدرسة وتهديدهم مهما كانت درجته او رتبته .
لكن ليس مستغربا هذا الموقف من الوزارة ..الم تقف ايضا صامتة ازاء استشهاد المعلم تحت التعذيب ؟ حتى كلمة عزاء بخلتم بها على من أفنى عمره في التعليم ومات وغبار الطباشير لم يتلاشى من الأجواء ..أقصى ما جادت به السيدة الوزيرة هو متابعتها لخطوات التحقيق في وفاة الأستاذ ..طيب وكلمة العزاء ..ألا يستحقها ؟ لماذا لم تذهب السيدة الوزيرة الى بيت الاستاذ وتزور مدرسته وتعزي تلاميذه والبلاد اجمعين ؟
.. صمت السادة الوزراء واصحاب المناصب الرسمية ازاء الاحداث هو ما يثير الغضب فعلا ..وما يزيد ذلك الغضب اعتقادهم ان الناس يمكن ارضاؤهم بمبلغ من المال او شئ من هذا القبيل .. ..ليست كل الأشياء يمكن شراؤها ..ولن تكفي اموال العالم ولا كل قطع الأراضى (الناصية ) في كفكفة دموع الذين فقدوا احباءهم او فجعوا في فلذات اكبادهم ..وقد قالها امل دنقل قديما (أترى حين افقا عينيك.. ثم اثبت جوهرتين مكانهما ..هل ترى ؟..هي اشياء لا تشترى).
الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.