صلاح حبيب : من الذي يتحكم في الدولار؟!

شهدت أسواق العُملة الأجنبية الأيام الماضية هدوءاً في الأسعار، وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه السوداني إذ بلغ السعر في السوق الأسود أو الموازي خمسة وأربعين جنيهاً وظل السعر ثابتاً عدا بعض الحالات التي يرتفع فيها بزيادة جنيه أو جنيهين، الآن وبعد مضي شهراً تقريباً على الثورة بدأ الدولار يرتفع مرة أخرى وتجاوز الستين جنيهاً، لا أحد حتى الآن يعلم بالأسباب التي يرتفع فيها الدولار وينخفض، فقبل الثورة كانت الأسباب معلومة ومعروفة للكافة خاصة بعد رفع سعر الدولار الجمركي من ستة جنيهات إلى ثمانية عشر جنيهاً فميزانية 2018 كانت الكارثة التي هوت بالاقتصاد السوداني، وأدت إلى الزيادات في كل شيء مما أثر على نظام الحُكم ومن ثم الإطاحة به، فالزيادة أو النقصان في أسعار العُملات الأجنبية لا أحد يعرف من المتحكم في تلك الأسعار ومن الذي يعطي الأسعار اليومية لها وأين هذا الشخص أو الأشخاص بالداخل أو الخارج؟ حينما بدأ الدولار في الانخفاض الأيام الماضية كان السبب الوديعة التي خصصتها المملكة العربية السعودية والإمارات إلى خزينة الدولة، فربما هذا الخبر أخاف تجار العُملة بل بالفعل بدأ عدد من التجار التخلص من كميات الأموال التي بحوزتهم خشية الخسارة إذا فعلاً دخلت الوديعة إلى بنك السودان، بالإضافة إلى مبلغ الثلاثة مليارات دولار التي منحتها أيضاً السعودية والإمارات في شكل معينات ممثلة في الوقود والقمح والدواء..

 

 

وهذه المواد كانت تكلف الدولة عُملات طائلة في عملية الشراء للدولار من السوق الموازي، ولكن عدم دخول تلك العُملات إلى البنك أعاد تجار السوق نشاطهم من جديد إلى حين إيفاء السعودية والإمارات بوعدهم بالمبالغ التي خصصوها للسودان، فالعُملة الأجنبية تتحكم فيها جهات غير معلومة لا للشعب ولا للدولة ولكن كل صباح نستيقظ فيه نجد رقماً جديداً للدولار، من الذي حدده ومن أي مكان هذا الشخص حدد السعر؟ لا أحد يعلم، ولكن نتفاجأ بأن سعر الدولار اليوم ستين جنيهاً أو خمسين دون أن تكون هناك أي مسببات أو دواعي للارتفاع أو الانخفاض، فالحكومة المدنية لم تشكل حتى الآن والمجلس العسكري لم يستطع أن يصدر قرارات تحد من الارتفاع الحالي سواء في العُملة أو أسعار السلع الاستهلاكية التي أيضاً لا ضابط ولا رابط لها فكل تاجر ظل يتحكم في الأسعار، فالدولة غائبة عن المشهد تماماً لذلك الأسواق منفلتة والمواطن مغلوب على أمره، أما أن يشتري وأما ألا يأكل، فالمعادلة صعبة.

 

لذا لابد أن يكون هناك اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحُرية والتغيير على كل طرف يتفرغ إلى عمله وتعود الحياة إلى طبيعتها لننعم بالأمن والاستقرار وإلا فإننا سنشهد ظروفاً قاسية في المرحلة القادمة إذا ظل كل طرف في موقفه، فالدولار الذي تراجع الأيام الماضية ووصل إلى خمسة وأربعين جنيهاً إذا لم يتم حسم الأمور بين المجلس وقوى التغيير في الأسابيع القادمة فإن سعر الدولار سيعاود الصعود إلى الرقم الذي سبق أن وصله قبل أن تسقط الإنقاذ وإذا وصل إلى هذا الرقم نكون لم نفعل شيئاً وكأنما الإنقاذ باقية في مكانها.. بل ما هي فائدة التغيير الذي ضحى من أجله هؤلاء الشباب إذا لم نستطع أن نعمل على خفض العُملات الأجنبية ونحقق العيش الكريم للشعب.

المجهر السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.