حيدر المكاشفي: الوحدات الجهادية ..جامعات أم ثكنات

أوردت صحيفة نهاية الأسبوع الماضي تلخيصا لبيان أصدرته مجموعة من الطلاب على خلفية قرار فتح الجامعات،رفضوا فيه فتح الجامعات في ظل الظروف الراهنة وجاء رفضهم تحت شعار (لا تعليم في وضع أليم)،ودفعوا بمطالبات عدة من بينها حل وتصفية الوحدات الجهادية وهذا ما يعنينا هنا،والوحدات الجهادية هي وحدات تم انشاؤها في بدايات التسعينيات على أيام اشتعال الحرب الجهادية الاسلامية على الجنوب،وانخرط فيها الطلاب الذين تم تجييشهم وتدريبهم وتفويجهم لساحات الوغى فتركوا الاجتهاد من أجل تحصيل وكسب العلم وتفرغوا للجهاد حتى برزت منهم فئة سميت ب(الدبابين)،ويقال إن الشهيد علي عبدالفتاح هو صاحب براءة اختراع هذا الاسم في أعقاب معركة الميل أربعين،قيل إن علي عبدالفتاح عندما لاحظ فارق التسليح بين الطرفين قال لإخوانه يحثهم على الثبات والاستبسال (إن جاءت الدبابات فقد جاء الدبابون)،ومن يومها سرى هذا الاسم..

ومنذ تاريخ نشوئها في ذلك الوقت الباكر ظلت هذه الوحدات الجهادية قائمة حتى بعد الانفصال،بل وإلى يوم الناس هذا حتى بعد أن انتفى الغرض منها رغم خطئه وخطورته،وأذكر بعد أن تمادت هذه الوحدات الجهادية في نشر السلاح في سوح الجامعات وتخزينه في بعض المقار التابعة لها أبرزها مسجد الجامعة،ومضت تمارس عنفها البربري حتى على الأساتذة دعك من الطلاب الذين تكررت اعتداءاتها على تنظيماتهم السياسية وروابطهم الاجتماعية لدرجة بلغت ازهاق الأرواح،اضطر مع هذا العنف الدموي مدير جامعة الخرطوم الأسبق البروف حياتي رغم ارتباطه التنظيمي لاصدار حزمة من القرارات استهدفت تهيئة بيئة جامعية آمنة ومستقرة كان من أهمها تصفية الوحدات الجهادية بالجامعة ولكن يبدوا أن جماعته جعلوه (يبل قراره هذا ويشرب مويته)،بل أذكر أن مدير الجامعة الأسبق البروف مصطفى ادريس وهو إسلامي ناصح وشهادته غير مجروحة،كان قد وجه نقداً عنيفاً وشجاعاً لهذه الوحدات الجهادية ودبابيها،أوجبته عليه أمانة العلم التي استودعها الله لدى العلماء وائتمنهم عليها،ومن موقعه كمدير لجامعة وليس مديراً لعمليات عسكرية،قال بكل جرأة وأمانة في افادات صحفية،إن الدبابين فشلوا أكاديمياً،ورغم السلام مستمرون.

 

والواقع أنه حين قال ما قال في الدبابين سواء خص منهم اللاحقين أو شمل قوله حتى السابقين انما كان يقرر واقعاً عايشته وتعايشه الجامعات والمعاهد العليا مع هذه الفئة من الطلاب الذين قذفوا بالأقلام بتعليمات تنظيمية وامتشقوا الحسام وارتدوا لامة الحرب وغادروا مواقع الدرس ليخوضوا الواقعات ليقدموا أبلغ مثال على واقعية المثل الذي يقول (ركاب سرجين وقيّع)،فقد وقعوا علمياً وأكاديمياً وهذا هو مركبهم الحقيقي حين ركبوا مركب الحرب التي استنفروا لها فنفروا إليها،وكان طبيعياً وحتمياً أن يفشلوا أكاديمياً،رغم كل التسهيلات والتجاوزات،وكان لا بد أيضاً أن يلاحق الفشل اللاحقين منهم والذين لازالوا يحملون رتبة دباب رغم توقف الحرب وانفصال الجنوب،ومن سخرية القدر وتصاريف الزمان التي ارتدت على الإسلاميين أنهم كانوا يتهكمون على محاولات أحد قادة مايو العسكريين حينما كان يحاول اقتحام أسوار الجامعة بدبابة لقمعهم،فيقولون له ساخرين ما معناه أن دخول الجامعة لا يتم بالدبابة وانما بالبوكسنق،فإذا بهم يدخلون إليها طلابهم لمجرد أنهم دبابون..وها قد آن الأوان لحل وتصفية هذه الوحدات بلا تلكؤ أو ابطاء..

 

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.