اختتمت فى جوهانسبيرج بجنوب افريقيا أمس (الإثنين) اجتماعات القمة الأفريقية، التي ناقشت الأوضاع في بورندي والنزاعات الجارية في القارة السمراء وفي مقدمتها الصراع بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق بدولة جنوب السودان.
ومع انعقاد القمة لمناقشة هذه القضايا، نجد أن أحداث عارضة كتحرك المحكمة العليا ضد الرئيس السوداني المنتخب لولاية جديدة عمر البشير، ولكن في حالة (سلفا – مشار) نجد أن الرئيس المتوعك استطاع جذب الهالة والآلة الإعلامية قورن ذلك بقائد المعارضة الأبرز.
وغالب سلفاكير ميارديت مقاومة المرض، والشائعات التي تحدثت عن وفاته، ووصل إلى جنوب إفريقيا ليطمئن على ملف الجنوب في الأروقة الأفريقية وكذلك ليطمئن على صحته.
وتفيد متابعات (الصيحة) أن رئيس المعارضة الجنوبية د. رياك مشار وصل جوهانسبيرج قبل يومين من انطلاقة القمة، وانخرط في عدة لقاءات مع عدد من رؤساء الدول الإفريقية المشاركة في قمة الاتحاد الافريقي، وفي الصدد جلس إلى الرئيس عمر البشير وبحث معه مستقبل السلام في جنوب السودان، كذلك التقى بالرئيس التشادي ادريس دبي، ومؤكد أن مشار أعطى إشارات في لقاءاته لتصوراته والرؤى الخاصة بالأوضاع في الجنوب في أعقاب توقيع اتفاقية للسلام الشامل التي يتمنى أهالي الجنوب أن تتحول للحقيقة وذلك في أعقاب انهيار عدد من الاتفاقيات السابقة.
الجنوب داخل القمة
الأزمة في جنوب السودان كانت لها أولوية قصوى في أجندة قمة الاتحاد الافريقي، حيث يأمل الاتحاد في الانتقال بدوله من مربع الازمات إلى مربع صنع سياسة افريقية تصب في مصالح القارة ورفاهها.
ولكن لأن المقام كان للأزمة، أولت رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ددلامينى زوما، اهتماماً خاص بقضية دولة جنوب السودان وألقت باللائمة على أطراف النزاع في الأوضاع المأساوية التي وصل إليها الحال في الجنوب.
وقد وجه رئيس المفوضية انتقادات لاذعة للرئيس سلفاكير ونائبه السابق د. رياك مشار لاختيارهم الحرب عوضاً عن تخييرهم للحكمة، وقالت إنهم لم يظهرا حرصاً على على وقف دماء الشعب الجنوب. وتساءلت على ماذا يقتتلون في جنوب السودان وشعبهم عاجز عن دفن موتاه؟ وأضافت زوما فى حديثها امام القمة إن على الرئيس سلفاكير ونائبه مشار ان يختاروا الطريق الصحيح الذي يؤمن استقرار شعب الجنوب ووقف الدماء وإعادة اللاجئين واحتواء حالة النزوح الكبيرة لا سيما في معسكرات الأمم المتحدة.
بدوره طالب الاتحاد الافريقي اطراف النزاع في جنوب السودان بأن تكون الجولة المقبلة هي الخاتمة لمعاناة الشعب الجنوبي.
سلفا لم يصل جوبا
وفي السياق علمت (الصيحة) أن الرئيس سلفاكير مياردت مدد إقامته في جنوب افريقيا ولم يغادر نواحي العاصمة جوبا حتى وقت متأخر من مساء امس، ونوهت المصادر إلى أن سلفا في حاجة إلى اجراء بعض الفحوصات الطبية ليطمئن على صحته بعد أن شارك في قمة الاتحاد الافريقي.
خطاب مشار
تم تضمين الخطاب الذي قدمه رياك مشار في قمة الاتحاد الافريقي مسودة الحركة التي سلمتها لمنظمة الإيقاد في جولة التفاوض الماضية، وأعلن مشار تمسكهم بضرورة تطبيق الحكم الفدرالي في جنوب السودان، وصب جام غضبه على السلطات في جوبا وقال: إن السياسة غير الراشدة تسببت في أزمات الجنوب نافياً أي علاقة له بمحاولة انقلابية مزعومة ومؤكداً أن الفساد والتمييز بين القبائل وغياب الرؤية السياسية الراشدة، عوامل قادت جنوب السودان إلى الهاوية.
