مفارقات في الثورة.. قصص إنسانية واجتماعية

منذ أن اندلعت الثورة في التاسع عشر من ديسمبر الماضي كشف السودانيون عن تكاتفهم وسندهم لبعضهم البعض، فضلا عن حب وصف بالعظيم وسط الثوار داخل أرض الاعتصام بالقيادة العامة الذي يتواصل ليومه الثامن على التوالي.. مفارقات عديدة تذكر منها القليل.

 

(حنية طن)
(يا عسكري ومغرور كل البلد دارفور) الشعار الذي تصدر الثورة منذ اندلاعها منادياً بمناهضة العنصرية التي زرعتها الإنقاذ في الأنفس، فامتصت ما علق من حساسيات بين مكونات السودان المختلفة على المستوى الاجتماعي، فضلا عن تشجيعها لمكونات سكانية للمشاركة في الثورة.
كذلك تجلت (محاننة) السودانيين بإعلان كل من خرج من المعتقل شكره لأصدقائه على وقفتهم مع آل بيته، فكتب الثائر أمين ناصر أنه عندما تم اعتقالهم من أمام مشفى الزيتونة بشارع السيد عبد الرحمن، كان أحد المعتقلين يذرف الدموع، مما دفع أحدهم لسؤاله بنبرة حادة: ما الذي يجعلك تبكي؟ فرد أنه لم يكن متظاهرا بل كان متجهاً لتوفير الدواء لوالدته التي كانت ترقد طريحة الفراش وتوفت لحظة القبض عليه. يقول أمين في حسابه الشخصي إن الجميع جمعوا مبلغ مالي (شير) وأطلق الضابط سراحهم بعد أن قرأوا الفاتحة على روح والدته.

 

ثورة مدفوعة القيمة
كل ما يحتاجه الشخص موجود في محيط القيادة حتى الـ(السجائر والتمباك)، وأصبح الاعتصام برنامجا يوما مترعا بالحيوية للجميع، لدرجة أن البعض يكشف عن قلقه إزاء فض الاعتصام لأنه أصبح حياة.. مياه الشرب رغم ارتفاع الحرارة لم تكن مشكلة بل كانت متوفرة بكميات كبيرة عبر براميل بها (ثلج)، وعبر سيارات مياه معدنية، داخل الاعتصام أفراد يلبسون سترات باللون البرتقالي يجمعون المبالغ لشراء المياه في حال نفاذها، ذات الأشخاص يسألون الخارجين من مكان الاعتصام ما أن كان يملك تكلفة مواصلاته. وعندما أغلقت (بطاريات) هواتفهم سريعاً ما وفرت لهم (بور بانك) وسماعات و(بطاريات إضافية).

الطعام كان على مستوى عالٍ حيث برزت منظمة مجددون في توفيره وبكميات كبيرة، إلا أن هناك أفراد يشاركون في ذلك الدعم، الطعام لم يكن موحداً بل أصناف مختلفة بعضهم يسأل عبر حسابتهم الشخصية عن الأصناف الذين يريدون الثوار تناولها، كتب أحد الثوار عبر حسابة في الفيسبوك ساخراً: (رجعت بيتنا لقيت ملاح رجلة رجعت القيادة)، وكتب آخر: (هنا في أكل من كاكا وتمباك وسجائر ورصيد وشحن للهاتف ليس هناك سبب مقنع لعودتي لبيتنا).

شاي المغرب كان حاضراً، فمعظم ربات المنازل كن يحضرن لساحة الاعتصام مع سرامس شاي البن والكيك والبسكويت.
ويشير البعض إلى تكوين صداقات جديدة ولم تنحصر على الثوار فقط بل حتى مع منسوبي القوات المسلحة الذين ينامون معهم على بساط واحد ويتناولون شاي الصباح من (سيرمس) واحد وحتى البسكويت يقسم بينهم، العلاقات تلك لم تنحصر على الوجود في القيادة فقط بل تبادلوا أرقام الهواتف.
تكوين تلك الصداقات لم تُنْسِ الثوار أصدقاءهم بالخارج فكانوا يحرصون على كتابة ورقة تحمل اسم أحد أصدقائهم المغترب قائلين: (أنا بدلاً عن صديقي، وأنت معانا في الاعتصام، اعتصام القيادة مع كتابة يوم الاعتصام بهشتاق تسقط بس).

 

(دولة القيادة)
من الفوارق أن الثورة أكملت يومها الثامن وتدخل في يومها التاسع ولا توجد فيها مظاهر سالبة ولم تسجل بلاغات لجرائم للسرقة أو ضرب أو حتى طعن بآلة حادة فضلا عن انعدام حالات التحرش.
محيط القيادة تحول لدولة كاملة تأمينها عالٍ جداً حيث يتم التفتيش بجهاز الفحص الذي لا يوجد إلا في المطارات والشركات والمصارف ونقاط التفيش، التأمين لم يختصر على التفتيش فقط بعد أن كانت هناك آلية وضعت كمتاريس لحماية الثوار من دخول عربات الأمن.
عند دخول الثائر بأي طريق من الطرق المؤدية للقيادة ترتفع الأصوات بشعارات (التفتيش بالذوق ارفع يدك فوق تأمين لأخوك).
كذلك كانت هناك عيادات على رأس أي شارع لمعالجة الحالات الطارئة وكذلك إسعافات القوات المسلحة كانت تقف لإسعاف أي إصابات خطير ونقلها إلى أقرب مشفى.

اللافتات التي كانت مرصوصة على طول شارع القيادة استبدلت بلافتات تحمل شعارات الثورة حيث استبدلت لافتة لمكرونة نوبو بشعار (حرية سلام وعدالة) ولافتة لطحنية الروضة (الثورة خيار الشعب).

 

شعارات كل موقف
الثورة التي ما تزال مستمرة لحين تنفيذ مطالب الشعب حملت في جعبتها العديد من الشعارات بل جلها تكون وقتية قبل اقتلاع النظام كان الشعار الأكثر ترديدا ( تسقط بس)، كذلك بعد السقوط كان الثوار يرددون (سقطت سقطت يا كيزان سقطت سقطت علي عثمان).
عندما أعلن الفريق أول ركن عوض بن عوف رئيساً للمجلس العسكري ردد الثوار شعار (شالوا وداد وجابوا أماني وزي ما سقطت تسقط تاني).
وبرز الشعار وكان الأكثر في مواقع التواصل الاجتماعي عقب تنحي بن عوف (نحن شباب بملا العين في يومين سقطنا اتنين ).
عقب تعيين الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي ردد المعتصمون (ما بنمشي الا الجهاز يتحلا) و(ما بنرجع إلا الجنوب يرجع).

 

مشاعر أحمد
صحيفة السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.