زهير السراج: إلى تجمع المهنيين !!

* أتفهم جدا الحماس الشديد للقيادات الشبابية لتجمع المهنيين واندفاعهم لتحقيق تطلعاتنا في دولة مدنية ديمقراطية تتأسس على مبدا المواطنة واحترام التنوع والحقوق والحريات، يكون فيها الجميع سواسية أمام القانون، ويناضلون جنبا الى جنب من اجل إعادة البناء وإزالة آثار الدول العميقة التى دمرت وخربت كل شئ!!

 

* غير أننى، انطلاقا من مسؤوليتى الوطنية والمهنية، لا بد ان أن أقول اليوم قبل الغد فى الهواء الطلق ــ وليس سرا داخل الغرف كما يطالب البعض ــ حتى يسمع ويعرف الجميع، فنحن لا نتحدث عن أسرار أو خلافات شخصية ومواضيع طلاق وزواج، وإنما عن قضايا وطن تهم كل المواطنين!!

* أبدا حديثى بالمؤتمر الصحفى لقوى اعلان الحرية والتغيير، الذى أجاب فيه عضو التجمع المهنى (أمجد فريد) على سؤال عن الوساطة، قائلا بنبرة فيها الكثير من الترفع : (أنحنا ما محتاجين وساطة!!).

 

* مع إحترامى لحق التجمع وقوى الحرية والتغيير في التعبير عن كل آرائها ومواقفها بحرية كاملة ومنها موقفها من الوساطة، إلا أن الطريقة التى أجاب بها (أمجد) على السؤال لم تكن موفقة على الاطلاق، ولم تُراعِ الجهود التى تطوع للقيام بها نفر من أميز أبناء السودان في النضال والعمل العام، على رأسهم أستاذنا الجليل (محجوب محمد صالح) الذى سخر كل سنى عمره التسعين للهم العام (ربنا يطول عمره ويمد في ايامه)، للتوفيق بين المجلس العسكرى وقوى اعلان الحرية والتغيير من اجل الوصول الى حل يرضى كل الأطراف ويحقق تطلعات الشعب، ويضع حدا لحالة الشد والجذب التى ارهقت الجميع، ولا تنذر بخير خاصة مع الأوضاع الصعبة للبلاد ووجود عدد هائل من الفلول والمتربصين الذين لا يريدون لها الإستقرار والإزدهار!!

 

* قد لا يدرى (امجد) لصغر سنه وقلة خبرته، الأثر السالب الذى يمكن أن تحدثه اجابته غير اللبقة التى ظلت تلوكها الفضائيات على مسار الوساطة التى قطعت شوطا طويلا، واثمرت عن مقترحات وجدت الكثير من القبول، كما أنها قد تؤثر على حماس المتفاوضين أنفسهم، وتُحدث شرخا في أنفسهم مع علمى التام أنهم يترفعون عن مثل هذه الصغائر، إلا أن إجابة مثل هذه قد ترغمهم على التوقف، بإعتبار أن قوى الحرية والتغيير التى يتحدث (امجد) باسمها لا تريد وساطتهم، وتطلب منهم أمام الجميع عدم حشر أنوفهم فيما (لا يعنيهم)!!

* أقول لأمجد .. وهذا رأيى وليس رأى الأساتذة الأجلاء الذين لم اسمع منهم ولم ألتقِ بهم لوجودى خارج السودان حاليا، بأن الذين يقومون بهذا الجهد ليسوا عطالة او متسولين او باحثين عن مجد او شهرة أو منصب أو مال حتى يخاطبهم شاب في عمر احفادهم بهذا ىالأسلوب الغريب، فلكل واحد منهم عمله وكسبه وتاريخه الناصع الذى لا يُبارى ولا يُجارى، وليسوا في حاجة لاحد او جهة يتزلفون إليها ويطلبون منها شيئا، إنما دفعهم الى ذلك مسؤوليتهم الوطنية والتاريخية والاخلاقية تجاه الوطن، كبقية الشعب الذى خرج الى الميادين!!

 

* كما اقول له وأوضح للرأى العام، إنه في اللحظة التى كان يقول فيها هذا الكلام، كانت قوى الحرية والتغيير تتفاكر في مكان آخر حول مقترحات الوساطة، ولم تبت فيها بعد، فكيف يخرج على الناس ليتحدث باسم قوى الحرية والتغيير ويُصرّح بترفع وانفة بأنهم (ما محتاجين لوساطة)، ثم يخرج بعده بأقل من ساعة متحدثون بأسماء أحزابهم المنتمية لقوى الحرية والتغيير، شاكرين جهود الوساطة ومعلنين موافقتهم على بعض المقترحات التى تقدمت بها ومنها مقترح المجلسين !!

* يقودنى هذا الى الحديث مجددا عن ضرورة ضبط وتوحيد الخطاب واختيار العناصر التى تصلح لمخاطبة اجهزة الاعلام وتمليكها الحقائق بدقة كبيرة، وتوجيهها بما يجب الحديث او السكوت عنه، خاصة مع الظروف الدقيقة التى تعيشها البلاد وتتطلب الهدوء والحكمة من الجميع، ومن الأفضل إختيار ناطق رسمى واحد لديه الحصافة والخبرة في مواجهة اجهزة الاعلام، بدلا عن الوجوه التى تتغير كل يوم وتقع في الاخطاء الفادحة بسبب الحماس أوقلة الخبرة، وكأن الهدف من المؤتمرات الصحفية هو إشباع الرغبة في (الظهور) وليس تمليك الحقائق للرأى العام!!

 

* كما انه ليس بالضرورة، تفاديا للوقوع في الأخطاء والإكثار من الحديث الذى قد يؤدى للمزيد من التعقيد، عقد مؤتمر صحفى كل يوم إلا إذا لزم الأمر، واللجوء بدلا عنه (عند الحاجة) الى وسائل اخرى تستطيع التعبير عن المواقف والآراء أفضل كثيرا من الحديث، ولقد جربها وخبرها التجمع وقوى الحرية والتغيير ونجحوا بامتياز فى استخدامها وتفجير طاقات الشعب والاطاحة بالرئيس المخلوع !!

* يبقى اخيرا ان نتفادى التشرذم، وأن نتمسك بالشعارات التى رفعناها .. وقدمنا من أجل تحقيقها اغلى التضحيات وآلاف الشهداء على مر السنين والذين لا تزال ارواحهم تحلق فوقنا في انتظار النصر حتى تستقر في عليائها هانئة مطمئنة، ولا يزال شعبنا العظيم رابضا في الميادين يمارس الصبر والصمود تحت اصعب الظروف من أجل أن تتحقق الحرية والعدالة والسلام التى خرج من أجلها، فحذارى أن نخذله ونطيح بآماله بالغرور والعنترية والتشرذم والصراع !!

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.