دمار قطاع النقل والمواصلات بالخرطوم..هؤلاء في قفص الاتهام!!

في عهد الإنقاذ البائد؛ وُلِّيَتْ الأمور لغير أهلها، في كل شيء فكان الدمار هو النتيجة الحتمية لكل شيء، ومن ذلك قطاع النقل – تحديداً المواصلات – والتي كانت تشرف عليها منذ خمسينيات القرن الماضي غُرفة النقل، لكن الإنقاذ وفي سبيل السيطرة على مفاصل البلاد سلَّمت زمام هذا القطاع الحيوي إلى الهيئة النقابية بغرض حشد (الهتيفة) لتضخيم الاحتفالات (الوهمية)، هذه الهيئة النقابية وبحسم عارفون ببواطن الأمور عاثت فساداً في (المواقف!!) وجمعت آلاف المليارات من أصحاب الحافلات بلا سند قانوني، بل تحدَّت قرارات رئاسية صدرت بمنع التحصيل غير القانوني!! لتكون النتيجة النهائية دمار شامل لحق بهذا القطاع وجعل المواطنين يقطعون الكباري الرابطة بين المدن؛ سيراً على الأقدام لعدم وجود المواصلات بجميع المواقف.

 

مبالغ هائلة بلا سند قانوني!!
يقول نائب رئيس غرفة النقل العام بولاية الخرطوم عبد الله عبد الفتاح لـ(السوداني)، إن الهيئة النقابية التي فرضتها حكومة الإنقاذ، ظلت تتحصل من أصحاب المركبات العامة – غصباً عنهم – مبالغ مالية ضخمة تصل حسب التقديرات الصادرة بواسطة المراجع القانوني لمبلغ (5) مليارات و(148) مليون جنيه (بالقديم)، وذلك عبر (15) موقفاً رئيسياً بالعاصمة، وأضاف أن العدد الكُلي للمواقف (الكبيرة والفرعية) بالولاية يصل إلى (700) موقفاً، مُشيراً إلى أن التقديرات المتوسطة لجُملة المبالغ المتحصل عليها من هذه المواقف تترواح بين (25-30) مليار جنيه شهرياً. وأكد نائب رئيس غرفة النقل عبد الله عبد الفتاح أن كل هذه المبالغ الهائلة يتم تحصيلها بدون الأورنيك المالي (15)، ما يجعلها مُخالفة لقرارات اللجنة الرئاسية التي أنشأها النظام البائد وسمَّى لها لجنة عُرفت بـ(لجنة منع التحصيل غير القانوني) وآلت رئاستها إلى مولانا بابكر قشي.

عدد كبير جداً من أصحاب الحافلات تحدثوا لـ(السوداني) مؤكدين أن مولانا بابكر قشي قد ساندهم تماماً ووقف مع الحق، حيث أصدر ثلاثة قرارات واضحة وضوح الشمس تمنع منعاً باتاً تحصيل هذه الرسوم التي تفرضها الهيئة النقابية من أصحاب الحافلات العاملة في الخطوط، لكن (قوة عين) هذه الهيئة جعلتها تضرب بتلكم القرارات عرض الحائط، فواصلت تحصيلها وجمعت مئات المليارات بدون أورنيك (15) وهو السند القانوني الوحيد المعترف به.

 

هؤلاء في قفص الاتهام
من ناحيته قال عضو غرفة النقل العام علي بابكر لـ(السوداني): إن عشرة أشخاص من الموالين للنظام البائد تمكَّنوا من تدمير قطاع المواصلات من خلال (تسلُّلهم) عبر نافذة الهيئة النقابية، ولكَ أن تتخيَّل 10 أشخاص فقط يدمَّرون قطاعاً حيوياً يخدم 70% من مواطني الولاية. ويؤكد نائب رئيس غرفة النقل عبد الله عبد الفتاح، وعضو الغرفة علي بابكر بقولهما: يقف على رأس هؤلاء العشرة نائب رئيس اتحاد العمال (السابق) أحمد العيدروس، ونائب رئيس الوحدة النقابية بمحلية جبل أولياء فيصل عبد الجبار، وآخرون انتقلوا للدار الآخرة.

وزارة البنى التحتية والمواصلات.. تخالف!!
لجنة منع التحصيل غير القانوني (التابعة لرئاسة الجمهورية)، لم تتوانَ في (تدشين) عملها بقرارات واضحة منعت بموجبها هذه الرسوم التي تفرضها الهيئة النقابية، فبتاريخ 14/11/2013م أصدرت اللجنة قراراً ممهوراً بتوقيع رئيسها مولانا بابكر أحمد علي قشي، جاء فيه أنه واستناداً على قرار مجلس الوزراء رقم (38) لسنة 2012م الخاص بتشكيل لجنة لدراسة وإلغاء الرسوم غير القانونية، قررت اللجنة بأن لا يتم تحصيل أي رسوم إلا عبر الأورنيك المالي رقم (15).
لكن الهيئة النقابية لم ترضَ بالقرار رغم صدوره من لجنة كوَّنتها رئاسة الجمهورية، وتعطيل هذا القرار (هرولت) للوزير (الأسبق) للبنى التحتية والمواصلات بولاية الخرطوم المهندس أحمد قاسم والذي أصدر قراراً لصالح الهيئة النقابية وأمر بمواصلة تحصيل هذه الرسوم بحجة أنها رسوم غير حكومية وليس لها تأثير على تعرفة المواصلات، ولا يتم تحصيلها بواسطة أورنيك مالي (15).