واشترط مشار أثناء مخاطبته قمة مجلس وزراء الخارجية للدول الافريقية بجنوب افريقيا امس اتخاذ النظام الفدرالي في حكم الجنوب وتقسيم جنوب السودان إلى (21) ولاية، وسيادة القانون بالإضافة الى المساواة بين قبائل الجنوب كافة وذلك لتحقيق استقرار دائم في دولة جنوب السودان.
وحث مشار القادة الأفارقة على تكوين لجنة قانونية ووطنية من المجتمع المدني وذلك لقيام موتمر دستوري جامع، والخروج بمسودة دستور دائم للبلاد في الحقبة القادمة. موضحاً بأن الأمر يحتاج الى ثقة كبيرة بين الأطراف.
جنوبيون مع البشير
ألقت قرارات المحكمة العليا في جنوب افريقيا ضد الرئيس السوداني عمر البشير بظلال كثيفة على القمة إذ اهتمت وكالات الأنباء ووسائط التواصل الاجتماعي خاصة الجنوبية بما يجري في كواليس القمة.
والتى شهدت حالة نقاش حاد بين الجنوبيين أنصار الرئيس سلفاكير وأنصار رياك مشار من جهة أخرى، فكان غالبيتهم انشغلوا بقضية قرار المحكمة العليا في جنوب افريقيا بخصوص الرئيس البشير وتركوا ما دار في قمة الاتحاد الافريقي حول وضعية الجنوب في المرحلة المقبلة، وكان غالبية أنصار رياك مشار يهللون من أجل عودة الرئيس البشير إلى الخرطوم سالماً غانماً بينما انهال انصار الرئيس سلفاكير ميارديت غضباً على النظام في جنوب افريقيا ومضى البعض لوصف الرئيس الجنوب افريقي بأنه قضى على حقوق الإنسان والديمقراطية بعدما أقلعت طائرة الرئيس البشير عائداً الى الخرطوم. وكان العديد من أنصار الرئيس سلفاكير داخل وسائل التواصل الاجتماعي يتوقعون عدم عودة الرئيس البشير إلى الخرطوم مرة أخرى.
ووصف خميس جيمس لوال في صفحته بالفيس بوك المحكمة الجنائية بأنها سيف مسلط على رقاب شعوب العالم الثالث.. وأضاف مرحباً بالبشير في أرضه وأهله وأثبت أنك أسد افريقيا.
أما داو يغينو داو فغرد قائلا: (سقطت جنوب افريقيا في امتحان الإنسانية، وسقط معها دعاة السلام والحقوق والإنسانية.. فارقد بسلام ايها الزعيم المناضل مانديلا فإن بلادك ليس كما يرام).
قوة للتدخل السريع
وفي قمة جوهانسبيرج أعلن رئيس نيجيريا، رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي “محمد بخاري”، أن المجلس اتخذ قرار تشكيل “قوات التدخل السريع الأفريقية”، للتعامل مع أزمات القارة، فيما لاقت الأوضاع في بورندي وجنوب السودان انتقادات حادة من القادة الأفارقة.
وقال بخاري، في كلمة افتتاح المجلس، في جوهانسبيرغ، ، إن بلاده تبرعت بـ 100 مليون دولار، فيما تبرعت الولايات المتحدة الامريكية بـ 30 مليون دولار، لتشكيل القوة الأفريقية. ووجه الرئيس النيجيري، رسائل تحذير إلى أطراف النزاع في بورندي وجنوب السودان.
بريطانيا تتدخل
عقب قمة جوهانس بيرج مباشرة تدخلت المملكة المتحدة بوصفها أكبر عضو في دول (الترويكا) من أجل وضع حد للحرب في الجنوب، وظلت بريطانيا تنشط بكثافة في المرحلة الماضية، وذلك من أجل إيجاد حل لوقف الحرب في جنوب السودان، وظلت الترويكا ممثلة في النرويج والولايات المتحدة، تمارس ضغوطًا مكثفة على اطراف النزاع إلا أنها جميعها لم تفلح في وضع حد للاقتتال الدائر في أعالي النيل وولاية الوحدة.
الصيحة