الطينة والعجينة

مع صباح كل يوم جديد نصحو على أصوات غنائية جديدة، الغالبية فيها للنساء، حتى بتنا نتخيل أن الخرطوم هي عاصمة للمغنيين والمغنيات، وهي كذلك، ولو نافست في مسابقة أكثر العواصم تقديماً للمغنيين والمغنيات لحازت على المركز الأول دون منازع وبلا منافس، وربما فازت بالتزكية.

وهو شيء خطير له آثاره المستقبلية والمجتمعية، وإن كنا لا نراها الآن ولا نحس بها، فالكل أصبح فناناً والكل يريد أن يغني، والكل يريد أن يقلد، فشاهدنا ما شاهدنا من جيوش المغنيات، وسمعنا ما سمعنا من ساقط القول وفاحشه، والمؤسف أننا نتعامل مع ذلك بعدم الجدية، وأكتفينا بالفرجة وإطلاق وصف الغناء الهابط على ما يقدمون، حتى كادت أن تهبط الأخلاق وتنحط الكثير من القيم السمحاء، وحتى لا نتهم بإطلاق الكلام على عواهنه، دونكم ما نسمعه من أغنيات ونعيشه من ظاهرة تبرج وزينة بعض المغنيات، وكأن الواحدة في ليلة زفافها، وهي مشاهد ما كانت ترتضيها الأسر من قبل، ولا يرتضيها ابن الجيران، ناهيكم عن الأب أو الأخ أو الزوج.

والذي يؤسف له أكثر أن بعض قنواتنا الفضائية تفتح أبواب شاشاتها على مصراعيها لهؤلاء وأولئك، ضاربة بعرض الحائط شعارات، كانت قد رفعتها من قبل، وحتى قناتنا الفضائية السودانية، التي كنا نسميها إلى وقت قريب القناة الطاهرة، ركبت الموجة وأصبحت كاميراتها توجه لـ(حنة) المغنيات اللائي تفرضهن علينا في عديد المناسبات.

لسنا نؤسس لمفاهيم متشددة، ولا نطالب بغير أن يصح الصحيح، بوضع حد لهذا الظاهرة وإيقاف سيل المغنيات المتبرجات، اللائي لا يفقهن غير لغة التبرج، والبحث عن وسائل الشهرة والثراء، بعد أن أصبح الغناء من أسرع الوسائل لتحقيق ذلك.

سيل المغنيات الذي نتعامل معه الآن بطريقة (الطينة والعجينة) واللا مبالاة، سيجرف أمامه الكثير من القيم الفاضلة، وسيترك بعد إنجلائه الكثير من النفايات التي ستلوث حياتنا، وتصيبنا بالكثير من الأمراض في ديننا وأخلاقنا، وعندها لن نجد الطبيب الذي يطبب القلوب والعقول.

نعم الوقاية خير من العلاج.. فقونا شر أولئك المغنيات(الهابطات)، وأكفونا شرور ما يقدمن، فما بنا يكفي ويفيض.

أما ما يدعو للدهشة والحيرة والريبة هو ظاهرة المادحات، التي تمددت حتى أخرجت لنا لسانها هازئة ساخرة بنا، ومن الدهشة أن تشاهد مادحة تمدح في حفل منقول من إحدى الصالات الفاخرة، عبر قناة فضائية، وهي تشير للرجال بأياديها و(تبشر) حيناً، وتتمايل أخرى وكأنها تضحك على عقولنا بحكاية أنها مادحة.. مادحة من يا ترى، وهي تخالف الممدوح الذي نهى عن فعلها.

إنها بالجد ظواهر خطيرة تستحق أن نقف عندها كثيراً، والبحث عن وسيلة لعلاجها، أو بالأصح اجتثاثها، وأنا أتحدث عن مغنيات وليست مطربات.

خلاصة الشوف:
وبس.

اخر لحظه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.