 

المجلس التشريعي يمنعها فوراً
تحت إصرار وزارة البنى التحتية والمواصلات بقيادة الوزير – وقتذاك – أحمد قاسم، على فرض رسوم على أصحاب المركبات العامة داخل مواقف المواصلات، ذهبت غرفة النقل العام بولاية الخرطوم (الممثل الشرعي لأصحاب الحافلات)، بتقديم شكوى إلى المجلس التشريعي ضد إدارة النقل والمواصلات بوزارة البنى التحتية والتي ظلت تجبي أموالا يومية من المركبات بواسطة الهيئة النقابية لولاية الخرطوم.. حيث أكد المجلس التشريعي أن هذه الأموال ليست لها سند شرعي في التحصيل ما يجعلها مخالفة لقرار اللجنة الرئاسية لمنع التحصيل غير القانوني.
وعليه قرر المجلس التشريعي أنه: لا يجوز فرض أي رسوم على المركبة إلا تلك التي أجازها القانون (17) لسنة 2001م.. وشدَّد المجلس التشريعي أن الأموال التى تمت جبايتها موضع الشكوى لا تدخل ضمن الرسوم المقررة قانوناً، ولذا وجب الالتزام الفوري بمنع تحصيلها.

 

كان يا ما كان!!
العم/ تاج الدين العوض قال لـ(السوداني): لقد عملتُ في معظم خطوط المواصلات عبر حافلة أملكها منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، مضيفاً أنه ومنذ قيام غرفة النقل في 1976م كانت تقوم بكل واجباتها تجاه أصحاب المركبات بتوفير الإسبيرات وكل المدخلات الخاصة بالنقل ولذا كان هذا القطاع جاذباً ما أدى إلى انضمام أعداد هائلة من أصحاب المركبات العامة له فكانت النتيجة توفُّر المواصلات بكل الخطوط طوال ساعات اليوم، مشيراً إلى أن الحال استمر بتلك الوتيرة حتى 1996م حيث وصل عدد المركبات إلى (48) ألف مركبة، لكن بعد ذلك (جاطت) الأمور واختلط الحابل بالنابل حتى وصلنا إلى هذا الحال المُزري في المواصلات.

ومازال التحصيل مستمراً!!
نائب رئيس غرفة النقل العام بالولاية عبد الله عبد الفتاح عاد ليؤكد لـ(السوداني) أن نافذين بالهيئة النقابية حولوا الأموال التي كان ينبغي أن تذهب لدعم الغرفة على أن يعود نفعها لأصحاب الحافلات أنفسهم؛ حوَّلوها لمصالحهم الشخصية بإنشاء الشركات الخاصة بهم، وهذا ما جعل غرفة النقل تلاحقهم بالدعاوى القضائية التي وصلت حتى المحكمة الدستورية حيث صدر الحكم لصالح أصحاب المركبات الذين تمثلهم غرفة النقل، لكن مافيا الهيئة النقابية تغلَّبت على كل من يقف ضدها بدءاً بالغرفة ومروراً بلجنة التحصيل غير القانوني وكذلك المجلس التشريعي وختماً بالقضاء نفسه، حيث مازالت تواصل في تحصيل هذه الرسوم عنوةً واقتداراً، حيث استخدمت أساليب و(حِيَلاً) ماكرة منها ابتداع مسميات جديدة مثل دعم صندوق التكافل وصناديق خيرية الغرض منها الالتفاف حول قرار منع التحصيل غير القانوني والذي استمر سنين عددا.

 

إرهاب وبلطجة!!
ويؤكد عبد الله عبد الفتاح لـ(السوداني) أنه وبعد صدور كل القرارت الخاصة بمنع هذه الرسوم غير القانونية ظل المتحصِّلون التابعون للهيئة النقابية يرهبون أصحاب المركبات بالدفع الإجباري وذلك لفتح بلاغات كيدية ضد أكثر من (20) شخصاً، كما أنهم يعملون على إرهاب أصحاب المركبات باستجلاب الشرطة الشعبية واستخدام بلطجية يقومون بطرد أصحاب الحافلات وإرهابهم، وأضاف بقوله: لقد قاموا بتحطيم زجاج حافلتي وضربوني بلا رحمة لأنني رفضت أن أدفع لهم ولو مليماً واحداً.
وقال نائب رئيس غرفة النقل إنهم قاموا بفتح بلاغ ضد الهيئة النقابية بقيمة (10) مليار و(700) ألف جنيه، وصدر أمر بقبض ضد كل المتهمين تحت المواد (102)، (180) و(178)، مُطالباً بتحريك أوامر القبض الصادرة ضدهم بموجب هذه البلاغ، وأشار إلى أنهم سبق وأن حرَّكوا ضد هؤلاء المتهمين عشرات البلاغات الجنائية لكن الحماية التي كان يوفِّرها لهم النظام البائد حالت دون أن يطالهم القانون.

 

ياسر الكردي

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.