مؤمن غالي :نقوش على قبر وردي (4-4)

واليوم نودع وردي .. نودع روحه التي تحلق أبداً محمولة على السحاب .. نودع جسده الذي غرسناه في أحشاء تراب الوطن ومنه دوماً وأبداً تتسرب الألحان وبهجة الأغاني .. قوة وجسارة الأناشيد .. والوطن أبداً على كتف وردي .. والشعب دوماً محمولاً على عنق وردي.
اليوم يا أحبة .. نقول لوردي وداعاً .. إنابة عن أولئك المحظوظين الرابحين عشقهم وهم ما زالوا وسيظلوا يرددون ما أسفر صبح وما أليل ليل .. حققنا أحلامنا وكل عاشق عقبالو.
اليوم نقول لوردي وداعاً إنابة عن أولئك التعساء الذين سال .. بل تفجرت دماء قصصهم المنحورة على سكين الطرف الثالث والمستشهدة على حواف قبور الهزيمة .. وهم يتخذون من غنائك علماً ووشماً وذكرى وتذكاراً.
خسارة قلبي في حبك وا خسارة .. خسارة أملي وأملك وا خسارة ..
كنا بنبني الجنة ولم خلاص قربنا .. إنت هدمت ورحت ويا خسارة ..
اليوم نقول وداعاً .. وداعاً لوردي إنابة عن أولئك المرعوبين المفزوعين الذين ترتعد أطرافهم وتدق كما المطارق قلوبهم هلعاً وخوفاً ورعباً من هول وفاجعة الفراق .. إنابة عنهم وهم يرددون بعيون تصور الخوف في جلاء .. والرعب في دقة ومهابة ورصانة ..
خوفي منك .. خوفي تنساسني وتنساها الليالي ..
يا حبيبي أنا خايف ياما بعدك
أنسى حالي ..
أحبتي .. هذا جزء يسير من وردي .. هذه لمحات من وردي.. اليوم نصل للميس ونحن على مشارف الختام .. وقسماً بالشعب والأيام الصعبة إن ختامنا لن يكون أقل إثارة من نهايات أفلام مخرج الرعب (الفريد هتش كوك) ولن يكون أقل جرأة ودهشة من نهايات قصص (أجثا كريستي) .. فإلى الختام ..
وحبيبنا وردي يكسر .. بل يشيع اللحن الدائري إلى مثواه الأخير .. واللحن الدائري هو تكرار الممل .. والرتابة الناعسة .. والموسيقى الجنائزية ورائحة الحنوط وبشاعة ورعب صناديق النعوش..
والآن نحن نعيش اللحن الدائري .. وذاك التكرار الممل .. ونحن قد زهجنا وتملكنا .. بل استعمرنا الملل .. ونسأل: ألم (يزهج) أفراد كوبليه الملل الممل؟ ..
إلى متى نحن .. بل هذا السودان الحزين يعيش يصبح ويمسي على ذاك الملل .. إلى متى تظل (سياسة) الوطن لا تخرج عن تلك المجرة الدائرية .. إلى متى تدور الساقية وقواديسها هم نافع وأمين والبروف إبراهيم أحمد وعلي الحاج وحاتم سليمان وعوض جادين والفاتح عز الدين وباشري وربيع عبد العاطي ومولانا علي عثمان ومصطفى إسماعيل وكرتي والمتعافي والكاروري .. وهل بطلت حواء السودان الولادة .. وهل (إنتو ما عندكم غير ديل)؟

اخرلجظه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.