رؤى -عبد الرحمن الأمين-لن يفعلها أيلا

كُنت قد كتبت أمس مُتسائلاً هل يفعلها أيلا؟، خَاصّةً فيما يلي تصفية الشركات الحكومية وإعادة الألق والسُّلطة مُجدداً لمنصب الوكيل في الخدمة المدنية، على هذا عقّب السفير الطريفي أحمد كرمنو تحت عنوان:

رداً على سؤال الأخ الكريم عبد الرحمن الأمين في عمود (رؤى) بصحيفة “الصيحة” الغرّاء الصّادرة في الرابع عشر من مارس الحالي (هل يفعلها أيلا)؟! نجيب على السؤال بعُنوان هذا المقال (لَن يفعلها أيلا) لأسبابٍ منها أنّ الخدمة المدنية قد تَدَهورت في الثلاثين سنة الأخيرة بسبب التّمكين، وهو وَضع الرجل غير المُناسب في المَكان غير المُناسب، للولاء فقط وليس الكفاءة لغرض شَغل الموقع بغض النظر عن الأداء والإنتاج.

ونُعيد إلى الذاكرة ما سبق أنّ قاله السيد بحر إدريس أبو قردة عن إصلاح الخدمة المدنية، وَهُو في مَوقع الوزير لها وقَبل تَشكيل هذه الحكومة والتي جَاءت بسيادته مَرّةً أُخرى في ذات المَنصب، حَيث ذَكر أنّ أربعة وخمسين (54) مُحاولة لإصلاح الخدمة المدنية بَاءت بالفَشل ولم يذكر سيادته أسباب الفشل.

مَنصب وكيل الوزارة ضمن المَناصب التي شَمَلَها الضّرر، فمنصب وكيل وزارة الخارجية على سبيل المثال وهي الوزارة التي كُنت أعمل فيها حتى سن المعاش، تم تعيين عدد مقدر سياسياً في منصب الوكيل، منهم السيد الدكتور مطرف صديق وبقى في المنصب لحوالي عشر سنوات، والأستاذ علي عثمان محمد يس من منصب وكيل وزارة العدل إلى منصب وكيل وزارة الخارجية، والدكتور حسن عابدين من جامعة الخرطوم سفيراً ثُمّ وكيلاً، ومن الذين تَمّ تعيينهم في وظائف دبلوماسية سياسياً مع الترقي إلى سفير ثُمّ في منصب الوكيل السيد عبد الله حمد الأزرق، والسيد عبد الغني النعيم، والوكيل الحالي السيد بدر الدين عبد الله، والمعروف أن منصب الوكيل هو أهم منصب في الوزارة لأنّه يأتي بعد الوزير مُباشرةً، وكان الوكيل في وزارة الخارجية هو المسؤول عن تصريف مجريات الأمور في الوزارة، وهو المسؤول عن الوظائف الدبلوماسية من درجة السكرتير الثالث حتى الوزير المُفوّض وبقية العاملين في الوزارة من إداريين ومُحاسبين وكوادر مُساعدة من سعاة وسائقين وغيرهم، وقد اختلف وضعهم في السنين الأخيرة بسحب مُعظم الصلاحيات عنهم، ويذكر التاريخ أن الفريق الراحل إبراهيم عبود ورغم أنه كان رأساً للدولة لم تكن له صلاحية عزل الوكيل من المنصب إلا بترفيعه إلى منصب الوزير ومن ثَمّ يُمكنه عزله، فتلك صلاحية رأس الدولة تعيين الوزراء وعزلهم ونلحظ الخلط في الأمر، فرئيس الوزراء السابق السيد معتز موسى عيّن بعض وكلاء الوزارات، بَينمَا جَاء تَعيين السّيّد وكيل وزارة العدل بقرارٍ جَمهوري، وَكَانت هُنالك مواقع حكراً على الحزب الحاكم، فكيف يتم الإصلاح فيها لأنّ المُقاومة ستكون عنيفةً.

وعندما حَدَثَ نزاعٌ في وزارة الصحة الاتحادية تَمّ إعفاء الوزير مُحمّد أبو زيد والوكيل عصام الدين عبد الله، ولكن السيد رئيس مجلس الوزراء معتز موسى عيّن السيد عصام الدين أميناً عاماً لمجلس الوزراء وهو طبيبٌ، فصار الطبيب غير مُناسبٍ في مكانٍ غير مُناسبٍ وأمين عام مجلس الوزراء هو شيخ السادة وكلاء الوزارات، ونقول إن الإصلاح سيكون مُمكناً في الخدمة المدنية إذا تم الانفتاح على العامة ودُون حكر الصندوق لوظائف الخدمة المدنية تمكيناً، فهل سيخرج السيد أيلا الوظائف من الاحتكار؟! لا أظن ذلك، وقد تمتّع الإخوان المُسلمون بوظائف الخدمة المدنية دُون إقصاءٍ حتى الثلاثين من يونيو 1989م عند استلام السُّلطة في انقلاب عسكري، فقلبوا ظهر المجن على السُّودانيين المُسلمين واستأثروا بكل المواقع، فالتخلي إذن عنها أمرٌ صعبٌ للغاية.

والأصعب من ذلك هو قرار حل الشركات والمُؤسّسات الحكومية التي لم يعد دورها قائماً، والمسألة ليست بتلك البساطة، فمراكز القوى ستقاوم، ويبدو أن السيد أيلا تحاشى مُحاولات سلفه السيد معتز موسى في سحب عربات اللاندكروزر من الدستوريين وإلغاء الإعفاء الجمركي الممنوح للمُنظّمات الطوعية الإسلامية، فحل هذه الشركات لن يكون يسيراً وهي تعرف أن فترة حكم السيد أيلا قصيرة، وبذا فلا خدمة مدنية سينصلح حالها ولا شركات سيتم حلها – سيدخل السيد أيلا في حلبة مصارعة – مع التمنيات له بالتوفيق.
الصيحه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.