تحليل سياسي: محمد لطيف-خطاب الرئيس.. مُبادرة أم قرارات؟ (2)

ثار جدل كثيف منذ 22 فبراير المنصرم.. وهو التاريخ الذي فاجأ فيه رئيس الجمهورية السودانيين بخطاب سماه هو بنفسه إطاراً للحل الشامل للأزمة السياسية الماثلة.. وبين من قائل بأن الخطاب ومحتواه قد خاطَب مباشرة مطالب المتظاهرين .. كان هناك من يرى أن الخطاب قد قارَب فقط من الأزمة وطرح خطوطاً عريضة للحل.. ولم يخلُ الأمر

كذلك من قائل بأن الخطاب سد الطريق على أفق الحل.. ثم وفي ذات النسق نشب سؤال موازٍ عما إذا كان

السودان قد دخل بالفعل مرحلة جديدة يُمكن أن يُطلق عليها مصطلح.. فترة انتقالية.. أم ذات النهج هو الذي ما يزال يحكم..؟ ولكن قراءة متفحّصة في خطاب 22 فبراير.. وقد سماه البعض خطاب المُفاصلة الثانية.. يمكن أن يُلقي الضوء على طبيعة هذه المرحلة.. مرحلة ما بعد الخطاب.. والفرق بينها وبين ما قبلها.. وهذا هو المهم..!

 

لعلّ أهم سمات خطاب الرئيس في تلك الليلة.. كانت ملامح تمثلت في .. اللغة التصالُحية التي تبنّاها الخطاب بعد مرحلة من الرفض للآخر.. وتقرأ أيضاً.. تعزيز مبدأ عدم الإقصاء ونبذ الكراهية.. إيقاف إجرءات تعديل الدستور.. وتقرأ أيضاً.. إيقاف إجراءات تمهيد الطريق لإعادة ترشيح الرئيس في 2020 .. إعلان الرئيس عزمه الوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية.. وتقرأ أيضاً.. عزم الرئيس تخليه عن رئاسة المؤتمر الوطني.. الابتعاد عن الخيارات الصفرية وإطلاق دعوة جديدة للحوار من منطلق وقوف الجميع على أرضية واحدة.. تأكيد الحل السلمي وإحلال السلام.. كان حل الحكومة مؤشراً مهماً.. ومدخلاً للحديث عن حكومة جديدة بمهام محددة.. لخّصها الخطاب في..

إيجاد حلول ومعالجات جذرية للأزمة الاقتصادية.. تمهيد المناخ لحوار إيجابي يستوعب الجميع.. الوصول إلى اتفاقيات دائمة متفاوَض حولها متفق عليها تحقق السلام والاستقرار في كل مناطق النزاعات..!

 

كانت هذه أبرز مؤشرات أو مخرجات خطاب 22 فبراير الرئاسي.. ولعل واحدة من أكبر مُربِكات مشهد ما بعد الخطاب..

كانت القرار القاضي بإعلان حالة الطوارئ في البلاد.. ولمدة عام من تاريخه.. وقد بدا التناقضُ صارخاً بين إعلان الرئيس عزمه الاقتراب من كل القوى السياسية.. ودعوته للحوار.. وتأكيده على سيادة الحريات وحق الأحزاب في ممارسة نشاطها.. وبين إعلان حالة الطوارئ .. كان التفسير الذي قيل يومها أن الهدف من الطوارئ بشكل أساسي هو السيطرة على الأنشطة الاقتصادية الهدامة.. فيما ذهب البعض إلى القول بأن قرار الطوارئ كان تحسباً لتكرار ما حدث عقب المفاصلة الأولى.. ولئن أثبتت التجربة العملية عدم حدوث شيء من ذلك.. فقد أثبتت ذات التجربة أيضاً.. أن إجراءات الطوارئ يدفع ثمنها حتى الآن المتظاهرون فقط.. بينما لا يزال القطط السمان وانفلات السوق والتهريب وكل المنغصات على حياة المواطن في الشأن الاقتصادي.. بعيدة عن متناول الطواري ومحاكمها..!

 

وبعيداً عن كل هذا.. يبقى سؤال محوري.. هل تمثل مرحلة ما بعد الخطاب.. مرحلة انتقالية.. تحمل مواصفات المرحلة الانتقالية.. بذات المعطيات التي يمكن أن تُشكّل انتقالاً حقيقياً.. كما يصبو أولئك الذين يتطلعون إلى التغيير..؟ هل تتصالح المراجع العليا في الدولة مع مصطلح الانتقال..؟ وبأي شروط يكون ذلك..؟!

غداً نُجيب..

 

الصيحه

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.