أحمد يوسف التاي :اعتصام حتى النصر الكبير

حالة من التبرم والضجر بدت على البعض من المتاريس التي تغلق الشوارع والكباري، في وقت بدت فيه هيئة السكة حديد تتحدث عن تكدس (16) ألف طن من البضائع بسبب متاريس الاعتصام، والأضرار الناجمة عن هذا التكدس، فيما تخوف البعض من الغلاء الفاحش في الولايات بسبب ذلك… ونقول لهؤلاء وأولئك أنتم مُحقون في ما ذهبتم إليه ولا إنكار ولا تقليل من حجم الأضرار، ولكن بالمقابل لا بد من نظرة شاملة تضع في الاعتبار المكاسب والغايات الكبرى التي يمكن أن يحققها سلاح الاعتصام الذي يمسك به شباب السودان الجديد في نهار قائظ، وهم أيضاً يُعانون لسعات الشمس الحارقة، وكم هو مخطئ من ظنّ أن في الأمر نزهة أو تسلية أو لهو غير بريء.

وقبل أن أخوض في ما يمكن أن يحققه الاعتصام السلمي من مكاسب وغايات كبرى، لا بد من الإشارة أولاً إلى أمرٍ أراه في غاية الأهمية، وهو أن هؤلاء الشباب المعتصمين على درجة عالية جداً من الوعي السياسي والتجرد ونكران الذات، وقد كان لنا معهم حوار هادئ كشف لنا مستوى الوعي والتجرد الذي يبدو أحياناً مثالياً جداً، كدعوتهم لمرتادي ميدان الاعتصام أن يأخذوا ما يكفيهم من المال الذي يحتاجه المعتصم حتى وصوله منزله … صحيح قد تجد أن من بين الملايين المعتصمين من هو دون ذلك الوصف ولكن الأغلبية هم كذلك، حتى مسألة التفتيش الذي يقومون به والذي أنكره البعض واعتبره من مظاهر الفوضى، إنما هو أمر إيجابي يصب في سلامة المعتصمين، وفي ذلك حرص أكيد على سلمية الثورة التي انتصرت بها (يا جماعة بالعقل كدى في أحسن من أن تحرص على السلمية وسلامة الآخرين) … ومما شاهدته بعيني ويتكرر مشهده عليَّ في كل يوم هو حرص هؤلاء الشباب على سلامة العوائل والأعراض وعدم المساس بها والمحافظة عليها من خلال لافتات صغيرة يحملها شباب منتشرون في الميدان، ومن خلال حرصهم على الفصل بين الجنسين في الممرات الضيقة وفي أماكن توزيع الخدمات، ومن خلال حرصهم على سلامة الجميع داخل ميدان الاعتصام وهم يؤدون هذه المهمة بالاشتراك مع قوات الشعب المسلحة.

 

أعود وأقول للذين ضاقوا ذرعاً بالاعتصام، إن هذا الإجراء هو وسيلة حضارية ديمقراطية أقل ضرراً من وسائل أخرى من وسائل الضغط لتحقيق المطالب الشعبية المتمثلة في سلطة مدنية، وليس هناك سلاح أنجع وأفضل من الاعتصام السلمي، وليس هذا فحسب، بل نحتاج إلى هذا الاعتصام في الضغط على السلطة الانتقالية نفسها لتقديم رموز النظام المخلوع إلى المحاكمات، حتى يعود كل منهوب إلى خزانة الدولة مما قلّ منه أو كثُر، ويجب أن يستمر الاعتصام في مواجهة حكومة الكفاءات المرتقبة حتى تستقيم الأمور على النحو المطلوب، اعتصام حتى القضاء على كل مظاهر الفوضى وأخذ القانون باليد، اعتصام من أجل ترسيخ ثقافة احترام سيادة القانون.. أما القطار فليكن هناك حلٌ آخر غير السكة حديد، وليصبر الناس على هذه المتاريس حتى تستقيم الأمور كما ينبغي… اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

 

الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.