أجراس فجاج الأرض :كيف نجوت من الموت علي متاريس اعتصام القيادة العامة؟«2-2»

ردود الفعل للروي والحكي الأُول تباينت وأسفرت عن أجواء مفعمة بالترقب والتوجس والتخوف من قادم مجهول، حياتنا محشوة بين قبول واستهجان خبز تغذيته الشارع العام، هذا الشارع الذى ظللت أنهبه دارجا وراكبا نصف قرن من الزمان فى أمن وأمان تتغشانى فيه سِنات ونومات متلفحا بسودانيتنا دولتنا العريقة والعميقة،لن أمل أن الدولة العميقة الثلاثينية إفتراضية الوجود، هشة، بنيانها غير مرصوص، هاهى تتهاوى بينما السودانية هى دولتنا الأعمق والأعرق التى لن تلتهمها نيران أحداث القضارف ولا وقائع دواس غرب أمدرمان المميت وجثثه المتناثرة في فلائها تكاد من فرط وهول الفادحة ميتة تنادى وتصيح هل من موارٍ لسوءتى،

النفخ على هذه الحرائق والطَرق على هذه الأحداث ربطا بدولة افتراضية عميقة يقويها بينما هى على عروشها خاوية،دولتكم العميقة هى ثورتكم واعتصامكم ليس فى ميادين وساحات وباحات القيادة إنما فى كل أركانها وأرجائها الوطن المنفسح رويدا لاستيعاب المتغيرات الجارفة والعارمة، حركات مسلحة قاتلت القوات المسلحة تقف الآن على مقربة من قيادتها ومضاربها ومشارفها بلافتاتها ولفتاتها بأريحية لم تحتاج معها لقطع آلاف الأميال خلسة ولواذا على غرار عملية الذراع الطويل التى نفذتها حركة العدل والمساواة أيام زعامة وقيادة مؤسسها الراحل الدكتور خليل إبراهيم الذى غزا أمدرمان بتلك العملية الجريئة ليس بمستهدف للمواطنين والدليل عدم تعرض قوات العملية المدججة للمواطنين وبعضهم بادلها التحية كرها فى النظام القائم، فالذراع الطويل لم تكن مستهدفة القوات المسلحة إنما نظام الإنقاذ مما يصيرها جزء أصيلا من تراكمية ثورة ديسمبر الحالية وقبلها أسهم عدد من أبناء القوات المسلحة بتحركات أهدافها كانت ذات أهداف عملية الذراع الطويل، تغيير النظام،

كثيرون من رموا في ثورة ديسمبر مع اختلاف الطرائق والمقاصد بسهم صائب أحدث خلخلة هنا وفلفلة هناك و لسبب أو آخر لم يشاركوا جسديا وميدانيا فى ثورة ديسمبر، القوات المسلحة الآن هى قوات شعب السودان بأبنائه المنضوين تحت لواء الحركات المسلحة تمردا على النظام السياسى السودانى التاريخى من لدن الإستقلال، قومية القوات المسلحة ينبغى أن تكون همنا حتى لا تصبح عوزتها غمنا،لسنا فى مأمن وان ناديت بالتفاؤل من الوقوع فى براثن حرب أهلية حطبها ووقودها تفيض به الخزائن والمدائن، علينا تلافيها بالإسراع دون تراخ لا مبررات له بالوصول لاتفاق سياسى قومى يزيل مظاهر الإحتقان وقوى الحراك والإعتصام الجماهيرى أحق بفرض كلمتها مرحليا إختبارا لقدراتها وكفاءتها لمواجهة أصعب التحديات، هذا دون نقصان من هيبة المؤسسة العسكرية بكل منظوماتها المتفق على إستقلاليتها وانحيازها للوطن والمواطن كقوة نظامية مجتمعة يضبط تدخلها في غير اختصاصاتها اضطرارا دستورا عند وقوع المصائب والملمات ولدى إنحراف الحكم المدنى عن مسار التفويض شعبيا، هى بكل بساطة المعادلة التى تنجنا من الأهوال وتقنا من مصائر تظل غامضة ومحل شد وجذب يضيف فى سِفر رويها كل حاك سطرا وبيتا يبيض وجها ويسود ذاك ولنا أحداث أسفار تاريخها ملىء بالغرائب والتناقضات من شهود عيان ومراقبين ومهتمين ومؤرخين أيهم يعوم على عومه إلا من رحم ربي يسبح مع تيار الحقيقة ،حكايتى على مشارف متراس اعتصام القيادة الشرقى نقطة فى بحر محيط الغوامض والأسرار لولا عشت لأحكيها بطلا وحيدا لوقائع رويها وليس من بطولة فيها خيانة تفسيرها الأقرب للقبول والتصديق ولكن حمدا.

