سلامات علي مهدي

لا أدري من هو الذي ترجم كلمة (كبتال) الإنجليزية إلى (رأسمال) في اللغة العربية وبنى عليها اصطلاح (الرأسمالية) التي أصبحت أيديولوجية متكاملة يسهر الناس جراها ويختصمون وهي الآن التي تدير العالم. لا شك أن لكارل ماركس صاحب النظرية الاشتراكية القدح المعلى في هذه التسمية فكتابة (رأس المال) هو

إنجيل الاشتراكية العلمية. ولكن بعيداً عن الاصطلاح دعونا نذهب إلى المعنى اللغوي أي القاموسي حيث لكلمة رأسمال جرس خاص فأسمعها عند الفنان محمد حسنين في أغنية سائق البوباي (أصلو الجمال

رأسمال)، فالرأسمالي بالمعنى الاصطلاحي مسيطر على وسائل الإنتاج ويسخر الآخرين (البروليتاريا) لزيادة رأسماله فإن الجميل يسيطر على قلوب العشاق ويجعلهم تحت امرته طوعاً لا كرهاً وهنا يمكن أن نذكر قصة أحد أعمامنا عليه رحمة الله إذ أعطى إحداهن كمية من الملوخية مقابل مبلغ معين فأعقبتها أخرى وأعطته

نفس المبلغ ولكنه أعطاها كمية أقل فاستنكرت عليه هذا التطفيف فرد عليها (لكن إنتِ ربنا خلقك زيها ؟) وفي رواية (الله ما ساواكن أساويكن أنا ؟)

(2 )
أما سبب هذه الرمية هو أنني تعثرت على رأسمال من نوع آخر, رأسمال يتكون من الإعجاب الذي ارتقى لدرجة المحبة فقد أسعدتني الظروف بمرافقة الأستاذ الفنان الكبير والرمز الاجتماعي / علي مهدي للمملكة العربية السعودية وبدعوة من وزارة الإعلام السعودية لحضورمعرض الكتاب بجدة ومهرجان الجنادرية بالرياض وبين الفعاليتين كانت هناك شعيرة العمرة وزيارة مسجد المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد

أدهشني في هذه الرحلة ما يتمتع به الأستاذ علي من محبين ومن مختلف الأعماروالسنح والألوان فما أن تقع عين سوداني عليه إلا ويهرع إليه وكأنه يعرفه من زمن. ومن جانبه كان الأستاذ علي يقابله هاشاً باشاً مفرداً حضنه ليضمه وكأنه صديق قديم وتجد الواحد منهم يعبر عن سعادته بلقائه بدفق لغوي بديع واصفاً اللقاء بأنه قدر جميل أما صور السيلفي فكانت هي سيدة الموقف ولايكتفي الواحد منهم بالسلام والتعبير عن الإعجاب والمحبة بل يصر على تقديم خدمة كأن يدعوه للركوب لو كان راجلاً أو تناول مشروب إن كان في السوق.

(3 )
هذا الرأسمال الذي يتمتع به الأستاذ علي لم يأتِ من فراغ إنما كان تراكماً لجهد إبداعي طويل وعمل إنساني عظيم. فالواحد منهم عندما تقع عينه عليه كان يرى فيلم عرس الزين الذي حمل الأستاذ إلى العالمية، وكان يرى مسرحية هو وهي وهباش وكل الأعمال الدرامية الراقية التي قام بها الأستاذ علي.. كان يرى علي

مهدي ومن خلاله يرى الطيب صالح وإبراهيم الصلحي وتحية زروق ومكي سنادة وإبراهيم حجازي وأحمد عاطف والفكي عبد الرحمن وغيرهم من رواد الأدب والمسرح في بلادنا.. كان يرى في الأستاذ قرية الأطفال النموذجية (اس او اس) حيث بابا علي كافل الأيتام وسند من لا سند له .. كان يرى تنظيمات الممثلين

والفنانين. أكثر من نصف قرن وعلي مهدي يوزع في فن التشخيص.. يضحك ويبكي ويعلم ويبعث على التفكير ويدعو للمحبة أكثر من نصف قرن وعلي مهدي يقدم في الأعمال الإنسانية لأضعف فئات المجتمع أكثر من نصف قرن وعلي مهدي يتلفح جلبابه الأخضر عاصباً رأسه بعمة قصيرة ومسدلاً شاربه داعياً بهذه الهيئة المميزة للتصوف النقي الذي يؤاخي بين الجميع وليقول لنا إن السودان يبدأ من الوجدان.

حفظك الله أستاذنا علي ومتعك بالصحة والعافية فأنت لديك رأسمال لم يتوفر لغيرك ومشروعك الأخضر مازال ممتداً.

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.