زهير السراج : اليوم يومك يا وطن!!

* في أول مخاطبة جماهيرية له بإحدى المناطق الطرفية بأم درمان عصر أمس، يبدو من الجماهير القليلة التي حضرتها أنها أُعدت على عجل استباقا لمسيرة اليوم الجماهيرية تخليدا لذكرى الشهداء وإدانة ممارسات المجلس العسكري القمعية ومرواغته في نقل السلطة إلى المدنيين، تحدث (البرهان) بحماس كبير باذلا الأماني العذبة والوعود البراقة بإدخال الكهرباء وتشييد المدارس وتمليك السلطة للشباب.. إلخ.

 

* نفس النغمة التي كان الرئيس المخلوع يعزفها في مخاطباته الجماهيرية ثم ينتهي كل شيء بانتهاء مراسم الدفن. حتى عصا المخلوع كان (البرهان) يحمل مثلها ويلوح بها أمام الجماهير. الفرق الوحيد هو اختفاء فاصل الرقص الذي ربما لم يحن موعده بعد. وربما يحل قريبا، خاصة أن (البرهان) كان يخاطب الجمع وكأنه رئيس جمهورية. (بصراحة خايلة عليو، بس محتاج شوية تمارين صوت). الهدف من هذه المخاطبة كان في غاية الوضوح، وهو محاولة استمالة الجماهير حتى لا تشارك في مواكب اليوم.

 

* أجمل ما في المشهد هو عضو المجلس العسكري (الفريق أول) الذي كان يقف وراء (البرهان)، ويلقنه عبارات تحمل بعض الوعود فيرددها وراءه (البرهان)، إلى أن قال له في إحدى المرات: “أندية المشاهدة، أندية المشاهدة” باعتبار أن المخاطبين من مواطني المناطق الطرفية الفقراء الذين يفتقد معظمهم لأجهزة الاستقبال الفضائي ويحتاجون لأندية المشاهدة الجماعية، فيعدهم بتوفيرها الرئيس القادم، ولكن لم يعره (البرهان) اهتماما ، فأصر العضو الموقر على الطلب وكرره مرة أخرى، ومرة ثانية تجاهله (البرهان) وأنقذنا من الحرج أمام العالم كوننا بهذا الفقر وما زلنا في حالة صراع على السلطة منذ شهرين.

 

* حميدتي لم يترك الفرصة تفوت بدون أن يخاطب الجماهير، وكما فعل البرهان فقد اختار منطقة (مايو) الطرفية بالخرطوم ، وكرر نفس الحديث وبذلَ نفس الوعود لدرجة أنني خلت أنني أسمع (البرهان) بنغمة (حميدتي).. والله لم أكن أعتقد أن المسيرة مخيفة إلى هذا الحد وأن السلطة حلوة كده.. سلطة تجعل المجلس العسكري يهضرب كل هذه الهضربة جديرة بأن يتمسك بها المجلس العسكري إلى آخر رمق. والله لو كنت محل قوى الحرية والتغيير لألغيت المسيرة، وتنازلت عن كامل السلطة للمجلس العسكري يفعل بها ما يريد!!

 

* الخوف من المسيرة لم يقتصر على الهضربة وإطلاق الوعود البراقة فقط، بل امتلأت الشوارع والميادين وكل شبر في ولاية الخرطوم بالقوات المدججة بكل أنواع السلاح والعربات المصفحة والتاتشرات والبكاسي، وحتى عربات التايوتا الخردة أخرجوها من الحيشان وأعادوها إلى الخدمة. وكل هذا كوم والأسلحة كوم تانى.. دوشكات وصواريخ و(آر. بي. جي) ومدافع أوتوماتيكية وأسلحة هجومية، وصفافير وإنذارات وقيامة رابطة وما خفي أعظم.

* عندما تراهم تعتقد أنهم ذاهبون لتحرير فلسطين، دعك من حلايب وشلاتين والفشقة، رغم أنهم يعرفون أن المسيرة مدنية سلمية، وأن الثوار الذين يزعمون أنهم انحازوا إليهم سلميون، ليس لهم سلاح غير (الكرعين) التي يسيرون عليها واللسان الذي يهتفون به، فلمن كل هذه الأسلحة والمدافع والعربات المصفحة والقوات المدحجة؟!. تذكرت شيئا، سمعت حميدتي يقول: “طقَعوني بالحجار”، ولا أعرف من هم الذين طقعوه بالحجار ومتى وأين، ولكن لو فرضنا أنهم طقعوه بالحجار فهل يكون الرد بالدوشكات؟ يا دوب فهمت لماذا قتلوا المعتصمين بالرصاص، باين خافوا يطقعوهم بالحجار، فقتلوهم قبل أن تتحول النية إلى فعل، امتثالا للقول المعروف (النية زاملة سيدا) !!

 

* ثم إنهم ظلوا يحذرون من المندسين والمخربين، وكأنهم يبيتون النية على فعل شيء، ويخططون لفعل شيء. وأمس بدأوا مرحلة جديدة من القمع، حيث قاموا بفض المؤتمر الصحفي لقوى الحرية والتغيير، ويبدو أنهم اشتاقوا للفض.. ولا يدري أحد ماذا سيحدث غدا. ثم يقولون لك نحن لسنا طلاب سلطة.

* طلاب سلطة ولا ما طلاب سلطة، الثورة ستنتصر ودم الشهداء لن يضيع هدرا.. واليوم يومك يا وطن!!

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.