عثمان محجوب :ما الذي يجري بين الخرطوم والدوحة ؟

لا يستطيع كائنا من كان أن ينكر الدور الكبير الذي قامت به دولة قطر تجاه السودان، خاصة فيما يلي مجهوداتها

الكبيرة والتي مازالت مستمرة لإحلال السلام في دارفور ، والتي توجت بتوقيع اتفاقية الدوحة للسلام في العام

2011، قبل فترة برزت بوادر فتور عارضة في العلاقة بين الخرطوم والدوحة، ربما مردها خلاف في وجهات النظر تجاه

قضية بعينها، أو بسبب الاختلاف في المواقف هنا وهناك، ولكن مهما بلغ من أمر فإن العلاقة بين الدولتين لن تصل إلى درجة القطيعة كما يتمنى الواهمون في الداخل والحالمون في الخارج .

مواقف السودان تجاه الأزمة الخليجية منذ نشوبها، واضح كوضوح الشمس في كبد السماء، لم تغيره الضغوطات ولا

الإغراءات التي تسيل اللعاب في زمن عز فيه الحصول على لقمة العيش في بلاد مقرن النيلين .

من يعرفون تاريخ العلاقة المميزة والمتطورة بين السودان وقطر منذ افتتاح سفارة الدوحة بالخرطوم في العام 1972م

بتمثيل دبلوماسي كامل، يدركون جيدا أن هكذا علاقة لن تتأثر بما راج من أخبار مدسوسة ذات أجندة معلومة

للجميع، أو بسبب توقف رحلات الخطوط القطرية من وإلى مطار الخرطوم، الأمر الذي شكل بيئة خصبة للتأويل، التي

تتحدث عن خلافات بين البلدين وعن سحب الدوحة لرعاياها من الخرطوم ، وعن قطعية مرتقبة للعلاقات.

استغربت لحد الدهشة من بعض الأقلام التي انساقت وراء هذه الشائعات، وطفقت تتحدث عن التدهور الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين، بل ذهب أحدهم لأبعد من ذلك عندما سطر في زاويته من وحي خياله أن (العلاقة بين الخرطوم والدوحة وصلت مرحلة اللاعودة)، يعني وصلت إلى طريق مسدود، وهذا حديث يتنافى مع الواقع ولا يصدقه عاقل، وتنسفه من على الأرض نسف اجتماعات اللجنة العليا السودانية القطرية والتي تنطلق فعالياتها غداً الخميس برئاسة رئيسي وزراء البلدين دكتور محمد طاهر أيلا المتواجد حالياً بالدوحة، وعبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني.
العلاقة بين الخرطوم والدوحة لم تكن يوماً محل مزايدة، فعلى المستوى السياسي تمثَّلت العلاقات في تنسيق

المواقف في المحافل الدولية والإقليمية، والزيارات المتبادلة، وغير ذلك من المشاركات على كل المستويات.

واقتصادياً تمثلت في الاستثمارات القطرية في السودان، من خلال المؤسسات القطرية، مثل بنك قطر الوطني،

شركة الديار العاملة في المجال العقاري، شركة وِدام، شركة حصاد العاملة في مجال المشروعات الزراعية، شركة

بروة العقارية، قطر للتعدين، بجانب عدد من الأفراد المستثمرين في المجال الزراعي والتجاري، والأنشطة القطرية

ذات الصبغة الاقتصادية كثيرة لا يسع المجال لذكرها، مما يجعل الطريق وعراً أمام الشانئين الباحثين عن كل ما يعكر

صفو العلاقة بين البلدين الصديقين.
العلاقات السودانية القطرية تمرض ولكنها لن تموت.

 

 

المجهر اسياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.