عبد اللطيف البوني: عَقَبَاتٌ في الطريق

(1)
بعد أدائه القَسَم، سأل أحد الصحفيين الدكتور عبد الله حمدوك، عن اختيار الوزراء، فقال له إنّ “ق ح ت” سوف تُرشِّح له ثلاثة أسماء ليختار واحداً منهم، ولكن إذا لم يجد فيهم الثلاثة المُواصفة التي يُريد، سوف يرفضهم، فشرط الكفاءة لا تنازُل عنه، وبهذا يكون حمدوك أوضح أنّ ولاية “ق ح ت” عليه لها حدود ولكن بصُورةٍ أوضح في لقائه التلفزيوني مع الأستاذ فيصل محمد صالح قال حمدوك: نعم “ق ح ت” هي التي أتت به، ولكنه يرجوها أن تترك له براحاً يتحرّك فيه لأنّه سيكون هو المسؤول.

قبل هذا وذاك، يَبقى تَصريحه في المَطَار بأنّه سيكون رئيس وزراء كل السودان هو الحاسم، وبذا يكون حمدوك مُنتبهاً جداً لأوّل تحدٍ يُمكن أن يُواجهه وهو كيفية تَعَامُل “ق ح ت” معه, هل سَتسَعى للاستحواذ عليه؟ هل تُريده طَوع بَنَانها؟ هل سيكون مُندمجاً معها أم مُستقلاً في سياسته؟ هل يُمكنه الاستغناء عنها أم لا بُدّ له من الاعتماد عليها..؟

(2)
الخوف كل الخوف أن تعيد “ق ح ت” سيناريو القصر والمنشية الذي عَانَى منه النظام السابق في عشريته الأولى، إذ كانت هُناك حُكومتان، الأولى حكومة الشيخ في المنشية، والثانية حكومة البشير في القصر، فَكَان الصِّراع بينهما حتمياً وفي النهاية كانت المُفاصلة وما تبعها من تطوُّراتٍ معروفةٍ للجميع، فإذا مَا حَـاولت “ق ح ت” كُلّها أو بعضها وضع حمدوك في قضيبها سيكون الوضع أسوأ بكثيرٍ من صراع القصر والمنشية، لأنّه في حالة “ق ح ت” ستكون هناك عشرات المنشيات، في قاردن سيتي وفي العمارات وفي الخرطوم اتنين وفي الملازمين و… و… وعندما يتكوّن المَجلس التشريعي سوف تزداد الأمور سُوءاً.
خلاصة القول هنا، إذا لَم تَترك “ق ح ت” حمدوك وحكومته وَسَعَت لأيّة درجة من درجات الوصاية عليه، سوف ينتهي أمر حمدوك وأمر حكومته، لا بل كل مصير الفترة الانتقالية إلى صفر كبير

(3)
التحدي الثاني أمام حمدوك، فهو تحدٍ تنظيمي بمعنى ما هي أولويات حكومته، فوضع حمدوك مُختلفٌ عن سر الختم الخليفة وعن الجزولي دفع الله، حيث كان كل المطلوب من حكومتيهما تَسليم الحكم لحكومةٍ مُنتخبةٍ، ففترة حمدوك الانتقالية وضع على كاهلها مهام تأسيسية كتحقيق السلام، وتجاوُز الأزمة الاقتصادية، وبناء الديمقراطية، وتمتين الوحدة، ومُحاسبة المُفسدين، فالاخفاق في كل هذة المتلازمات شكّل دائرة خبيثة لا بُدّ من قطعها لتمضي الأمور في خطٍ مُستقيمٍ، وهُـنّا لا بُدّ من العمل في كل الاتّجاهات في وقتٍ واحدٍ، فمفوضية السَّلام صاحبة الاولوية يُترك لها أمر السَّلام، والأجهزة العَدلية يُترك لها المُحاسبة ومُكافحة الفساد، أمّا منشار حمدوك الشخصي فيجب وضعه في عُقدة الاقتصاد لأنّ هذه هي (الحِتّة) التي يملأ يده منها، فإذا شَـقّ هذه العُقدة سوف تنقطع الدائرة الخَبيثة ويظهر الخط المُستقيم، وساعتها سوف تتساقط حبّات الدومنيو الأخرى من حرب أهلية ووحدة مُهترئة وديمقراطية مُترنِّحة.

يقول اهل المُوسيقى إذا أردت إجَادَة العَزف عليك بالقطعة المُوسيقية التي تجد نفسك فيها وألعب عليها وحدها، وبعدها سوف تجد نفسك مُوسيقيا كامل الدسم ، فمعزوفة حمدوك وموقع إبداعه هو الاقتصاد، وأُس البلاء في البلاد هو الاقتصاد..

 

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.