كاتب سعودي :السودان الذي شهد أشهر ثلاث لاءات عربية وإعادة التموضع عربياً

السودان الذي شهد أشهر ثلاث لاءات عربية في قمة (1967)، عاد للتموضع في الحضن العربي ليحتل مكانه الذي يستحق بلداً بإمكانات كبيرة يرغب في لعب دورٍ يليق به في الاستحقاقات التي تمر بها المنطقة.. ولعل بوادر تلك الرغبة بدأت في التبلور عندما احتضنت الخرطوم اجتماع قمة ثلاثية جمعت قيادات مصر والسودان وإثيوبيا قبل ثلاثة أشهر لمناقشة أكثر الملفات تعقيداً وحساسية والذي كان يتعلق بسد النهضة الإثيوبي.. مارس السودان يومها دوراً من أجل إبرام الاتفاق الذي حظي بقبول الجميع، لكن الحدث الأبرز هو الذي ظهر قبل حوالي الشهرين إبّان بدء عملية عاصفة الحزم التي كانت منعطفاً مهماً في العمل العربي المشترك، وكان السودان من أوائل المنضوين تحت لواء هذا التحالف الذي نُفّذ لأهداف الشرعية اليمنية والأمن الإقليمي ضد ميليشيات علي عبدالله صالح والحوثي المدعومة من إيران.

في واقع الأمر لطالما كان السودان رقماً ذا قيمة عالية في المعادلة العربية في مداها قريب المدى والاستراتيجي على وجه الخصوص، ولولا طول أمد الأزمات الداخلية التي عاشها والتي جلبت له فيما بعد العقوبات الدولية، لكان قادراً على أن يصبح رائداً في أفريقيا، ورغم ذلك كانت المملكة داعمة له عبر مشروعات تم إنشاؤها على الأراضي السودانية، وبرأينا أن بإمكان السودان أن ينتقل بقوة نحو مكان متقدم على الساحة العربية إن أراد ورغب في ذلك، عبر شراكات سياسية واقتصادية وثقافية مقرونة بسياسة انفتاح على الدول الخليجية وجواره الأفريقي بقسميه العربي وغير العربي.

خلال الفترة الماضية شاب العلاقات السودانية العربية نوع من الفتور على خلفية محاولة إيران لعب دور في هذا البلد العربي، لكن ما حدث أن الخرطوم بدأت تشعر أنها تبتعد عن محورها الطبيعي، وتذهب بشكل لا يتسم مع مواقفه العروبية، وهو الذي دعاها للنظر مجدداً في تقييم الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات مع تلك الدولة، وقررت بعد ذلك عودة قوية إلى الواجهة في المشهد العربي.

يحتاج السودان اليوم أن يعمل على تنويع شراكاته وتوظيف إمكاناته التي يحظى بها، عبر مبادرات إما ثنائية أو جماعية يمكن أن تحشد لها بعض الدول العربية، وهو أمر من شأنه تخفيف وطأة العقوبات الدولية عليه، الأمر الذي يعني انتعاشاً سياسياً واقتصادياً معقولاً مع إمكانية أن يؤدي ذلك إلى حلحلة للمواقف الدولية التي تتخذ من الخرطوم موقفاً متشنجاً بسبب جملة من الأحداث المرتبطة بالصراع الداخلي في السودان.

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.