قراءة تحليلية

الجزار ومجزرة نيوزيلندا وحوار الحضارات

لم أكن راجما بالغيب حينما طالبت الامم المتحدة بضرورة عقد مؤتمر دولي هو الاول من نوعه مؤتمر حول التجربة البشرية ليس من أجل مناقشة ماهيتها ولكن من أجل سبر أغوار هويتها وهواها فملائكة الرحمن في الذكر الحكيم أشاروا بوضوح الى خطورة هذا المخلوق خطورته على نفسه وجنسه والكون والكونيات قبل أن

يرد عليهم الحق تعالى بأنه علام الغيوب ويعلم ما لم يعلمون ولكن في ذات السياق خلق الانسان وخلق

مقابلة سبعة جنان وسبعة نيران في الدارين فالحقد نار والظلم نار والعلو نار والتطرف والإرهاب نار نعم الناس اهبطوا بعضهم لبعض عدو الا باستثناءات محددة فهناك عداوات فطرية وأخرى مكتسبة من واقع الافكار

والمفاهيم والمعتقدات والمصالح وحب الشهوات والتملك الشهواني نعم ان الحق تعالى في سبيل تنقية وترقية هذه البيئة البشرية المتردية ارسل الانبياء الرسل وأممهم تشهد بأنهم قد أدوا الرسالة والأمانة وجاهدوا في الله حق جهاده جهادا اصغر واكبر حتى اتاهم اليقين فمن الناس من اهتدى ومنهم من

استغشى ثيابه ممارسا أقصى وأقسى انواع العلو والغلو والتطرف عزة بالإثم وزورا وبهتانا باسم العزيز نعم ان الجزار البشري النيوزلندي الذي ارتكب المجزرة التي راح ضحيتها قرابة الخمسون مصلي من المسلمين

الأبرياء يتسق سلوكه الموغل في الغلو والحقد والكراهية مع جزاري احداث 11 سبتمبر بالولاية المتحدة

الامريكية فالناس على اطلاقهم مكرمون عند الله تعالى وهم خلفاؤه في الأرض وخلقوا ليعبدوه وليس ليقتلوا على الطريقة التي يتبعها متطرفو الديانات ومنها الطريقة والأسلوب الماكر والغادر الذي اتبعه بعناية فائقة وسط غفلة بالغة من جانب مسلمي ذلك البلد الهاديء ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة بيئة التطرف الديني والعرقي الاوروبية فهي بيئة موجودة ومخطئ من راهن على اختفاءها موجودة تحت غطاء مظاهر الحضارة المادية

ووجودها أشبه بموية التبن والملة ام جمرا حي. ودقل ووتد الدرب. تتغذى بروح التطرف الديني والعرقي

والاستيلائي الكامنة في الذات نعم ان الجريمة البشعة التي ارتكبها المتطرف النيوزلندي قد سبقه الى ذات الفعل متطرفو الديانات والعرقيات الأخرى كالمسلمين واليهود وإتباع الديانات الطبيعية إذن الجميع متفقون بان الغلو والتطرف والإرهاب موجود في كل المرجعيات الجينية والعرقية والسياسية فاذا لم يتم الالتفات الى هذه الظواهر السالبة فان هؤلاء سيفسدون الحياة ويحولوها إلى جحيم لا يطاق وبالرجوع الى موضوع الغفلة الذي رافق مصليّ مسجدي نيوزلندا فأولى تلك الغفلة المؤسفة اين ترتيبات وتدابير الامن الحضاري وامن الحضارات في ظل أجواء وفي بلد احتمالية وفرضية وجود متطرفين دينيين وعرقيين محليين وشبكات اقليمية دولية واردة تستغل عامل الوقت والهدوء وعنصر المباغتة والمواقيت العقدية لقدرتها على تجميع تلقائي لأكبر عدد من

المستهدفين ثم أين احتياطيات أمن الزمان والمكان والمجتمع والبيئة المحيطة أين الخطة الامنية للمبني في حالات الكوارث الطبيعية والكوارث العدوانية كتلك التي حدثت هل تعلم لو كانت هناك خطة مكانية احترازية من هذا النوع لما تمكن المهاجم من انفاذ خطته بتلك الطريقة المؤسفة التي ظل يلتقط المصلين أفرادا وجماعات بسهولة بالغة أين الحاجب والحواجز الاحترازية أين نوافذ ومخارج الطوارئ لتفادي الخطر أو الالتفات على

المهاجم الذي ظهر بأنه لا يضع أي احتياطيات أمان ضد الالتفاف عليه أو الهجوم عليه من الخلف او حتى عملية الانقضاض الانتحاري نعم أن الغفلة والأمان المطلق والتماهي مع الدنيا وعدم الاستفادة القصوى من

احتياطيات الموروث الثقافي والاجتماعي مثل تلك الحالات هو السبب الاساسي ولكن كما يقولون العثرة تصلح المشي وفي حالة عثرة نيوزلندا تصلح الجري عديل وفي خاتمة القراءة ننقل تعازينا الحارة لجميع أسر الضحايا والله نسأله ان يتغمدهم بواسع رحمته ويلهم ذويهم الصبر وحسن العزاء؛ كما نحيي الإدانات الواسعة التي صدرت من قبل الشعوب والجهات الاوروبية الرسمية ومن الاسرة الدولية قاطبة وحتى لا تتكرر مثل هذه

التصرفات وتنمو فلابد من البحث في خيارات حلول تجتث الظاهرة من جذورها فلا اجد اقوى حل وأمضي من اخضاع ظواهر العلو والغلو والتطرف والإرهاب والكراهية الدينية والعرقية اخضاعها الى الحوار الحضاري في اطار الديانة الواحدة وحوار الحضارات لمرجعيات الديانات المختلفة ثم تكمل نتائج تلك الحوارات بالترتيبات والتدابير السياسية والأمنية والسلطانية والحصافة والحذر الاجتماعيين وكل عام وأنتم بخير.

اخبار اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.