هنادي الصديق: وكيف هي الخيانة العظمى يا برهان؟

ما يحدث من عبث وفوضى بإسم الأحزاب السياسية تحت بصر وسمع المجلس العسكري الانتقالي، لا يعدو أن يكون جزء من مخطط مرسوم ومرتب بدقة من جهات داخلية وخارجية لإجهاض ثورة الشعب، وربما يعلم هؤلاء او لا يعلمون انهم يعملون بقوة لإدخال البلاد في نفق مظلم لم يحسب له أصحاب القضية الحقيقيون أي حساب، وسيكون مدعاة لأصحاب الضمائر الغائبة والمؤسسات المؤدلجة لإدخال ثقافة العنف في الثورة بعد أن إستمرت في سلميتها لأكثر من أربعة اشهر.

 

حراك سلمي إستمر طيلة هذه الفترة دون تسجيل مخالفة واحدة ضد المحتجين أو قوى إعلان الحرية والتغيير، كان ينبغي أن يكون حافزا للمجلس العسكري لتسليم السلطة فورا لاهل الثقة ممن لبى الملايين من أبناء الشعب السوداني دعوتهم للتظاهر ورفض الواقع البائس والتمرد على جميع اشكال الفساد والقهر والجوع والمرض والكبت والأمية، بدلا عن المراوغة واللولوة والشيطنة التي يتعامل بها حاليا، والتي كشف حقيقتها القاصي والداني من جميع مكونات الشعب.
المجلس العسكري برئاسة الفريق البرهان لم يعد مرغوبا فيه من جميع فئات الشعب السوداني إلا من أبى من أصحاب الأجندة والباحثين عن موطئ قدم.

 

حلف الإمارات والسعودية ومصر هو الحاكم الفعلي لدولة السودان عبر العميل البائس (طه عثمان) الذي ظل يعمل في الخفاء لإجهاض الثورة الشعبية التي أدهشت العالم بسلميتها، وهاهو يمثل ذات الدور الذي أجاده من قبل وهو يبيع اسرار الدولة من خلال مكتب ومنزل رئيس الجمهورية المخلوع لدولتي الإمارات والسعودية، وهي الجريمة التي يرفضها اي شيخ او أمير أو رئيس أي دولة من هذه الدول، وهي الجريمة التي (تطيح فيها رقاب) من جاهروا برفضهم للوضع القائم ناهيك عن سرقة اسرار الدولة، ولعلي أتفق مع الأخ كمال الزين وهو يشير إلى أن أجهزة إعلام السعودية والامارات تروج لسلطة مختلطة يشارك فيها عرمان وعقار ومناوي ،جِبْرِيل والمجلس العسكري ومن يرضخ من الكيانات السياسية مع البطل الجديد حميدتي.

 

حيث تعتمد خطته على دوران ماكينة الاعلام السعودي الإماراتي التي تشيطن الديمقراطية المدنية وترهب الشارع السوداني من الفوضى وتصور حميدتي كضامن للأمن و السلم الاجتماعيين.
لذا فنبش الدولة العميقة وإعادتها إلى المشهد بأحزاب الفكة والأحزاب (الاميبية) والشخصيات الهلامية واصحاب الحناجر المأجورة التي شاركت فيما يسمى بالحوار الوطني وحوار الوثبة اضافة للأحزاب التي صاغت نهاية دولة السودان على هذا النحو الذي نشاهده الآن، ما هو إلا تلاعب بالشعب السوداني والتذاكي عليه وعلى العالم، وتظهر المجلس العسكري بالمظهر الجاد والوطني الراغب حقيقة في تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، لا يهم إن كانت بنكهة إماراتية أو طعم سعودي أو رائحة مصرية.

ولكن مالا يدركه المجلس العسكري الذي يسعى لبيع الدم السوداني رخيصا فدا لرضاء الدرهم والريال، أن الثورة السودانية بسلميتها اصبحت مثالا يحتذى ومذهبا سياسيا أدهش كبرى الدول والمؤسسات الدولية، لذا فأي تلاعب أو محاولة لسرقة نضالات شعب قدم الروح رخيصة لأجل الحرية والسلام والعدالة، لن يكون من السهل الصمت عليه أو مباركته مهما كان وزن أو حجم الدول التي تسعى لذلك، وأي إشارات بفوضى مزعومة من قبل إعلام هذه الدول وحتى إعلامنا المأجور، مؤكد لن تجد اذنا صاغية ولا إلتفاتة خاصة من الدول التي ظل سفراؤها وخبراؤها حضورا يوميا في ساحة الإعتصام. مسطرين بأقلامهم سطور ملحمة شعبية تاريخية لم يشهدوا لها مثيلا.

ما يقوم به الجاسوس طه عثمان يدخل في نطاق (الخيانة العظمى)، وحضوره الى السودان بصورة طبيعية ومقابلته للمجلس العسكري وعودته من حيث أتى دون إلقاء القبض عليه أو توجيه أي إتهام له، يعتبر أيضا (خيانة عظمى) يا سعادة الفريق برهان، ما عدا ذلك فليس له سوى تفسير واحد.

 

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.