تاب يزن
صعدت فى الوقت الميت بين الثانية والثالثة بعربتى ملازمتى لسنوات عشر جسر القوات المسلحة قادما من جهة بحرى ضاربا لجهتى لغرض أصيبه، إصلاح تاب،جهاز ألعاب الأطفال الإلكترونى، إشتريته لصغيرى يزن ليعطبه مرارا وليأمرنى تكرارا باصلاحه ليس معنيا بما يجرى بالبلد ويحيق إلا بمقدار استقرار الأوضاع ليذهب للحديقة أية حديقة، اذ ذات مرة سألنى عن المظاهرات إن توقفت او لا زالت مستمرة مستعرة، رددت عليه بسؤال عن سر اهتمامه فأجابنى بأنه يود أن يذهب للحديقة وقد فهم من تملصنا وتهربنا بأن التظاهرات تحول بينه وهدفه بينما هي بعيدة عن مرماه ولكنها قريبة من حياتنا تعيد تشكيلتها وصياغتها، ليبقى التاب ملاذه الوحيد، وهمى الذى أتابطه يوما بعد آخر لفنى التصليح الذي ربما يقرر مغادرة مقره ولعله كل ما رآنى عن بعد استعاذ من شر يوم بيع التاب ل يزن، وممرى الوحيد المتاح هو جسر القوات المسلحة الذى إعتليته ذاك اليوم منهكا إنهاكا مضاعفا وعمرى قضيته وأفنيته صابيها عاملا فى مهنة غير جر المتاعب الجسمانية، تجر عليك وابلا من العذابات وقبح التصنيفات وأحدهم كرها فيك لله تسوءه رؤياك وتغضبه سيرتك المهنية تسامعا وتقابحا، أحسسنا نحن الصحفيين والإعلاميين بخطورة مهنتنا فى بلد متقلبة الأمزجة والأحوال يسبك فيها ويلعنك من هو ربما بالسب واللعن أحق، عزاؤنا هناك من يقول شكرا ويقوم ناقدا بأدب وفهم، شخصيا احتسب جل عمرى الذى لا أدرى إن كنت أفنيته أو أبقيته صحفيا غير مفوض من أحد ولا منتمٍ إلا لسودان المواطنة بالإنسانية وقيمها الرفيعة، بالله عليك ما قيمة الخرطوم هذه إن أفرغوها من ناسها وفضوا لك إعتصامها لتبقى فيها وحيدا سيدا وحصورا، بالله ما فائدتها وطعمها وهى خاوية من هاتيك العجائب المترامية من جهة الإعتصام تيها وجلالا لفت كل آنظار الدنيا إحتراما وتقديرا، حكايتى لم تكن دافعى الأول بل ما استلهمته منها من معان ودروس ومظان، فكم من حادثة كالتي نجوت منها وآخرون، أصبحت سيرةَ بطلِها نهبا بين السابلة والسيارة بينما الحقيقة منتهى البساطة ووجهتي ورشة صغيرة لصيانة تاب الصغير إكراما مأمورا بينما أمهات الكبائر والمخاطر تحيطنا ويزن فى عالمه الذى يستحق رغم الظروف الإهتمام، من يعرفونى يعلمون بأننى فى حالة سنة ونوم وان كنت قائدا تاتشر مدججة أو دبابة ومدرعة دعك من عربة سهلة هوينة القياد، ورب العزة كل ما أذكره فى رحلتى صعودى حتى استويت أعلى منصة الجسر والحياة من حوله وهوله ضاجة بالحركة والإعتصام، مسارى قبل إعتلاء المنصة محدد بجبروت وقوة وهيبة الإعتصام، قبل إنتهاء الجسر الإنحراف يمينا للمرور من تحت الجسر تفاديا لساحات الإعتصام المقدسة بمطالب المعتصمين المشروعة التى نشاركهم فيها نحن كل السودانيين وان لم نكن من الأبطال صناع الحدث يا هذا اليافع وذاك الباتع، بالعقل الباطن هبة الله للإنسان، العقل الذى يظل يقظا وانت نائما بترتيب إلهى بديع، بهذا العقل ظللت مستيقظا بينما غططت فى نومة عميقة جراء سهر سنين الجرايد وآخرتها ذميمة ودميمة، لا أدرى والله كيف قطعت تلك المسافة من أعلى منصة الجسر نائما تماما ثم ما يحيرنى الآن كيف انعطفت يمينا بكل شياكة وأناقة القيادة حتى بلغت متراس الإعتصام الشرقى وهو الأهم لمن أراد حمايته أو فضه، وفى ذاك اليوم جرت محاولة كما تردد لعملية فض مجهولة، بالله عليكم كم رواية كانت ستكتب لو لم يوقظنى ربى جل وعلا من نومتى وانا وراحلتى قيد استدارة الإطار الآخر المنهك المتعب من المتراس الشرقى، لولا يقظته رحمة ولطفا لكنت دهست اولئك الشباب الشجعان المرتكزين حماية جميلة للرفاق الكرام ولتعامل معى أفراد القوة النظامية المرتكزة هنا وهناك بالذخيرة الحية ليردوا هذا الخطير الذى دهس عنوة حماة الإعتصام بينما كنت نائما سابحا فى ملكوت الله مرفوعا عنى القلم، ولو حدث لتبار الرواة من حضر ومن لم يحضر خاصة ولِما كانت رواية واحدة رويتها، مظهرها يوحى بما يوحى وجوهرها سعى لإصلاح تاب يزن.. وختامها التعامل الراقى مع شباب الإرتكاز وأحدهم تقدم نحوى محتارا فى هذا المتوقف الغريب، بددتُ حيرته بأننى بلغتهم غير قاصد نائما فأعجب وسأل حتى وجدت نفسك هنا، ثم أردف عن وجهتى فأخبرته وطالبني بالإستدارة خلفا ومضيت متصورا أبشع سيناريو كنت سأخلفه من بعدى محيرا لمن يعرفني عن قرب ومن هم عن بعد سيرموني بما يرمون ربطا بين حياتى ومسيرتى ولكنه لطف الله.

دارجا وراكبا

اخبار ليوم

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.