زهير السراج: العجلة من الشيطان !!

* تناول زميلنا الأستاذ (محمد وداعة) في عموده المقروء (ما وراء الخبر) أمس موضوعا، أو في الحقيقة ( موضوعات) في غاية الأهمية يجب الانتباه إليها ومنحها القدر الوافي من الاهتمام قبل توقيع الاتفاق النهائي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اختصاصات ومهام المجلس السيادي ..إلخ.

 

* وأُضيف إليها: كيفية أخذ الرأي داخل المجلس، وطريقة وشروط اختيار الاعضاء وكيفية انتهاء عضويتهم، وطريقة معالجة الخلافات ..إلخ، خاصة ان المجلس السيادي سيواجه وضعا معقدا لا توجد فيه أي تجارب سابقة سواء وطنية أو دولية يستطيع الاهتداء بها، وهو أنه يتكون من عسكريين يمثلون مؤسساتهم العسكرية، ومدنيين يمثلون أنفسهم فقط وهو وضع لا يدرى احد حتى الآن كيف يمكن التعامل معه. على سبيل المثال: هل يستطيع العضو العسكري في المجلس السيادي أن يمارس حرية اخذ القرار داخل المجلس بمفرده، أم يجب عليه العودة الى مؤسسته قبل أن يدلى برأيه، وماذا سيكون الحل في هذه الحالة؟!

 

* كل تلك وغيرها، موضوعات في غاية الأهمية لا تقل بأي حال من الأحوال عن صيغة الاتفاق الرئيسي للحكم، يجب أن يفُرد لها ملاحق أو صفحات ملحقة بالاتفاق يوقع عليها الطرفان والشهود، توضح بالتفصيل كل ما يتعلق بها وطريقة تعديلها هي نفسها إذا لزم الأمر، وذلك لضمان تسيير الفترة الانتقالية بأقل قدر من الخلافات وعدم اضاعة الوقت والجهد في البحث عن الحلول، خاصة مع كبر حجم المشاكل والأزمات التي تحتاج الى وقت وجهد كبيرين وتضافر كل الجهود لحلها، بدلا من الغرق في الخلاف حول التدابير الاجرائية، أو اتخاذها ذريعة لوضع العراقيل امام قرارات أو مقترحات لا يوافق عليها البعض.

 

* لنأخذ مثالين: الأول هو سلطة التشريع التي اتُفق على ان تكون بيد المجلس السيادي ومجلس الوزراء مجتمعين خلال فترة غياب المجلس التشريعي. هنا لا بد ان يتضمن الاتفاق النهائي كل التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع، مثل طريقة تقديم المشروع والجهة المخولة بذلك وكيفية أخذ الرأي وإجازة المشروع واعتماده، وهل تتطلب إجازة المشروع وجود طرفي المجلس السيادي (العسكري والمدني) في الاجتماع المخصص لإجازته، ام يكفى أن يكون الاجتماع قانونيا فقط بأي نوع من الحضور، وما هو العدد الذى يحدد قانونية الاجتماع ..إلخ بما في ذلك التفاصيل الصغيرة التي قد يراها او يظنها البعض مضيعة للوقت او سببا في عودة الخلافات وإطالة النقاش. من الأفضل مليون مرة ضياع الوقت الآن من حدوث خلافات حادة لاحقا حول تدابير اجرائية تعيق او تنسف الاتفاق الرئيسي، وهنالك الكثير من التجارب الإنسانية التي يمكن الاستدلال بها.

 

* المثال الثاني، المجلس التشريعي الذى اتفق الطرفان على تأجيل النقاش حوله الى حين تكوين المجلس السيادي ومجلس الوزراء. ولا اريد هنا تكرار ما قلته سابقا حول خطورة هذا التأجيل وتركه بدون اتفاق، خاصة أن التأجيل يأت من فراغ وإنما من تخوف البعض من تدخل المجلس في المؤسسات العسكرية التي يديرونها او السياسة الخارجية التي ينتهجونها، بالإضافة الى اعتراض البعض على الصيغة التي اتفق عليها، ووعدهم المجلس العسكري بتعديلها، وهم الآن في انتظاره ليفي لهم بوعده.

 

* يجب أن ينص الاتفاق النهائي على قيام المجلس التشريعي خلال وقت محدد، وكيفية الاتفاق على تكوينه، والجهة المخولة بذلك، خاصة ان المجلس العسكري لن يكون له وجود حينذاك، كما ان قوى الحرية والتغيير تحالف مؤقت لا يضمن أحد هل سيبقى كما هو ام يتغير. من الممكن جدا ان أن يصبح المجلس التشريعي موضع خلاف مستديم خلال الفترة الانتقالية، وربما يكون نقطة الضعف التي ستنسف الشراكة في المستقبل إذا لم يأخذ حقه كاملا في الاتفاقية قبل التوقيع عليها !!

* علينا ألا نستعجل التوقيع على الاتفاق قبل التأكد من وجود كل النقاط الضرورية فيه، وبوضوح شديد حتى لا يتسلل إليه الشيطان لاحقاً ويفسد كل شيء .. كما أن العجلة من الشيطان !!

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.