عبد الله الشيخ:(عنصرية مُضادّة)..!

شعب السودان يبدو متشاكساً داخل حدوده، لأن هناك وهم استعلاء يسيطر على أذهان البعض، لكن ذاك الوهم سرعان ما يتلاشى عندما يغادر المواطن سقف هذه السماء الحارقة.

خارج الحدود يصبح الكل سودانياً صرفاً، مواطن هذه البلاد هو بعض قوم أطراف بالنسبة للمحيط العربي والإسلامي، وهو المحيط – المجتمع – الذي أورثنا الكثير من تناقضاته و(آلامه) المجتمعية والوجدانية.

السوداني أياً كان مستواه التعليمي، أياً كان مستوى وعيه، لونه أو لهجته، هو عند الشعوب قبالتنا سوداني وحسب..
في الداخل – في الذي بيننا – تترافع خلافاتنا إن لم نطح بوهم الاستعلاء داخل نفوس البعض، بتعييرٍ أشد فظاظة من بضاعتهم العنصرية البائِرة..

من حسنات الحاضر، أن البعض تجاوز ذلك الماضي وعبروا عن الواقع بلغة جديدة، ليس فيها حمولات التعصب والعنصرية والجهوية والقبلية، رغم أن هذه (الابتلاءات)

مجتمع السودان ليس بدعاً بين الأمم، هكذا تتدرج الشعوب من ماضيها المتناقض إلى تكون أمة متماسكةز
ولكن تطور بلادنا كان وئيداً من القبيلة إلى الطريقة الصوفية إلى الدولة، التي كانت تسمى في البدء سلطنة، بكل ما تحمل كل حقبة في جوفها من تمييز ديني وعرقي له عقابيله على كافة تفاصيل الحياة.

لأجل العودة إلى المسار الصحيح وبناء الدولة القومية، يمكن الاستفادة من بعض آليات القطاع التقليدي، حيث يمكن الاستفادة من القبيلة كانتماء اجتماعي ثقافي، والبناء فوق ذاك الانتماء كرافد تراثي داخل إطار التنوع، ليكون ذاك الانتماء مدعاة للتميز الثقافي..

إن تحدي العودة للمسار الصحيح يجب أن تضطلع به النخبة، ممثلة في روابط طلاب الجامعات، الأحزاب، المجتمع المدني، مؤسسات الدولة من وزارة الثقافة الى القوات النظامية.

ولعل أسوأ ما في الأمر، أن النعرة القبلية أو العنصرية تلد عنصرية مضادة، لعل أكثر المتأذين منها هم الفصيل الناشط من أجل تصحيح المسار، ففي أوساط الناشطين ضد الشمولية، هناك تصنيف لمن يُعتقد أنهم (جلابة).

داخل المعارضة وبين المدافعين عن الحقوق المدنية، هناك من ينظر إلى رفيق دربه كجزء من الأزمة، هذا الوجه من العصبية، هو أكبر كارثة يمكن أن تلحق بقوى التغيير ، بل هي أكبر مهدد لمستقبل السودان كدولة.

ولكن حيثما فُتحت مدرسة تبدد الظلام، وحيثما يشاع الوعي تتفكك أواصر الانتماء الضيق.

يجب أن ينتظم الجميع في برنامج تربية وطنية تشكل قاعدة للتعارف بين المكونات الاجتماعية والثقافية السودانية، فهذا الوطن يسع الجميع.. هكذا يجب أن يكون.

قال درويش حكيم الشعر:
وتسألُ: ما معنى كلمة وطن؟

سيقولون: هو البيت وشجرة التوت وقن الدجاج وقفيز النحل ورائحة الخبز والسماء الأولى..
وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة، من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات، وتضيق بنا؟

 

اخرلحظه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.