صلاح حبيب:ورحل صابر الصابر!!

غيّب الموت أمس محقق نيابة الصحافة والمطبوعات “صابر أحمد شمس الدين” رحل في صمت قبل أن يكمل

التحقيق في القضايا المرفوعة من قبل النيابة ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية، لقد عرفناه منذ أن تولينا رئاسة التحرير ولم نكن نعرف طوال فترة عملنا بهذه المهنة دروب النيابات والمحاكم والبلاغات المفتوحة ضد

الصحفيين من قبل المتضررين من النشر، لقد عرفناه أخاً وصديقاً للصحفيين، ولم تكُن معاملته لنا كمتهمين،

بل كان يحسن استقبالنا ويقدم لنا الشاي والقهوة، ريثما يبدأ التحقيق أو أخذ البيانات والمعلومات المتعلقة

بالبلاغ المفتوح، وأحياناً يتصل عليك هاتفياً للحضور إلى النيابة، وأحياناً يأتيك في مقرك طالباً منك الحضور في اليوم الفلاني ويكون في انتظارك لإنهاء عملية التحقيق، وفي حالة لم يوجد ضامن يقول ليك خلّ أي واحد

(يجي) ببطاقته امشِ أنت.. لقد كانت معاملته في منتهى الرقي والأدب، وأحياناً يقول ليك (الزّيكم) أنتم ديل

بجيبوهم لحدي النيابة من المفترض أن تذهب إليهم النيابة في محلهم، الموت سبيل الأولين والآخرين، ولكن أمثال ناس “صابر” ديل ما بعيشوا في الدنيا كثيراً من أدبهم واحترامهم للآخرين، ما زال لنا بلاغ في نيابة

الصحافة والمطبوعات منذ أكثر من ستة أشهر كان المتحري فيه الراحل “صابر” رغم أنه متحرّي في البلاغ

ولكنه كان يتدخل مع الشاكي لإنهاء القضية، لأنها لا ترقى إلى المستوى الذي تصل فيه إلى المحكمة ..وظل

يحاول إقناع الطرف الآخر أن يتنازل عن البلاغ، ولكن الشاكي كان مصراً أن يصل البلاغ إلى المحكمة على

الرغم من أن الخبر محل البلاغ لم يذكر فيه الشاكي لا من قريب ولا من بعيد، ولا أحد كان يمكن أن يكتشف

أن الخبر معنيّ به صاحب البلاغ، وظل حمامة سلام بيننا وبين الشاكي، وكان يقول للطرف الآخر الدنيا ما

بتسوى شيئاً، ولكن إصرار الشاكي كان أقوى من الدور الذي لعبه في إقناعه. وأخيراً تم رفع الأمر إلى

المحكمة، لم يكُن الراحل وبهذه المعاملة الطيبة والراقية معي وحدي ولكن مع كل الزملاء الصحفيين، فكان

يعرف كل رؤساء التحرير وكل المحررين في صفحات الحوادث، وكانت معاملته بنفس القدر من التساوي،

والصحفيين عنده في مرتبة واحدة لا يفرق بين رئيس تحرير (الرأي العام) أو (المجهر) أو (الصيحة) أو (الوطن).

كان الجميع عنده متساوين؛ نفس الأريحية ونفس الابتسامة ونفس الضحكة ونفس كباية الشاي أو القهوة،

لقد افتقدت النيابة محققاً من طراز فريد وفقدت الصحافة رجلاً بهذا المستوى من الاحترام مع كل الناس، ولم

يكُن “صابر” رجل شرطة أو بوليس، وإنما كان وزارة داخلية بأكملها من حسن المعشر وطيب الخلق والتفاني

في عمله، لم يتجبّر أو يتكبّر على من أتاه وهو في هذا الوضع ،وكلنا يعلم كم تفعل الوظيفة في الشخص فما

بالك بمن أتى إلى النيابة وكلنا يعلم أحياناً كيف تتم معاملة الشخص في مكاتب الشرطة! ، لقد كان “صابر”

إنساناً بمعنى الكلمة، رقيقاً لطيفاً، هاشاً باشاً، تدخل عليه وتزول كل المخاوف التي تكون مسيطرة عليك ،

خاصة حينما يقال لك أنت مطلوب أمام النيابة تجلس إلى جواره وكأنك في مكتبك وليس مكتب محقق، أحياناً

يلقنك الكلمات إذا كنت من الأشخاص الذين يزورون النيابة لأول مرة أو لم تكُن لك سابق خبرة أو معرفة بها، ألا

رحم الله الأخ “صابر” وأحسن إليه ونسأل المولى أن يدخله جناته مع الشهداء والصديقين.

 

المجهر السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.