الطيب مصطفى : السودان وحافة الهاوية!

ارجو قرائي الكرام ان تتأملوا العبارة المزمجرة المرعدة المبرقة التي ادلى بها مساعد وزير الخارجية الامريكية تيبور ناجي حيث قال ? إن السودان الآن يقف على حافة الهاوية) .. كلمات ينبغي ان تهزنا هزاً وتؤزنا ازاً، ذلك ان الرجل يعني ما يقول مما استقاه من اجهزته ومصادر معلوماته الاستخبارية.. يقف على حافة الهاوية بمعنى انه يوشك ان ينزلق الى درك سحيق ربما يفوق ذلك الذي انزلقت اليه ليبيا وسوريا والصومال واليمن.

> لا اشك ان الرجل استصحب معه، وهو يصدر حكمه على الوضع الامني والسياسي المأزوم في السودان، اقول استصحب هشاشة البنية الاجتماعية الداخلية الموبوءة بالحروب والتمردات وبالخلايا (النائمة) التي بدأت تصحو وتتأهب للانقضاض، وبالسلاح المنتشر في كل مكان، وبالقطع لم ينس الرجل ما يمور به الجوار الافريقي والاقليمي الملتهب والمتداخل مع السودان والحامل معه ألغامه ومتفجراته واطماعه واجنداته الخطيرة، فهل ترانا نحن قادة العمل السياسي متفاعلين مع واقعنا المأزوم والمتفجر بالقدر الذي تستحقه بلاد الآباء والأجداد بعيداً عن الانانية وهوى الانفس الشح التي تسيطر علينا وتوشك ان تحيل بلادنا الى خراب ودمار وموت زؤام؟

> اكثر ما لفت نظري في مقال المسؤول الامريكي الذي زار بلادنا خلال الاسابيع الاخيرة والتقى الاطراف السياسية المتنازعة، انه كان محايداً اكثر من الوسيط الاثيوبي الحاشر انفه في ما لا يعنيه، والذي ارتكب خطيئة كبرى بانحيازه الى احد الطرفين، بل تجاوز حدوده حين فرض رؤيته على القرار الوطني وعلى سيادة البلاد، في حين قال المسؤول الامريكي إن السودان يحتاج الى انشاء حكومة انتقالية بقيادة مدنية (مقبولة من الشعب السوداني) اي مقبولة من جميع اطياف الازمة السودانية وليس من فصيل او مجموعة واحدة، كما ارادت المبادرة الاثيوبية المنحازة لقوى الحرية والتغيير والمدعومة من الاتحاد الافريقي الخاضع لدولة المقر والمتبني لتلك المبادرة المشؤومة!

> ليت فرقاء الأزمة السودانية يتخلون عن تطرفهم الذي يهدد باندلاع حريق كبير يقضي على الاخضر واليابس، وليت قوى التغيير تعلم ان خضوعها لأجندة الحزب الشيوعي بتاريخه المجلل بالدماء والدموع وبمنهجيته العدمية التي لا تعرف غير الصراع والاحقاد والتطرف حتى لو ادى الى انزلاق البلاد في اتون حرب اهلية لا تبقي ولا تذر، ليتها تعلم ان خضوعها لتلك الاجندة الخطيرة سيدفع الجميع ثمنه الفادح، ويومها سيعضون اصابع الندم على تفريطهم في حق بلادهم وشعبهم وانسياقهم وراء شهواتهم واطماعهم الصغيرة، فبلادنا تقف على حافة الهاوية كما قال ذلك الامريكي الذي جاء من اقصى بلاد الدنيا محذراً ومنذراً، فهلا اتقينا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منا خاصة؟
> اكثر ما احزنني ان قوى التغيير اغراها النجاح النسبي الذي حققته في مسيرتها (المليونية) الاخيرة فقررت، بدفع من الشيوعيين، التصعيد مرة اخرى، واعلنت انها ستلجأ الى سلاح العصيان الذي فشل في المرة الماضية، وبالتالي فإنهم يصرون على توتير الاجواء عوضاً عن تهدئتها، لا لسبب الا ليحصلوا على ما يريدون من سلطة مطلقة يعلمون انهم ليسوا مؤهلين لها ولا مستحقين، لكنه النزق والطمع الذي لا يتحسبون لعواقبه المهلكة.

> بقدر ما سعدت باللقاء الذي انعقد بمبادرة من بعض الخيرين في بيت النفيدي والذي استبشرنا به وتفاءلنا ان يحقق توافقاً بين اطراف الازمة خاصة قوى الحرية والتغيير وتنسيقية القوى الوطنية والمجلس العسكري، شعرت بالحزن ان قوى التغيير مستمرة في تطرفها وتصعيدها وخضوعها لأجندة الحزب الشيوعي.
> ليتهم يعلمون أن التصعيد ليس صعباً على القوى الأخرى التي يعلمون قدرتها على التحشيد والتعبئة، فالساحة ليست خالية لهم وحدهم، ولكن متى كان الشيطان يخلد الى التهدئة أو يتخلى عن إشعال الحرائق؟!

كوش نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.