حيدر المكاشفي : حميدتي والأرزقية

لا نقول إن حميدتي نفسه أرزقي ولكننا نقول بكل ثقة إنه واقع هذه الأيام تحت قبضة وتأثير الأرزقية سواء كانوا من أرزقية المؤتمر الوطني المقلوع، أو الآخرين الذين احترفوا بحرفنة مهمة ممالأة السلطات والتودد والتقرب للسلطان حتى صارت لهم حرفة، ولن نبرئ قائد الدعم السريع من مسؤولية استنهاض همم هؤلاء الانتهازيين المتسلقين الذين جعلتهم الثورة يتوارون وينزوون، ليعيد إليهم حميدتي الحياة فيتكاثر نشاطهم وتتعدد احتشاداتهم المصنوعة لتمجيده وتعظيمه.

ويجدر بنا تنبيهه لخطورة ما أقدم عليه بإحياء موات هذه الفئات الخطيرة من المصلحجية ومقاولي الأنفار ومتعهدي صناعة الحشود مدفوعة القيمة، فلو أنهم كانوا وما زالوا يحتشدون بمبادرة منهم وبموافقته هو الشخصية فتلك مصيبة، أما إن كانوا يحتشدون بتدبيره وتخطيطه وتمويله فالمصيبة أعظم، وربما لوجود حميدتي في أغلب الأحوال والأوقات في الخلاء متجولا بين الفيافي والصياصي والصحاري والقفار، لم يكن على دراية تامة بما حاق بحزب المؤتمر الوطني بسبب هؤلاء الأرزقية الذين تفنن وأبدع في صناعتهم، فانطبق على حاله معهم مؤدى المثل العربي الذي يقول (يداكا أوكتا وفوك نفخ)، وعلاوة على بعده الجغرافي عن المركز فحميدتي أيضا لا خبرة ولا معرفة له تذكر بأساليب وأفانين وتكتيكات العمل السياسي، ولهذا نعيد عليه شيئا من معاناة حزب المؤتمر الوطني مع هذه الكائنات السلعلعية عله يعتبر، خاصة وأن آخر أنباء سماسرة السياسة وباعتها الجائلين هؤلاء تفيد بأنهم قد تعاركوا وتراكلوا على مبلغ ثلاثة مليارات جنيه دفعت لهم لتنظيم حشد لحميدتي مماثل للحشود إياها بحسب ما أوردت صحيفتنا هذه أمس.

لقد عانى الحزب المقلوع مر المعاناة من هذه الفئات التي صنعها بنفسه لتمكينه ولكنها بدلا من ذلك مكنت نفسها وتمددت في الحزب على حساب أصلائه وأهله الحقيقيين، الأمر الذي دفع طيفا من قيادات هذا الحزب الأصيلة لرفع عقيرتها عاليا بالشكوى من العناصر الانتهازية المتسلقة التي دخلت الحزب متسلقة حوائطه ثم لم تلبث إلا قليلا حتى احتلت دواخله، وكون أن حزب المؤتمر الوطني كان يضم في عضويته طيفاً من الانتهازيين ولفيفاً من الأرزقية فذلك ما لم يكن يحتاج إلى دليل أو برهان أو اعتراف، ولا عجب، فتلك من طبيعة الأحزاب السلطوية الشمولية أينما وجدت، شديدة الارتباط بالسلطة.

وحزب بهذا الوصف والوضع من الطبيعي أن يستقطب إلى أحضانه كل الطامعين والانتهازيين والأرزقية والمطبلاتية، إضافة إلى من يمكن تسميتهم (جماعة كل حكومة)، وهكذا دائما هم الانتهازيون والوصوليون، ليسوا أصحاب مبادئ راسخة ولا ثوابت دائمة، بل مصالح دائمة، وقد نال حزب المؤتمر الوطني من هذه الأنواع الكثير، وللأسف ظهر منهم الآن في احتشادات حميدتي المصنوعة كثيرون ممن نعرفهم على المستوى الشخصي بالاسم والصفة، فهؤلاء دائماً ما يلتزمون صف أية حكومة ويمالئون الأقوى صاحب السلطة والسطوة والمال، فهل سيمضي حميدتي في هذا المسار السلطوي الشمولي الفهلوي الاستكرادي أم أنه سيعتبر..

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.