عقب تفويض هارون … القصر والوطني .. فك ارتباط أم متطلبات مرحلة ؟

وجدت خطوة رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، رئيس المؤتمر الوطني، التي اتخذها في اجتماع المكتب القيادي للوطني في وقت متأخر من مساء أمس الأول والمتمثلة في تفويض نائبه في الحزب، أحمد محمد هارون، بممارسة ومزاولة سُلطاته وصلاحياته المتعلقة برئاسة الحزب كافة، إلى حين انعقاد المؤتمر العام للوطني لاختيار قيادة جديدة، الخطوة وجدت ترحيباً من قبل القوى السياسية التي أكدت أن القرار يمثل تأكيداً لحديث الرئيس في القصر الجمهوري بأنه سيقف على مسافة واحدة من الجميع، ووصفوها بأنها تمثل صدقية فك الارتباط بين القصر والمؤتمر الوطني.

أسلوب التدرج
رئيس كتلة التغيير المعارضة في البرلمان، النائب المستقل أبو القاسم برطم، وصف الخطوة بالإيجابية وقال إنها تمثل تأكيداً على ابتعاد الرئيس من الوطني، برطم أشار إلى صعوبة تخلي البشير عن الوطني جملة واحدة، باعتبار أن الأمر غير مقبول لا أخلاقياً ولا أدبياً، خاصة وأنه كان رئيساً له طوال الثلاثة عقود الماضية للحزب، وأوضح أن البشير اتبع أسلوب التدرج في التخلي عن الوطني، وعد برطم الخطوة بأنها أشبه ما تكون بأنها تسليم وتسلم، لكنها جاءت بصورة راقية على حد تعبيره، مؤكداً وقوفهم كقوى سياسية معارضة مع الخطوة، وقال برطم لـ(آخر لحظة) أي خطوة لتفكيك الدولة العميقة التي بناها المؤتمر الوطني في السابق، سنقف معها وندعمها بقوة، مبيناً أن دعمهم لقرارات البشير جاءت لحاجة القوى السياسية ومطالبتها باستمرار انتهاج الرئيس لتلك الخطوة وبوقوفه على مسافة واحدة من الجميع، ودعا برطم الوطني لاحترام نفسه وترتيب أوراقه واعترافه بأنه كحزب فشل في إدارة البلاد على حد قوله، وطالب بمصادرة دور الوطني (المركز العام) وتحويلها لمركز ثقافي أو مستشفى باعتبار أن بناءه كان من قبل دولة الصين لدولة السودان وليس من دولة لحزب، وقال حال إصرار الوطني على أن تلك الأموال له وحده ورفضه التنازل عن المقر، فحينها يجب مقاضاته من قبل مسجل الأحزاب والقوى السياسية الأخرى بتهم تلقي أموال من الخارج، خاصة وأن قانون الأحزاب السوداني يعاقب عليها.

مصداقية عملية
حديث برطم لم يكن ببعيد عن ما ذهب إليه الأمين السياسي السابق، لحزب الإصلاح الآن، د. فتح الرحمن فضيل، حيث وصف فضيل أن قرار الرئيس بالابتعاد عن المؤتمر الوطني خطوة ممتازة، يجب أن تجد الدعم من قبل القوى السياسية المعارضة، لأن الرئيس بذلك قدم مصداقية عملية بوقوفه على مسافة واحدة من الجميع، وأشار فضيل في تصريح لـ(آخر لحظة) إلى أن واحدة من أسباب تراجع أسهم الحوار الوطني مؤخراً وإعاقته كانت الأزدواجية والعلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني، بسبب علو كعب الوطني وهيمنته على الكثير من القرارات، رغم أنه كان واحداً من بين أكثر من (70) حزباً شاركت في الحوار، الأمر الذي أنعكس لاحقاً على إجازة وتمرير العديد من القرارات المهمة، بجانب هيمنة المكتب القيادي للوطني على القضايا السياسية بدلاً عن الجمعية العمومية للحوار، وأضاف حتى الحوار والاتصال بالحركات المسلحة كان حكراً على الوطني، وأكد فضيل أن قرار الرئيس أعاد للحوار حيويته مره أخرى، ولفت إلى صعوبة استقالة البشير من الوطني بصورة نهائية، لأنه يستمد مشروعيته من الحزب باعتباره مرشحاً عنهم، قبل أن يعود ويقول لكن ما تم من تفويض من قبل البشير، لمولانا أحمد هارون، يؤكد أن الرئيس استقال عملياً من الوطني، لكنه إجرائي ما زال رئيساً للحزب، وعزا ذلك لكونه يمثل حفاظاً على مشروعية الانتخابات، ودعا فضيل الرئيس لاستمراره في خطوته التي انتهجها لإتاحة فرص متساوية لجميع القوى السياسية، مطالباً رئيس الجمهورية، بالتدخل لمعالجة الخلل الموجود بالبرلمان وذلك بتكوين مجلس وطني انتقالي تتساوى فيه فرص القوى السياسية دون هيمنة أحد .

الفصل بين الحكومة والحزب
القيادي بالمؤتمر الوطني حاج ماجد سوار، يرى أن الرئيس بتفويضه لمولانا أحمد هارون، يريد أن يعطي انطباعاً بأنه نفذ وعده بأن يكون على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية كما جاء في خطاب الجمعة، بجانب تفرغ الرئيس لرعاية مبادرة الحوار التي أعلنها في خطابه المشار إليه وكذلك الإشراف على حكومة المهام برئاسة إيلا، فضلاً عن أن الخطوة تمهد للفصل بين الحكومة والحزب وقد بدأ ذلك فعلياً بتكليف نواب رئيس الحزب في الولايات والمحليات برئاسة الحزب الذي كان يترأسه الوالي والمعتمد في السابق.

مرونة أكبر
أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، البروفيسور حسن الساعوري، قال لـ(آخر لحظة) إن الخطوة تؤكد أن البشير رئيس للحزب اسمياً لكن عملياً سيكون مولانا أحمد هارون، هو الرئيس الفعلي من خلال إدارته لاجتماعات المكتب القيادي للحزب، ووصف الخطوة بالمهمة للقوى السياسية وللمؤتمر الوطني كذلك في نفس الوقت باعتبار أن عضوية المكتب القيادي الذين كانوا يجدون في السابق الحرج في طرح آرائهم بكل صراحة وجراءة أمام رئيس الجمهورية ليس لأنه دكتاتوري ولكن لأنه رئيس دولة في المقام الأول سيجدون مساحات أوسع للتعبير عن رؤاهم، الأمر الذي سيعطي الحزب مرونة وحيوية أكبر من حيث النقاش، ويضيف الساعوري أن القوى السياسية الأخرى التي كانت عاتبة على تمتع الوطني بشعبية البشير والعمل على نسب أي إنجاز بالولايات للحزب دون ذكر أو حتى مساهمة القوى السياسية المشاركة معه في السُلطة في ذلك واستخدام أي إنجاز كدعاية للوطني فقط.
تقرير : عمر دمباي
الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.