حيدر المكاشفي :فساد المخاليع يخلع

لا أدري لماذا تذكرت فجأة العبارة الشهيرة للمعلق الرياضي الشهير الرشيد بدوي عبيد (هيثم أدى أنقيدي باص خلعو)، وهيثم هو هيثم ولا أزيد وأنقيدي هذا كان محترفا بالهلال، ربما تذكرت العبارة لأنني ذهلت وانخلعت كما انخلع محمد أحمد الغالي رئيس لجنة حصر ومراجعة الشركات الحكومية من حجم الفساد الذي اكتشفه، ولا أراكم أعزاءنا إلا مخلوعين مثلنا من حجم الهبر والغرف والكسر والكوميشنس التي قصمت ظهر المال العام والممتلكات العامة الذي ولغ فيه مخاليع النظام المخلوع من قمة رأسه والى أخمص قدميه، فقد بدا الغالي مدهوشا ومخلوعا وهو يعرض ما كشفه من فساد في مؤتمره الصحفي الذي عقده قبل يومين.. من هذا الفساد المذهل الذي يزغلل العيون ويجعلك مذهولا منه، بيع أساطين فاسدي النظام المقلوع لمرافق حكومية بأثمان زهيدة توضح حجم التبديد الذي طال المال العام، ومن ذلك على سبيل المثال الفلل الرئاسية التي بيعت بمبلغ (50) مليون دولار لبنك ابو ظبي الوطني بينما قام البنك بتأجيرها للسفارة الامريكية بمبلغ (50) مليون دولار للعام الواحد.

ومصنع الحاج عبدالله بيع ب(32)مليون لمصنع جياد بعد تقييمه بسعر يفوق ال(94) مليون، وفندق كورال تم بيعه بـ (84)مليون دولار، هذا غير مرافق أخرى كثيرة تم بيعها بأسعار تقل كثيرا من سعر التقييم، بل أن بعض المرافق العامة تم بيعها بأسعار لا تساوي قيمة الارض المشيد عليها المرفق المعني، وفوق كل هذه البيعات الفاسدة كانت الرئاسة تصدر أحيانا توجيهات برسم الرئيس المخلوع بتخفيض نسبة 10% كحافز رئاسي..و(انتو لسه شفتو حاجة) فهناك فساد أفظع وأضل إلا وهو فساد الشركات الحكومية وفساد الأراضي وهو باب كبير في موسوعة فساد المخاليع لا تسعه كل صفحات هذه الجريدة لو أفردناها له..

ان الفساد في ظل النظام السابق فاق جميع عهود الحكم السابقة التي تعاقبت على السودان منذ التركية السابقة، ومن دلالة أنه فساد غير مسبوق ومن الوضوح بمكان، إنه لم يكن بالامكان إنكاره حتى من بعض سدنة النظام ومؤيديه، ومن الدلائل عليه أيضا أن السودان ظل باستمرار يسجل رقما متدنيا جدا في مؤشر منظمة الشفافية العالمية.ومن دلالات أنه فساد مؤسسي وممنهج التغييب المتعمد لمؤسسات وآليات المراقبة والمساءلة والشفافية والنظم الإدارية والمحاسبية الملائمة.

رغم الادعاءات والمزاعم عن الأسلمة والتأصيل وعن شعارات ربط قيم السماء بالأرض وخير من استأجرت وغيرها من شعارات كذوبة وضح أنها لم ترفع إلا ل(الخم) واتخاذ الدين مطية، ولتعبيد الطريق للغف والسف عمدوا إلى تقويض أو اضعاف المؤسسات والآليات الكفيلة بمكافحة الفساد، مثل رقابة البرلمان المنتخب عبر انتخابات حرة ونزيهة غير (مخجوجة) وعبر أصوات حقيقية غير مكرية، واستقلال القضاء والإعلام الحر المستقل، ولهذا انتهى النظام المباد إلى فساد شامل ومؤسسي، وانتهى أدعياء النقاء والطهر والأمانة إلى أكبر وأسوأ ناهبين للمال العام في تاريخ السودان الحديث.

الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.